إعلانات

محمد بازوم أول رئيس عربي للنيجر

خميس, 27/07/2023 - 04:32

 

 

محمد بازوم سياسي نيجري ذو أصول عربية ليبية تعد من الأقليات في البلاد، وهو حليف مقرب لفرنسا، ولد في الأول من يناير/كانون الثاني 1960، وشغل العديد من المناصب العليا في حكومة الرئيس محمدو إيسوفو، فكان وزيرا للخارجية والداخلية والشؤون الدولية. تولى عام 2021 رئاسة النيجر، وكان أول رئيس من دون انقلاب عسكري، كما أنه أول عربي يرأس بلاده.

واحتجز جنود من الحرس الرئاسي بازوم يوم 26 يوليو/تموز 2023 داخل القصر الرئاسي في العاصمة النيجرية نيامي، ومنعوا الوصول إلى مقرات الوزارات الواقعة بجانب القصر.

وتعد النيجر من أكثر دول العالم التي شهدت انقلابات في تاريخها المعاصر، إذ سجلت 4 انقلابات منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، فضلا عن العديد من محاولات الانقلاب الفاشلة، كانت إحداها قبل تنصيب بازوم بيومين.

ووقع آخر انقلاب في الدولة الأفريقية في فبراير/شباط 2010، وأطاح حينها بالرئيس مامادو تانجا.

 

المولد والنشأة

ولد محمد بازوم ("أبو عزوم" كما يطلق عليه أصدقاؤه) في الأول من يناير/كانون الثاني 1960، في منطقة ديفا أقصى جنوب شرقي النيجر، قرب الحدود مع نيجيريا، وقد نالت البلاد استقلالها عن فرنسا بعد 8 أشهر من ميلاده.

ينحدر بازوم من قبيلة أولاد سليمان العربية التي يقطن فرع منها النيجر، بينما تتركز غالبيتها في جنوب ووسط ليبيا، وتنحدر أصولها من قبائل بني سليم العربية العدنانية القيسية وسط الجزيرة العربية.

 

وقد أشار بازوم إلى أن جده الأكبر وصل إلى النيجر خلال أربعينيات القرن الـ19، وحاول منافسوه استغلال هذا الانتماء القبلي ضده خلال الانتخابات الرئاسية، واتهموه بأنه من أصول أجنبية.

يتقن بازوم عدة لغات، من بينها العربية والإنجليزية والفرنسية والهوسا والتوبو والكانوري. وهو متزوج من السيدة خديجة بن مبروك.

الدراسة والتكوين العلمي

درس بازوم مراحله الأساسية في النيجر، وحصل على شهادة الثانوية عام 1979، ثم توجّه إلى دكار عاصمة السنغال لدراسة الفلسفة الأخلاقية والسياسية في جامعة دكار (جامعة الشيخ أنتا ديوب)، التي كانت آنذاك أكبر جامعة في غرب أفريقيا، ومن ثم أُطلق عليه "الفيلسوف" لدراسته الفلسفة، وفي تلك الفترة لفت الأنظار بميوله اليسارية خلال نشاطه الطلابي، ثم عمل مدرسا لدى عودته إلى بلاده.

التجربة السياسية

دخل بازوم عالم السياسة مبكرا، فلم يكد يتجاوز الثلاثين من عمره حتى تولى منصب وزير الدولة للتعاون في الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء أمادو شيفو في الفترة من 1991 إلى 1993.

وفي انتخابات أبريل/نيسان 1993 انتخب لعضوية الجمعية الوطنية مرشحا للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ثم شغل منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون والتكامل الأفريقي والنيجريين في الخارج بحكومة حمة أمادو في 21 يناير/كانون الثاني 1995.

 

كان لبازوم علاقة تاريخية طويلة بالرئيس المنتهية ولايته محمدو إيسوفو، فقد شارك معه في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي الاجتماعي عام 1990، ثم صار نائبا للحزب عام 2004، ثم تولى رئاسته عام 2011 بعد تولي إيسوفو رئاسة الجمهورية، وفقا للشرط الذي يقضي بأن رئيس الدولة لا يشارك في السياسة الحزبية.

انتخب 4 مرات نائبا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أعوام (1993، و2004، و2011، و2016) عن دائرة تيسكر بمنطقة زيندر جنوب شرق البلاد، ثم انتخب نائبا لرئيس مجلس الأمة ورئيسا للكتلة النيابية لحزبه.

 

انتقل بازوم إلى منصب وزير الدولة برئاسة الجمهورية يوم 25 فبراير/شباط 2015، ومنحته هذه الخطوة فرصة التركيز على قيادة الحزب تحسبا لمسعى إيسوفو لإعادة انتخابه عام 2016.

