إعلانات

بعثيو موريتانيا.. نعي ومواساة وخيمة شنقيطية للعزاء في عزة إبراهيم الدوري

خميس, 29/10/2020 - 21:05

ملف:

نظم الحزب مساء الْيَوْم خيمة عزاء للرفيق القائد عزت ابراهيم الدوري الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي خيمة العزاء الذي قصدها منذ الساعات الاولى لظهيرة الْيَوْم عشرات المعزين من كل الطيف السياسي والفكري الموريتاني ومناضلات ومناضلي الحزب.

توافد المعزون لتقديم تعزية الشعب الموريتاني في احد قادة ورموز النضال والمقاومة، قائد ظلّ في ارضه يواجه العدوان الغاشم ويدفعه الى ان لقي ربه ودفن في أرضه الطاهرة .

لم تمنع المعزين اليوم حرارة الجو وظروف الانشغالات المصاحبة لإحياء ليلة المولد النبوي الشريف التي تشرفت مناسبة العزاء بدخول ساعاتها

الأولى وهي مستمرة، واستمر المعزون الى هذه اللحظة( العاشرة ليلا ) يدونون مشاعر حزنهم وذكر مناقب الفقيد في السجل الرسمي الذي أعد لذلك باسم ( سجل عزاء الموريتانيين للرفيق القائد عزت ابراهيم ) .

وتميز العزاء بكلمة حزب الصواب القاها مسؤول تكوينه السياسي الاستاذ سييدي سيد احمد.

ستنشرها الصفحة لاحقا ضمن ملف قيد الإعداد عن خيمة العزاء الْيَوْم

 

نعي ومواساة

كلمة حزب الصواب في خيمة عزاء الفقيد عزت ابراهيم القاها الاستاذ سييدي سيد احمد :

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الرفاق والرفيقات

أيها الإخوة الكرام جميعا

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مرحبا بكم في اختلاف عناوينكم،وأهلا وسهلا بكم وأنتم تجتمعون تحت عنوان واحد بمناسبة أليمة ولكنها مفيدة لما تحمله من معاني عميقة ترمز إلى أن وشائج التواصل بين شرق الوطن العربي وغربه لم تنقطع كما يدعي المرجفون،كما تُترجم قيما نبيلة في نفوس الذين قرروا، على كثرة مشاغلهم،أن يكونوا معنا هنا لنقرأ معا في سفر بطولي خالد سطَّره رجل كان في حساب الظروف الطبيعية كأي واحد من رفاقه يؤمن بقيمٍ خالدة ويعمل من أجلها، ولكنه أصبح في الظروف الاستثنائية عنوانا لملحمة نادرة لا يستوفيها الوصف لما اشتملت عليه من صور الإيمان والصبر والتضحية،تلك هي ملحمة الجهاد والتحرير التي خطط لها وقادها الرفيق المجاهد عزت ابراهيم الدوري.

أيها الرفاق والرفيقات :

ليس هناك فرق كبير في المعنى بين ميلاد قائد كبير وبين إعلان رحيله، فكلاهما عنوان مرحلة تتداخل فيها آنات الزمن، فإذا كانت لحظة ظهور قائد من طراز فريد هي حركة في اتجاه المستقبل فإن الماضي الذي يوحي به الرحيل ليس إلا ذلك المستقبل وقد صار تراثا ً يُعيد صياغة حاضر جديد.

هنا بالتحديد تتجلى القيم الرمزية العميقة لرحيل القادة الذي لا يأتي غالبا إلا في ظرف استثنائي من حياة حَمَلة الرسالة لا ليطوي صفحة مرحلة وإنما ليرتب مسؤوليات إضافية ويفتح آفاقا في الرؤية، وفي التخطيط.

أيها الرفاق

بين فاتح يوليو 1942 والسادس والعشرين من أكتوبر2020 تاريخ بيان النعي الذي أصدرته القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي مسيرة حافلة بالعطاء هي ما كانها الرفيق المجاهد عزت ابراهيم الدوري، ولأننا لا نريد للقاء كهذا أن يكون درسا عاديا في التاريخ يقرؤه من وُهبوا حرارةَ العواطف في مثل هذه المواقف،ثم يطوون صفحته لتستغرقهم أُلفة الحياة العادية من جديد، ولأننا نريد لهذا العزاء أن يكون استثناء كما كانت حياة ورحيل صاحبه فإن سؤالا واحدا يستحق في نظرنا مقاربة ولو سريعة بحكم طبيعة الموقف، ذلك السؤال هو ما الذي يعنيه رحيل قائد بحجم الرفيق عزت ابراهيم الدوري بالنسبة لأولئك الذين قرروا يوما، ومن مختلف الأجيال،أن يتمثلوا ولو على مستوى الأماني الشخصية تلك القيم التي وَهَبَ الرجل حياته لها.

