إعلانات

21,915 يوما

سبت, 28/11/2020 - 22:08

د. عبد الله محمدن امون (*)

 

 

إنه بالفعل يوم استثنائي، لقد صادف يوم الإثنين وكان ترتيبه في أيام تلك السنة هو 333، أليس هذا رقما مميزا بمفهوم ولغة الأرقام

لكنه كان أيضا مميزا بمفهوم الحرية والسيادة، إنه يوم استقلال وانعتاق الوطن من ربقة الإستعمار الفرنسي البغيض

هل تعلمون ان 21,915 يوما مضت من عمر الوطن حتى ذلك اليوم؟ نفس العدد من الشروق والغروب تعاقبا على ماء الوطن ويابسته

تصورا أن البدر مكتملا أطل من عليائه 742 مرة على خريطة الوطن مستغربا من هذا الشعب الذي يسير على طريق البناء بسرعة سلحفات كسيح

ستون سنة هي عمر ليس بالقصيرة بحساب الزمن، لكن هل رافقته إنجازات تبرر مضيه إلى غير رجعة

سنون سنة من عمر الوطن إنقضت ولن تعود حتى قيام الساعة، لو اعتبرنا الوطن شخصا عاديا ينام بمعدل ثمان ساعات في اليوم فمعنى ذلك أنه ظل صاحيا طوال 14,610 أيام، فما الذي انجز خلال هذه الصحوة الطويلة؟

أين علامات النهضة والتقدم المعرفي المتمثلة في المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحث العلمي؟

أين حقوق المواطن الذي تنازل طوعا أو كرها عن حقه في تسيير البلد تاركا إياه لمن قدموا أنفسهم على أنهم حاملوا هموم الشعب ومحققوا أحلامه، أين حقوق هذا المواطن في الصحة والتعليم والتوظيف والرفاه الإجتماعي

أين معالم البنية التحتية للمدن الحديثة من أبراج وجسور وحدائق عمومبة؟

لا يقل لي أحدكم إننا بلد فقير، بقياس هبات الطبيعة فكلكم يعلم أن تلك كذبة تفوق حجم كذبة إبريل

وحتى لو كنا فقراء وتناسينا السمك والحديد والذهب والنحاس والنفط والغاز واليورانيوم والتربة النادرة وحتى الرمال العادية التى تستوردها بعض الدول، فهل يعتبر ذلك عذرا لبقائنا في القاع رغم تعاقب السنين؟

متى كان وجود أو انعدام الثروات الطبيعية معيارا لنهوض الإمم وازدهار اقنصادياتها وتقدم شعوبها؟

ماذا تملك اليابان من ثروات طبيعية جعلها تصل إلى ما وصلت إليه؟

اليست سنغفورة عيارة عن قيعان سبخة لا تصلح للزراعة ولا للبنيان ومع ذلك خرجت من "خد الدنيا الأقصى" بالعلم والمعرفة

كيف نبرر عجز أربعة ملايين نفس تتربع على مليار متر مربع من الأراضي الصالح معظمها للزراعة عن توفير حبة طماطم.

من يتحمل مسؤولية ما نحن عليه بعد أن بلغ مواليد الاستقلال أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما زلنا - بلغة الإنجازات - نحبوا إن لم نقل إننا مصابون بالشلل؟

أيعقل أن أرحام الموريتانيات لا تلد رجالا رشداء يحققون للمواطن المحبط أبسط معايير الكفاف ولا أقول العيش الكريم؟

أنا لست بدعا ممن كتبوا عن مشاكل وهموم الوطن والمواطن بحيث أقدم حلولا سحرية جاهزة، لكني أعتقد جازما إن الحل لن يأتي من القمة، إذا لم نصلح القاعدة فلن تتغير القمة،

الشعب الموريتاني يحتاج إلى عملية "إعادة تشغيل" Restart يحتاج إلى إعادة "ضبط المصنع" تعيده إلى الطريق الصحيح لبناء الدول.

 

___

دكتوراه في الاقتصاد، أديب ومثقف موريتاني مقيم بالإمارات