إعلانات

حين يتلاعب الإعلام بالعقول ..! / د.عبد الله السيد

اثنين, 11/01/2021 - 00:16

 

فكرت في واقع مهنة الإعلام الآن، وتذكرت المراحل السابقة التي كانت لدينا فيها إذاعة واحدة مسموعة، وجريدة مقروءة، وتبين لي مدى التغير والتبدل الذي يشهده هذا القطاع… فضائيات وإذاعات كثيرة تبث ما شاء الله لها أن تبث، ومواقع وجرائد ومدونون ومدونات ومجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي يصعب حصرها أحرى متابعة رسالتها.
بطبيعتي متفائل، مؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، واثق بأن العمل الجاد والاجتهاد الجاد مؤجوران، لكنني أشفقت على لجنة إصلاح قطاع الإعلام، وعلى القطاع معا، وتذكرت يوم تشكيلها ما قاله أحد رجال الصحافة ساخرا بأن العرب حين يريدون صرف الأنظار عن قضية يشكلون لها لجنة.
وأرى أن واقع المهنة الآن يتجاذبه عائقان:
داخلي بموجبه أضحت المهنة ممارسة اجتماعية، يعتاش عليها كثير من الناس، بقيم متباينة، وممارسات مختلفة؛ الأمر الذي يجعل إصلاح القطاع صعبا، ويحتاج صبرا؛ لأن الممارسة حين ترتبط بالقيمة والسلوك لا تتبدل بالقرار. الثاني عالمي تقني بسببه تزداد ميعة القطاع، وهو تطور تقنيات الاتصال، وسهولة النفاذ إلى ممارسة المهنة؛ حيث أضحى كل فرد يمتلك هاتفيا ذكيا قادرا على ممارسة المهنة بالشكل الذي يريده، ووفق مؤهلاته، وأخلاقه.
وقد نتج عن كل ذلك أمران:
الأول: زيادة قدرة الإعلام على التلاعب بعقول الناس، وتوجيه آرائهم الوجهة التي لم تعد لقوانين الرقابة القدرة على الوقوف في وجهها.
الثاني: زيادة خضوع النخب المختلفة لسلطة الإعلام؛ الأمر الذي جعل التودد إليه الأسلوب الأمثل “للحكمة” السياسية. ولعل هذا ماجعل الإعلام عندنا يحظى وحده بتشكيل لجنة لإصلاحه.
وقصارى القول فإننا نحتاج الآن أن نكون دولة قبل حاجتنا إلى أن نصير ديمقراطية “يحتذى” بحرية الإعلام فيها في المنطقة، وحين يتم ذلك ستختفي ظاهرة “الكزرة” فيبقى القطاع لأصحابه، وعندها فقط يمكن إصلاحه.
ما يتم الآن من “حرية” للإعلام، ومن ممارسة له، ومن دعم له، مؤذن فقط بإثارة الفتن والنعرات، مهدد لكيان الدولة.