إعلانات

الأسترالي،.. / الدهماء ريم

أربعاء, 25/03/2020 - 11:58

الأسترالي،.. 

....

لو كانت الظّروف غير الظّروف، وأحَسَّ الأسترالي بانزعاج من "بونتِّيفْ" في أصبعه، لاستَقدَمتْ له "كينروس-تازيازت" طائرة اسعاف طبيّة، ونقلته لأوروبا المتبجِّحة بصحَّتها، فهو روح آنجلو سكسونية ثمينة، ومن الأكيد أنّه يتأبط بوليصة تأمين بَدينَة،.. لكن غائلة الوباء المُحقِّرة بالتصنيفات قطَعته في الظَّهر، والْقت به تحت رحمة جهاز صحَّةِ بلدٍ من العالم العاشر، مُتَّهم من مواطنيه باجتراح السَّيئات الطّبية.

وما كان أمام الأسترالي من خيار غير أنْ "يُنزِّلَ" فينا البَركة، وهو مُستسلم لأكثر كوابيس حياته تطرُّفًا..

سيتذكَّر بقية حياته أنه تجاوز المحنة هُنا بسلام،.. سيعتنق الزّهد وستصغرُ في عينه العظائم وربما يُراجع المُختزَن في مخيلته عن عالَم البؤس المادي،.. وسنكتشف نحن أننا تجاوزنا بتعافيه إلى أملٍ يُقلِّص شيئا مَّا المسافة بين الثقة والرِّيبة في منظومتنا الصحية.

أحوال أهل الأرض مُتقاربة اليوم، فالكوكب تحوَّل لقِدْرٍ كاتمٍ للحياة، عَصتْه السّلامة، وما من أُمَّة إلاَّ وتلعن عجزها الطبي وهيَّ جزوعة، وخصوصًا الأمم التي اعتادت رفاهية الخدمات عكسنا،.. لقد حرَّرنا هذا الوباء الكونيّ التأديبيّ من عقدة الدُّونية الصّحية، ومن خوفنا علينا من انتقائية النّحس،.. اختلّت معه مُسلّمة أن الغرب يُمرِّضُ وأننا نوزّع الأمراض.

.

ذكر المدوّن المُجاهد حبيب الله ولد أحمد حاجتنا للأقنعة،.. سُخرية القدر!، ومنذ متى كان ذلك؟.. ومَا مِنَّا إلاَّ ويَحملُ ألف قناع!

.

علَى كلٍّ...

تحية إجلال للواقفين على خط النَّار الأول في مواجهة الوباء، لمن يضحون براحتهم وسلامة أرواحهم ودِفء أسرهم لأجْلنا، للأطباء وعُمَّال الصّحة، للجيش وقوى الأمن، لعُمَّال المخابز، لعمال النظافة،..

تحية لكلّ من يُؤمن هنا بفكرة: "واحد من أجل الكلّ، والكلّ من أجل الواحد"، ويَعمل في الظل مُغلق الفَمِ.. فالحكماء لا يتصارعون عادة على اعتلاء المنبر.