إعلانات

(موسم الغرق)... افتتاحية حزب "الصواب"

أحد, 31/07/2022 - 03:58

الصفحة الرسمية لحزب الصواب

افتتاحية الأحد 31/07/2022

 

في دولٍ كثيرة من العالم توجد وزارات بكاملها باسم وزارة الطوارئ ومواجهة الكوارث الطبيعية ، وهو أمر يدخل في صميم الحكامة الصحيحة والرؤية الاستشرافية وتزداد الحاجة اليه في دول ضعيفة البنية التحتية وقليلة الوعي المجتمعي بالتغيرات المناخية المتلاحقة على عموم الكرة الارضية.

موريتانيا الآن تواجه اغلب مناطقها حالات طوارئ شديدة الخطورة كما هو حالها في كل موسم خريف، وتشير التوقعات المناخية بغزارة تساقطاته لله الحمد هذا العام بعد سنوات من الانحباس والشدة واللأواء..

واغلب حالات الطوارئ المسجلة في الأسابيع الماضية على عموم التراب الوطني مستوفية شروط التهديد المباشر لحياة السكان وصحتهم وممتلكاتهم والبيئة التي تحيط بعيشهم الطبيعي: عشرات الغرقى من الآدميين وإن اضطربت الاحصاءات في معرفة أعدادهم الفعلية فإنها تؤكد ارتفاع نسبة الاطفال بينهم ، ونفوق آلاف المواشي وانهيار عشرات السدود وغمر المياه لمدن بكاملها وجرف خطوط المواصلات المهترئة أصلا أو المعدومة، يزيدها سوءًا ممارسات سكن المواطنين الفوضوية واستخدام الأراضي العشوائي ويرفع مخاطر الفيضانات وتيرةً وحجمًا..فليس من الاجباري ان تترافق فرحتنا بموسم كل خريف باحداث تجعلها متشحة بالسواد.

أحيانا غرق مدن بكاملها كما حدث في الطينطان 2008 وتوقف الحياة في تجمعات سكانية كبيرة كما حدث في سيلبابي 2019… موسم تتحول فيه موريتاني كلها إلى مخلوق أينما لمسته يسيل دمه، نتيجة لعقود من الفساد، وعقود من الاختلالات في الإدارة والتسيير وعقود من سياسة اللاعقاب، وعقود من الاهتمام بالواجهة وترك العمق متعفناً…

الفيضانات قدر من الله لكن الإهمال وغياب وسائل الإنقاذ وتهالك الطرق والسدود وغياب السكن اللائق في اغلب مدننا جعلت حصيلتها كبيرة هذه السنة ولا يزال موسم الخريف في بدايته .

لقد حان الوقت لأن تتحرك آليات المحاسبة والمراقبة وتحريك المسؤولية الجنائية عن التلاعب بحياة بسطاء الناس، وألا نفتح في كل حادث عزاء وبعده نغلق الملف وننتظر كارثة أخرى، غير مستفيدين من اخطاء الماضي فيما تعلق بفساد صفقات الطرق والبنية التحتية التي ابتلعت ميزانيات هائلة دون محاسبة.

لن يكون حل المشكلة في إصلاح جسر هنا وردم حفرة هناك وتوزيع حصص طحين هزيلة ولا في الاعتماد على مبادرات بعض الخيرين المحليين لمواساة الاهالي المنكوبين فذلك يفوق طاقات وامكانات الافراد و هو مسؤولية الدولة والحكومات ، وإذا لم تقم الدولة بمسؤلياتها ستبقى أربعة أخماس من وطننا تعيش في زمن ما قبل ظهور الدولة ، منسية من رحمتها، بلا حقوق سوى الحق في انتخاب رئيس بلدية فاسد أو برلماني يبحث عن مصالحه كل خمس سنوات.