انتخب بازوم عضوا في المجلس التشريعي بالانتخابات النيابية في فبراير/شباط 2016، وبعد أن أدى إيسوفو اليمين الدستورية لولاية ثانية، عُين بازوم وزير دولة للداخلية والأمن العام واللامركزية والشؤون العرفية والدينية يوم 11 أبريل/نيسان 2016، وظل يشغل المنصب حتى صيف 2020، عندما استقال من منصبه للاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية.

يشهد له السياسيون الذين اقتربوا منه بأنه كان وزيرا فاعلا في الشؤون الخارجية، وصاحب قبضة مهيمنة خلال توليه منصب وزير الداخلية، إذ يحفظ ويعي جيدا طبوغرافيا بلاده وقام بمسح كل زاوية وركن فيها.

 

بازوم رئيسا

وفي أبريل/نيسان 2021 أدى بازوم اليمين الدستورية ليعين رئيسا للبلاد في حدث سياسي نادر في تاريخ النيجر منذ استقلالها عن فرنسا، إذ نقلت السلطة سلميا من رئيس مدني منتخب ديمقراطيا إثر انقلاب عسكري (محمد إيسوفو) إلى آخر، وذلك بعد إنهاء إيسوفو فترتين رئاسيتين من دون تعديله الدستور من أجل أن يحظى بثالثة ومن دون انقلاب عسكري بعد 4 انقلابات منذ الاستقلال. وقد نُصِّب بازوم بعد يومين من إحباط محاولة انقلاب عسكري.

وشكّلت هذه الانتخابات التي انتهت جولتها الثانية يوم 21 فبراير/شباط سابقة غير مألوفة في البلاد سمحت بصعود رئيس من الأقلية العربية في بلد تحكمه العصبية القبلية. وأدى بازوم اليمين في المركز الدولي للمؤتمرات في العاصمة نيامي بحضور عدد من رؤساء الدول الأفريقية.

 

وحقق بازوم فوزا صعبا وحصل على 2.5 مليون صوت، مقابل 1.9 مليون صوت لصالح خصمه ماهامان عثمان، أي أكثر من 55% من الأصوات، وقال بازوم بعد أدائه اليمين الدستورية إن النيجر "تواجه وجود مجموعات إرهابية تجاوزت همجيتها كل الحدود" وتقوم "بارتكاب مجازر بحق المدنيين الأبرياء على نطاق واسع وترتكب أحيانا جرائم حرب حقيقية"، وأضاف أن قادة المجموعات الإرهابية "يخضعون لسيطرة دول أخرى".

وكانت توجهات بازوم التي أعلنها يوم تنصيبه التركيز على ثروات بلاده المعدنية لما يمكن أن تساعد في تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 8% تقريبا خلال 5 سنوات، ورغم ذلك فإنه أكد أن تحديات المناخ والأمن تعوق التنمية.

وأضاف أن مشكلة النيجر الأساسية منذ استقلالها ضعف نظامها التعليمي، وأكد أنه سيجعل إصلاح النظام التعليمي والأمن أولوية له.

بازوم خلال افتتاح مصفاة دانغوت للبترول والبتروكيميائيات في لاغوس بنيجيريا يوم 22 مايو/أيار 2023 (الفرنسية)

ومن التحديات التي واجهت بازوم إبان تسلمه الرئاسة قضية الهجمات الجهادية المستمرة من تنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" غربي البلاد على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وجماعة "بوكو حرام" النيجيرية في شرق البلاد، لكنه أعلن تخطيطه تعزيز الأمن في النيجر بالتعاون مع الدول المجاورة وفرنسا وأميركا.

اتهامات

تقدمت شخصيات معارضة بطلب إلى المحكمة الدستورية (أعلى قضائية في النيجر) متهمة محمد بازوم بتزوير جنسيته النيجرية، وقالت إنها لن تعترف بفوزه بالرئاسة وستستمر في الاعتراض على نتائج الانتخابات.

وقد أثارت هذه القضية غضب بازوم خلال الحملة الانتخابية، لكن معاونيه اعتبروا الأمر "تافها ولا يستحق"، وأشاروا إلى أن والد منافسه من تشاد. وقد رفضت المحكمة طلب شطب ترشيحه.

ومن الاتهامات الأخرى التي طالته كانت قبل إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات بفترة وجيزة، إذ زعمت حملة منافسه ماهامان عثمان (أول رئيس منتخب في البلاد) وقوع عمليات تزوير واسعة النطاق، بما في ذلك سرقة صناديق الاقتراع وحشوها وتهديد الناخبين. وقال مساعدو بازوم إن حملة المرشح المنافس لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم.

 

وقد كان عثمان يأمل في الفوز بالرئاسة للمرة الثانية، مدعوما بقبيلة الهوسا القوية التي ينتمي إليها، والتي يمثل أفرادها -وفقا لتقديرات- نحو 50% من إجمالي السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية