إعلانات

الاضطرابات في البصرة درس إقليمي لإيران

اثنين, 10/09/2018 - 08:41

 

الشيعة العراقيون رددوا هتافات بالموت لإيران وأحرقوا علم هذا البلد. الدروس التي صدّرها النظام الإيراني على مدى الأربعين سنة الماضية إلى أتباعه وأعوانه في الخارج فهمها العراقيون واستوعبوها جيداً، لكنهم يستخدمونها الآن ضد أساتذتهم في الجمهورية الإسلامية نفسها.

أحرق المتظاهرون مبنى القنصلية الإيرانية العامة ومنشآت أخرى تابعة لإيران في البصرة بشكل كامل يوم الجمعة عندما هاجمت الحشود العراقية الغاضبة معظم المباني والمنشآت التي لها علاقة بالحكومة المركزية في بغداد.

العراقيون الشيعة، الذين كان النظام الإيراني يستثمر فيهم منذ الغزو الأمريكي في 2003 لتحويلهم إلى حلفاء أقوياء، غضبوا عندما تم قطع الكهرباء والمياه النظيفة عنهم وسط فصل الصيف الحار.

الكهرباء التي كانت تصل إلى البصرة وجزء من مياه الشرب أيضاً كان العراق يستوردها من إيران، لكن النظام في طهران توقف فجأة عن تزويد العراق بها بحجة أن هناك فواتير  مستحقة بقيمة 1 مليار دولار لم يدفعها العراق. لكن الحقيقة هي أن إيران لم تعد تمتلك ما يكفي من الموارد المالية لتقديم هذه المساعدات المجانية التي كانت تقدمها إلى حلفائها الإقليميين، حيث أن العقوبات الأمريكية الوشيكة لها تأثير كبير على أسوأ أزمة داخلية تمر بها طهران منذ الثورة في 1979.

الإيرانيون في خوزستان وعبدان وخرمشهر في جنوب إيران يتظاهرون في الشوارع منذ عدة اشهر بسبب نقص الماء والكهرباء وسوء الإدارة، حيث أن حصتهم من هذه المواد  الأساسية يتم تصديرها مجاناً إلى العراق كرشوة للحكومة هناك أو لمساعدة المرتزقة التابعين لإيران، لكن النظام الإيراني لم يكن يعرف أن مؤيديهم سرعان ما سينقلبون عليهم عندما يتم حرمانهم من هذه الأمور لمدة شهرين.

المتظاهرون العراقيون هاجموا القاعدة العسكرية التابعة لـ "الحشد الشعبي" في البصرة بسبب ارتباط هذا التنظيم العسكري مع إيران، والعراقيون يريدون أن يعبّروا عن مدى كراهيتهم لأي شيء مرتبط مع رجال الدين في طهران.

اليوم، بعد سنوات من الصداقة والأخوة بين العراق وإيران بعد سقوط صدام حسين، ورغم إنفاق مليارات الدولارات من قبل الجمهورية الإسلامية لإعادة بناء العراق والاستثمار في المواقع الشيعية المقدسة، عادت العلاقات فجأة إلى الجمود بين البلدين وبدأ العراق يطلب من الإيرانيين المغادرة بشكل مناسب. العراق يلوم إيران بشكل رئيسي على أزمة الماء والكهرباء، لكن الحقيقة هي أن إيران تتحمل جزءاً فقط من المسؤولية عن الأزمة، فيما يتحمل المسؤولون العراقيون الفاسدون جزءاً كبيراً من المسؤولية عن أزمات الماء والكهرباء بالإضافة إلى أزمات كثيرة أخرى داخل البلد.

إن تشكيل جيش من الميليشات تحت اسم "الحشد الشعبي" ولعب إيران لدور هدام في الانتخابات العراقية لم يكن خافيا عن عامة الناس، بما في ذلك العراقيين الشيعة. لذلك فإن العراقيين يرون أن الفشل السياسي وسوء الإدارة في بلادهم تتحمل مسؤوليته إيران بالدرجة الأولى بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية العراقية. ومن اللافت أنه، حسب ما رأيت من خلال متابعتي لوسائل الإعلام الاجتماعي الإيرانية، لم يبدِ المواطنون الإيرانيون أي قلق تجاه الأحداث التي شهدتها البصرة، بما في ذلك مهاجمة القنصلية الإيرانية.

وفي الحقيقة فإن الإيرانيين العاديين متضايقون من الدور الإقليمي الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية، والذي يدفعون ثمنه غالياً من جيوبهم.

لقد رد العراقيون الدرس الذي تعلموه من أساتذتهم عليهم، وكما يقول المثل "كما تدين تدان."

لا يمكن للمال أن يشتري قلوب الناس وصداقتهم بشكل دائم، والعراق شاهد ومثال واضح على نتائج تدخل النظام الإيراني، ويجب على طهران أن تتعلم الدرس جيداً وتغادر سوريا وتتركها للسوريين في أسرع وقت ممكن.

 

کاملیا انتخابی فرد
كاتبة ومحللة سياسية إيرانية - أمريكية