رفاقنا وإخوتنا الكرام

لا يدعي خطاب افتتاحي كهذا،وفي مناسبة ضاغطة بكل أبعادها،أن يستوفي ما ترمز إليه مسيرة نضالية لرجل لا نبالغ إذا قلنا إنه كان النضال في أبهى صوره، والإيمان في أروع تجلياته، والتضحية في أدق خصوصياتها،لكن ذلك لا يمنع من التوقف عند دروس عديدة تُستلهم من رحيل هذا القائد الكبير من أهمها:

أولا/ كشفت تجربة المقاومة التي قادها الرجل من خلال جيش الطريقة النقشبندية عن بعد جديد من أبعاد مدرسة البعث لا يتوقف عنده الكثيرون،بل قد يستغربه بعضهم،وذلك البعد هو الانسجام العميق بين قيم تلك المدرسة وبين قيم المتصوفة عندما لا يعني التصوف الانزواء والرتابة بل الانفصال الإيجابي عن ما هو سائد من قيم وممارسات من أجل إعادة رسمها من جديد،وعندما يعني رُقياً بالقناعة عن المحسوس المباشر وعن اليومي المتلاشي الذي لا يصلح عنوانا للخلود...

فتلك إذن واحدة من دروس كثيرة تستحق التوقف والتأمل.

ثانيا/اخترقت تجربة الرفيق القائد عزت ابراهيم الدوري ما بعد احتلال العراق العقل الأمني والسياسي لآمريكا وعملائها في العراق،فعلى مدى سبعة عشر عاما من البحث والتقصي والتجنيد والترغيب والترهيب عجزت آمريكا عن تحديد مكان رجل واحد،أحرى عن العثور عليه، فأي سر يمكن أن يكون وراء ذلك؟

لا نريد هنا تغليب الغيبي على العقلي ولو كان في الأمر ما يعزز كثيرا دلالة ذلك،لكن الدرس الذي نحتاجه في الحالتين هو أن الوطن الذي تضحي من أجله لا يمكن أن يسلمك بسهولة للغزاة وللمحتلين،فهو من أجلك يخلق ستارا لا تنفذ منه إلا قوة خارقة،فلكم أن تتصوروا كم من حصاة على أرض العراق الطاهرة بدماء الشهداء حركتها أقدام رجل كان يضطر لمغادرة مكانه كل ليلتين كما جاء في بيان نعيه،ولكم

هو عظيم أن لا توجد على أرض الرافدين ولو حصاة واحدة خائنة مما لامسه جسد الدوري،ولكم هو كبير ذلك

الرجل الذي صنع هذا المستوى النادر من الحب والوفاء.

ثالثا/المعنى الأخير الذي نريد التوقف عنده،ولربما هو أكثر معاني هذه المناسبة مباشرة ووضوحا هو كونكم تجتمعون هنا للمشاركة في عزاء مجاهد كبير ليس من جهة التأكيد على وحدة مصير الأمة،وهذا موقف نبيل،بل لتعبروا عن مشترك قيمي في مثل النضال والتضحية والعزم والصمود،وهي القيم التي نحتاجها دائما وخصوصا في ظرف تحولات خطيرة كالتي نعيشها على صعيد الوطن والأمة،ونفرح اليوم عندما يحرص جمع كريم كهذا على التأكيد عليها من جديد.

مرة أخرى نرحب بكم ونشكركم ونقول لكم عزاء المجاهدين والشهداء هو أبدا مزيد من التضحية والصمود.

والسلام عليكم.

