إعلانات

سباق التسلح بين المغرب والجزائر

ثلاثاء, 14/01/2020 - 02:13

 سعيد المرابط

الرباط –« القدس العربي»:

 

يعاني المغرب الكبير من أزمة أمنية حقيقية، تتفاقم فيها «الحرب الباردة» التقليدية بين المغرب والجزائر بسبب إعادة التسلح التي يقوم بها المغرب من جهة، وتحديث الاستراتيجيات التشغيلية التي يطورها الجيش الجزائري من جهة أخرى.
ويدفع انعدام الأمن في المنطقة بسبب الوضع الدقيق في الساحل والحرب في ليبيا، القوتين الإقليميتين الكبيرتين في شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز قواتهما المسلحة.
واقتنت الرباط في الأشهر الأخيرة 36 طائرة هليكوبتر من طراز أباتشي، والتي تنضاف إلى الفرقاطة التي حصلت عليها في عام 2014 ودبابات القتال 200 M1A1 Abrams و1200 صاروخ ضد السيارات التي اشترتها في عام 2016.
ويرى مراقبون أن هذا التسلح مدفوع جزئياً للتنافس مع جارتها الشرقية الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو التي تسعى لانفصال الصحراء الغربية عن المغرب وإقامة دولة مستقلة عليها، وهو التوتر الذي كان أحد أسباب إبقاء حدود البلدين البرية مغلقة لمدة 25 عاماً.
«كانت العلاقة بين البلدين شائكة للغاية منذ استقلال الجزائر في عام 1962. وفي ذلك الوقت، اتخذت الجزائر توجهاً اشتراكياً وتحالفت مع الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك، كان المغرب على النقيض متحالفاً مع الولايات المتحدة»، توضح آنا توريس غارسيا، دكتورة في علم اللغة العربية وأستاذة تاريخ العالم العربي في جامعة إشبيلية.
وهي تعتبر أن هذه الاختلافات وهذا العداء قد «تم الحفاظ عليه مع مرور الوقت، ولم يتم حله، بل وصل إلى ما وصل إليه في أيامنا هذه».
ووفرت العلاقات الجيدة بين المغرب وواشنطن، للرباط مصدراً للحصول على معدات حديثة من الطراز الأول، لمواجهة تنافسها التاريخي مع الجزائر. بحيث إن «المغرب هو البلد الوحيد في شمال إفريقيا الذي اشترى معظم الأسلحة من الولايات المتحدة»، وفقاً لمجلة فوربس، كما وقعت واشنطن عقوداً مع الرباط بأكثر من 10 آلاف مليون دولار. ويرى سيزار بينتادو، أستاذ العلاقات والأمن الدولي والدفاع، أن «المملكة المغربية كانت لها علاقات أفضل مع الولايات المتحدة في بعض الأحيان أكثر من غيرها بالمنطقة». وبالإضافة إلى هذا التسلح، أعاد المغرب في نيسان/ أبريل الماضي، فرض الخدمة العسكرية الإلزامية لكل من الرجال والنساء.
الجزائر بدورها لم تقف مكتوفة الأيدي أمام حركة جارتها، و«بعد رؤية إعادة التسلح المغربي، قامت بشراء قاذفات القنابل التي حصلوا عليها من روسيا، ويوضح بينتادو أنه على الرغم من أن «لديها جيشاً كبيراً جداً، إلا أنه كان لديها سلاح قديم جداً».
وأبرمت الجزائر عقوداً مع موسكو للحصول على 42 طائرة مقاتلة روسية الصنع من طراز سوخوي، وذلك وفقاً لصحيفة «أراب ويكلي». من هذا الطلب، تريد الجزائر 14 طائرة من طراز سو 34، و14 أخرى من طراز سو 35 و14 جهازاً آخر للتعويض عن إزالة الأسلحة القديمة. كما وقعت الجزائر على شراء 14 «طائرة شبح» من طراز سوخوي Su-57 من روسيا.
وستكون هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها الصناعة الروسية هذا النوع من المعدات، وحتى عام 2025 لن يتم الانتهاء من نقل جميع المواد، وفقاً لما ذكرته صحيفة «أراب ويكلي» اللندنية.
وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المغرب، تظل الجزائر أول قوة عسكرية في المنطقة المغاربية، وتقوم أيضاً بتحديث معداتها، وقد اشترت عدة سفن لتعزيز قواتها البحرية وتبنت تكتيكات وإجراءات جديدة، كما أنها تنفذ أيضاً خططاً لإنشاء صناعة حربية خاصة بها.
وفي أيلول/ سبتمبر 2019، صدر مرسوم جديد لإنشاء قسم تطوير تقني يكون مسؤولاً عن التصميمات الجديدة والدراسات الهندسية.
وعلى الرغم من انخفاض الإنفاق العسكري الجزائري في عام 2018 مقارنة بالعام السابق، فقد تضاعف ثلاث مرات بين عامي 2006 و2016، من 2،644 مليون دولار إلى 6،381 مليون دولار.
وتخصص الجزائر ما يصل إلى 5.27 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لإنفاقها العسكري في عام 2018، بينما يستثمر المغرب 3.2 في المئة.
وتعتبر توريس غارسيا أن الجزائر «نظام عسكري، بحيث إن الجيش هو جزء أساسي في الحكم، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على البلاد حماية نفسها من التهديدات الأمنية العديدة التي تطرحها المنطقة. بحكم أن لها حدوداً مع ليبيا، وهي دولة تشهد حرباً طاحنةً بعد سقوط القذافي، وبعض خلايا الحرب الإرهابية التي حافظت عليها الدولة ضد الإسلاميين المتطرفين في التسعينيات ما زالت نشطة، كما أن لها حدوداً مع تونس، حيث يوجد أيضاً إرهاب جهادي».
وتمكنت الجزائر من تحمل نفقات عسكرية عالية بفضل ارتفاع أسعار النفط، وقد تواجه مشكلة في الاستمرار في تمويلها في المستقبل. ثم «إن استثماراتهم في الدفاع مشروطة جداً بتصدير المواد الخام. بالإضافة إلى ذلك، ظل المواطنون الجزائريون يحتجون على الأزمة الاقتصادية منذ شهور ويطالبون بتغيير النظام»، يوضح توريس غارسيا، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن «يشتروا» السلم الاجتماعي وهذا سيكلفهم أيضاً الكثير من المال.
وتسمح الاختلافات بين قدرات كلا الجيشين بالحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن، الذي يهدد بشكل دوري؛ بالتوترات بين البلدين.
«وعلى الرغم من تصعيد الأسلحة»، مثيرة «صراعاً محتملاً بين الاثنين لأنهما غير مهتمين بالوضع المعقد في المنطقة، ويمثل غياب التعاون بين الاثنين تهديداً حقيقياً للأمن داخل حدودهما».
وفي الوقت نفسه، يستبعد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأوروبية في مدريد، بيتريز غوتيريز، المواجهة العسكرية بين الجارتين. معتبراً أنه «لا يزال يتعين حل مسألة الصحراء الغربية، لكن طالما استمرت حالة عدم الاستقرار في المنطقة، فإن التنافس بين المغرب والجزائر لن يتصاعد ولن ينفجر».