إعلانات

افتتاحية  الصواب ( استكمال التأميم )

جمعة, 07/01/2022 - 20:14

افتتاحية  الصواب ( استكمال التأميم )

منذ انتزاعها 1974 من انياب الشرائك المتعددة الجنسية بقيادة اليهودي الالماني روتشيلد: واضع سككها الحديدية ، لم تتخذ موريتانيا قرارا بحجم ووطنية قرار مدير الشركة الحالي القاضي بتعريب معاملاتها، بل ظل مضمون التاميم نصف قرن من الزمان يسير وفق اكليشات ( الاستقلالات) الرائجة في منطقتنا ذات الطابع الانتحاري للهوية والنقيض لكل خطوة تنموية أو اقتصادية جادة تفك ارتباط خيراتنا بصلب المصالح الاستعمارية الفرنسية القائمة اصلا على أنين ومعاناة أصحاب الارض والثروة المنهوبة والكرامة الثقافية واللغوية المداسة من طرف مستعمريهم وناهبيهم .

في سنة 1975 بعيد عودته من أول زيارة لرئيس فرنسي للجزائر بعد استقلالها قال جوسكار دستيه مخاطبا أصحاب الاقدام السوداء (اي المستوطنين الفرنسيين الذين نزحوا من الجزائر بعد استقلالها) : لقد رأيت ستائركم المسدلة ونوافذكم المغلقة ومنازلكم الحزينة ..وكان يتحدث تحت صدمة مباشرة لخطاب وجهه الراحل هواري بومدين عند وداعه باللغة العربية بعد قيام بروتوكوله الرئاسي باستبدال السيارة الفرنسية (سيتروان) الشهيرة بسيارة مرسيدس الألمانية وتوجيه رسالة اخرى غير مشفرة أن الجزائر لن تكون مستعدة لباريس الا اذا اعتمدت مبدا احترام الهوية المتبادل ومبدأ السيادة في اختيار قواعد الشراكة اللائقة بكل طرف، بعيدا من روح الوصاية التي طبعت علاقتها ببقية مستعمراتها في شمال وغرب القارة الإفريقية.

لا شك ان رؤساء فرنسا كانوا مجمعين على ضرورة الدفاع الظالم عن حقوقٍ غير مشروعة لمواطنيهم في مستعمراتهم السابقة كما رأينا في حزن دستيه على حال المستوطنين في الجزائر بعد امتصاصهم لها أكثر من 150 سنة وكما هو حاله مع عمال وأطر فرنسا في شركة ميفيرما قبل التاميم، وبعده .. ولا شك انه وضع ذلك في الاعتبار واتخذ ما يضمن لهم تلك المصالح غير المشروعة ليبقى حالهم بعد التاميم هو حالهم قبله.

فكانت ميفيرما ما قبل التأميم تقيم حائطا عنصريا بين مساكن الأوربيين العاملين بها للفصل بينهم مع عمالها الموريتانيين، وأكثر من ذلك كانت تدفع علاوات خاصة للأوربيين المحاذين لهذا الجدار تعويضا لهم عن قرب (الجار السيئ) الذي يسكن خلف الجدار!! وفِي العهد الوطني نُزِعَ جدار الاسمنت الظاهر وحل مكان جدار الرواتب العالية والامتيازات والعناية واستمرت ادارات اسنيم ( الوطنية ) في إعلانات اكتتابها مصحوبة بتأكيد روتيني ثابت هو أن لغة العمل الحصرية هي اللغة الفرنسية، رغم ان هذه اللغة لا تستخدم في اي من الشرائك الاربعة عشر عالميا في انتاج الحديد قبل موريتانيا (الصين، لبرازيل، استراليا، الهند، روسيا، أوكرانيا، الولايات المتحدة، جنوب إفريقيا، كندا، السويد، فنزويلا، إيران، كازاخستان، المكسيك).

وهذه النقطة ( نقطة لغة العمل) تحديدا لا غيرها هي ما كانت تهم وتؤرق جوسكار دستيه ومن تبعه من رؤساء الدولة الفرنسية عملاً منهم بمقولة الجنرال ديكول ( تصنع اللغة الفرنسية لفرنسا ما لم يصنعه لها الفرنسيون) .

فهنيئا لادارة الشركة الوطنية للمناجم بهذه الادارة الجديدة الوطنية فعلا وروحا حين ابت لها الهمة والشرف رضوخ القطيع لسكين الجزار وأوقفت نزيف استمرار إدماجنا القسري في نمط ثقافي استعلائي يعزز إنتاج الانصياع الداخلي والعبودية الخارجية للغة دولة نحتفل كل سنة بخروجنا عن نيرها ونعتز بما قدمناه في سبيل ذلك من شهداء وتضحيات جسام، ولا تشكل لغتها الْيَوْم غير جلوس القرفصاء في ذيل الخيارات اللغوية العالمية التي تتصدر مقدمتها لغتنا الوطنية ولغة ديننا الاسلامي الحنيف.