إعلانات

الدكتور محمد المختار اباه يكتب: أحمد كلي مسار متميز

سبت, 18/07/2020 - 21:00

لقد أُتيح لى أن أقرأ الجزء الأول من مؤلف يتناول مسار أخي الأصغر وصديقي الأستاذ أحمد كلِّي مما أثار فى نفسي مزيجا من المتعة والحنين.

لاحظت منذ الصفحات الأولى من هذا المؤلف عملا متميزا فى لغة ناصعة وأسلوب جذاب.

لقد قدم الأستاذ أحمد كلي فى هذا الكتاب طرفا من تاريخ اسرة آل الشيخ سيدي العلمي والروحي، تلك الأسرة التى أضاء إشعاعها قادة الفكر فى هذه الربوع عدة عقود.

لقد سبق أن أعطى العلامة هارون فى دراساته ومصنفاته أمثلة وافية من هذا التاريخ المجيد.

أما الأستاذ أحمدكلي فقد اكتفى بأدب واستحياء بدعوتنا إلى تلك الخيمة الفسيحة حيث جدته المنيفة شانّه، راعية البيت، تدير شؤونه بوافر الكرم و حسن الاستقبال.

وفي رحاب هذا البيت عاش الجد الأكبر للعلامة هارون وللأستاذ أحمد كلي الشاعر الكبير الشيخ سيدى محمد ،بدّه، ابن الشيخ سيدي والذى كان أعلى قمة في الأدب الشنقيطي علي مدى عصوره.

ولم يفتأ شعراء بلاد شنقيط المرموقون يتبارون فى مدح هذه الأسرة المجيدة من عهد الشيخ سيدي الكبير إلى اليوم. ولقد مكنت لأحمد كلي تقاليد أسرته العلمية أن يجمع بين علو الشأن في المعارف الدينية وناصية العلوم الحديثة فى عصره.

ويجب أن نتذكر أن الأستاذ أحمد كلي هو الحفيد المحبب للشيخ عبدالله بن الشيخ سيدي، هذا الرجل العظيم الذى ظل محياه المشرق مطلا على مجريات حياة مورتانيا السياسية والثقافية لنصف قرن من تاريخها.

لقد حالفني الحظ أن عملت بجانبه لتأسيس معهد أبى تلميت للدراسات الإسلامية بصفتي أول مدير دروس له، حيث كان هو المدير المؤسس.

ولقد اعتاد أن يظهر لي كثيرا من المودة والعطف ويذكرني دوما بالعلاقات الخاصة والمتأصلة التي تجمع بين عائلتينا.

وقد كنت شاهدا وفاعلا في إنشاء تلك المعلمة الفريدة التي من المؤسف أن نتناسى اليوم جسامة الإسهام الذي قدمته علميا وثقافيا، لهذه البلاد.

لقد تقلب الأستاذ أحمد كلي خلال مساره المتميز فى دوائر الإدارة العليا فكان “الغلام الوزير” قبل أن يتقلد منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية ثم يغادرها استباقا لهبوب العاصفة.

هذا وإنى لأشاطره تنويهه الكبير بالمرحوم الرئيس المختار ولد داداه لما كان يتحلي به من صرامة وتواضع وتسامح، واحتفظ له بصداقة راسخة رغم ماشاب حياتنا السياسية من تذبذب واضطراب.

و أهنئ الأستاذ أحمد كلي على هذا العرض الشيق عن مساره الحافل بالعطاء، فقد أسهم بسخاء فى بناء دولة كافحت بُعيد استقلالها لاسترجاع هويتها الثقافية وإرث علمائها الأجلاء.

إن الأستاذ أحمد كلي، بتجربته الفريدة والغنية وانتمائه لأسرة آل الشيخ سيدي الجليلة، سيظل مدعوا لمواصلة دوره الريادي في عملية استكمال بناء الدولة الحديثة، تلك العملية المستمرة والمشوقة.