 

***

بسم الله الرحمن الرحيم

(لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)

صدق الله العظيم

فقدت الامة العربية والإسلامية برحيل المهيب عزة ابراهيم المَهيب احدى نجماتها المشعة توقداً وسناً.. فقدت قائدا أسطوريا ظل لؤلؤة كريمة تنبض من غور المحنة وتشع من مجرات الشموخ تُلهم الصمود وتبعث الامل وتضيئ حافات أفقنا المعتم بما سلكه مع رفاقه الأبطال القادة والرموز من مثابات يحرسها العدو، وما ذللوا غير هيابين من مراكب وعرة، وما حشروا من قاماتهم الفارعة بين أشداق الموت تخرزه عيونهم من علياء الرجولة غير زائغة ولا حيرى، وتطوي كشح رهبته صلابة نفوسهم وطهارة قلوبهم العامرة بالإيمان والخنوع لقضاء الله وقَدَرِه والتطلع للشهادة في كل لحظة، وبما أبقت أياديهم الشريفة نفسها ممسكة بالزناد ولعلعة الرصاص تنقضُّ من علياء الرجولة وشرف الوثبة دفاعا عن كرامة الامة وهروبا من مواطن الذل والصغار.

استلم الراحل راية الجهاد وأمانة التحرير من شهيد الامة، صدام حسين المجيد وسار على ذات الدرب الموحش مع المجاهدين الصادقين وحَمَلَة المشروع الرسالي الذين وضعوا أقانيم البطولة والفداء نصْبَ أعينهم يستلهمون خطى قائدهم شبرا بشبرٍ وذراعًا بذراع، سيرا وتصميما واتكالا على الله وعلى الخيرين في الامة دون ظهير من العالم، حتى من الأهل والرحم والجار، وظلت طيلة عقدين كاملين خناجر حصار وعدوان وغدر الروم وسوى الروم تُغْرزُ بين أضلعهم وتجوب أحشاءهم وتنسف ذرات منازلهم وتنتقي خيارهم ..

بقوا جميعا في العراق ركزوا فيه رماحهم والعلا، خرجوا تباعا من المعتقلات الى المشانق يرددون بوجوه مستبشرة ضاحكة حقارة المحتل وجبنه ويعلنون وفاءهم لعهدهم وقادتهم ونظامهم الوطني، ومنهم رحمهم الله من ضن الاحتلال عليه حتى بقبر وضريح يلم جسده الطاهر ..

بقي القائد عزة ابراهيم امطر الله على روحه شآبيب المغفرة يقود المقاومة تحت رماد المِحنة فارعا مُزبِداً بين الفُراتين منصتا لصهيل القادسية وذي قار ، وصليل حطين وعين جَالُوت والزلاقة ووديان الخروب، ظل ملتحفا أرض السواد، عالي الجبين خلواً من الغل عامرا بحب الأهل وألق الرجولة والاستعداد لتقديم الولد والحفيد دفاعا عن العراق والامة، وظل العراق وظلت الأمة يستنجدان نخوته ويلتمسان التحرير والانعتاق على يديه وعلى أيدي رفاقه ومقاومتهم المسلحة الباسلة.

عزاؤنا في حزب الصواب من أقصى المغرب الأقصى في قائدنا وملهمنا وأيقونة نضالنا لعائلته ورفاقه في حزب البعث العربي الاشتراكي المجيد ولرجال الطريقة النقشبندية المُخبتين الأوابين الذين أعلموا ساحات الجهاد بتضحياتهم وسيوفهم الشريفة واستباحت صولاتهم الجهادية الباسلة من المحتل وأذنابه كل حريم .. وتعازينا لمختلف قوى المقاومة العراقية المسلحة البطلة وشعب العراق والامة العربية وكل احرار العالم.

جعل الله عزاء الجميع في قائد الجهاد والمجاهدين انتصار ما نشاهده من ثبات واستواء ما زرعه القائد مع رفاق دربه من نهج الوفاء والتصميم والجلادة والمطاولة والصمود، ومن سيرة جهاد عطرة واستخفاف بالمشانق ورصاص الغدر والاغتيال، حتى رأينا أمواج طوفان ثورة العراق الشعبية يحرر شوارع بغداد وساحاتها وتلوي موجات شبابه و شاباته الهادرة مخالب عملاء الفرس، وتطوي نهايات الاحتلال وتبشر من خلف الضباب بصباحات التحرير وفجره الصادق وعودة عاصمة الخلافة لسابق عهدها وعصورها الزاهية .

انواكشوط 09 من ربيع الأول 1442

26/10/2020

القيادة السياسية