إعلانات

داعية اللاعنف.. وفاة المفكر السوري جودت سعيد عن عمر ناهز 91 عاما

اثنين, 31/01/2022 - 01:51

كان أول ما كتبه سعيد في مطلع الستينيات "مذهب ابن آدم الأول" وهو يناقش مبدأ عدم العنف وعلاقته الجذرية بالإسلام، ولم يكتب سعيد كتابه إلا بعد أن اعتقل على خلفية نشاطه الفكري، وبعد تجربة الاعتقال شعر بأن من الضروري توثيق بعض الأفكار التي كانت تلوح له، خاصة المتعلقة بعدم العنف.

 

المفكر السوري الراحل جودت سعيد ولد في قرية بئر عجم التابعة لمحافظة القنيطرة (جنوبي سوريا) عام 1931 ودرس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف (الفرنسية-أرشيف)

أعلنت في تركيا اليوم الأحد وفاة المفكر السوري جودت سعيد، عن عمر ناهز 91 عاما، وفق ما ذكرته صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام سورية.

وأعلنت صفحة على موقع فيسبوك تحمل اسم جودت سعيد -باللغات العربية والتركية والإنجليزية- خبر وفاته فجر الأحد، مضيفة أنه "لم يتم تحديد موعد الجنازة ومكانها بعد".

وعقب شيوع خبر الوفاة، نعى عدد من المفكرين والسياسيين والعلماء السوريين المفكر سعيد.

وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض السابق معاذ الخطيب في تدوينة "المفكر الإسلامي الأستاذ جودت سعيد في ذمة الله".

وأضاف "داعية السلم والسلام، وما أحوج كل السوريين إلى سلم يضمهم جميعا، رائد المقاومة المدنية في سوريا والمقاوم العنيد لكل أنواع الظلم، ومنذ بدايات شبابه اعتقل وعذب واضطهد فلم يغير طريقه، رحمك الله وعظم أجر أهلك ومحبيك وخلف السوريين بعدك بخير".

في حين قال الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين علي القره داغي -عبر صفحته الرسمية في فيسبوك- "المفكر الأستاذ جودت سعيد رحل عن دنيانا فجر اليوم، كان من أعظم تلاميذ المفكر الجزائري مالك بن نبي (1905-1973) رحمهما الله تعالى".

وأضاف "كان من مؤسسي المقاومة المدنية، كما كان وفيا لمبادئه مصرا على رفض الظلم والاكتفاء بالتشكي، بل لابد من تحمل المسؤولية، رحمه الله تعالى وغفر له وأسكنه فسيح جناته".

وغرّد رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة أنس العبدة عبر تويتر "رحم الله الشيخ والمفكر جودت سعيد رحمة واسعة، كان فريدا في أفكاره ومواقفه واستنهاض ما في العقل والإنسان من قدرة وطاقة".

وأضاف العبدة معددا مناقب الراحل "دعم السلام واللاعنف، وواجه الظلم بقوة الحرية ودفع ثمن ذلك غاليًا، لم تُغيره المِحَن، كسب احترام الناس وثقتهم، ففكره مساحة حرة للناس بكل توجهاتهم ومعتقداتهم".

 

سيرة داعية اللاعنف

ولد المفكر والفيلسوف الإسلامي جودت سعيد في قرية بئر عجم، التابعة لمحافظة القنيطرة (جنوبي سوريا) عام 1931، درس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف.

وللراحل العديد من المؤلفات، أبرزها "حتى يغيروا ما في أنفسهم"، و"مذهب ابن آدم الأول"، و"فقدان التوازن الاجتماعي"، و"العمل قدرة وإرادة".

ويعد جودت سعيد -الذي يتحدث اللغتين العربية والشركسية- من أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين الذين يشكلون امتدادا لمدرسة مالك بن نبي ومحمد إقبال.

وفي كلمات سابقة له أكد الراحل أنه "لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع تغيير قناعات وأفكار أحد باستخدام الضغط والقوة، وأن القرآن يوصينا بعدم استخدام الإكراه في الإقناع"، مشيرا إلى أن "الضغط يولد ردود فعل قوية".

وأفاد بأنه "يجب حل المشاكل والصعاب بالطرق الحضارية، وليس باستخدام القوة. المسلمون ليسوا الوحيدين الذين تركوا سوريا، بل اضطر العديد من شعوب الطوائف والمذاهب الأخرى إلى ترك قراهم ومغادرة البلاد، ويعانون من أزمة كبيرة بسبب الضغط الذي وقع عليهم لتغيير قناعاتهم وأفكارهم".

وقال سعيد أيضا "المجتمعات المظلومة والمقهورة تعرف معنى كلمة العدالة أكثر من غيرها، وإن عصر انتهاك الأنظمة لحقوق الشعوب انتهى"، مشيرا إلى أن "الدول الأوروبية استطاعت أن تحل مشاكلها بدون استخدام السلاح أو القوة".

الثورة السورية

وفي سبتمبر/أيلول 2011، دعا جودت سعيد المتظاهرين السوريين إلى التمسك بسلمية التحرك، وأكد عدالة مطالبهم بوصفهم "خلفاء الله في الأرض"، وأوصاهم بقوله "لا تسبوا ولا تضربوا ولا تهربوا، اثبتوا وقولوا لا إله إلا الله".

 

وكان أول ما كتبه سعيد في مطلع الستينيات "مذهب ابن آدم الأول" وهو يناقش مبدأ عدم العنف وعلاقته الجذرية بالإسلام، ولم يكتب سعيد كتابه إلا بعد أن اعتقل على خلفية نشاطه الفكري، وبعد تجربة الاعتقال شعر بأنه من الضروري توثيق بعض الأفكار التي كانت تلوح له، خاصة المتعلقة بعدم العنف.

وفي حديث سابق للجزيرة نت، أوضح سعيد أن الشباب هم الذين طالبوا بالديمقراطية والحرية وعدم الإكراه في الدين وليس أساتذتهم، وقال إن العالم العربي لا يوجد فيه علماء دينيون ولا علمانيون، مضيفا أن أستاذ الجامعة وإمام الجامع لا يؤديان الدور المطلوب منهما.

ويعتقد أنه لو قام الأساتذة بدورهم في تحرير الإنسان لما وجد الاستبداد، ولما كان الحاكم يفرض نفسه "أنا ربكم الأعلى"، والمفروض أن يحتكم للانتخابات وأن يرجع إلى بيته إذا فشل، موضحا أن قصة فرعون أطول قصة في القرآن الكريم، لأنها وثيقة الصلة بواقع السلطة والحكم، وكل الآيات التي وصفت فرعون تنطبق على الدكتاتوريين في العالم العربي، وفق رأيه.

المصدر : الجزيرة + الأناضول