إعلانات

جعفر كباد وولد إسلمو يحلقان غزلا وحكمة في تراتيل الأصيل ببيت شعر نواكشوط

جمعة, 07/09/2018 - 01:38

 (إيجاز صحفي)

 

أكد الأستاذ الدكتور عبد الله السيد مدير بيت شعر نواكشوط أن مرور ثلاثة أعوام على افتتاح البيت أثبت تعلق الشعراء والمثقفين الموريتانيين بهذا البيت وببرنامجه الثقافي الذي ترجم اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وقال إن مرور ثلاثة أعوام على افتتاح ثاني بيت للشعر في الوطن العربي، مكّن الشعراء الموريتانيين، من أصغر شاعر إلى أكبر شاعر سنا وتجربة من عرض إنتاجاتهم الإبداعية، منوها إلى أن الاهتمام الكبير بهذا البيت من طرف الجمهور يدل على أهمية أماسيه الثقافية شعرية كانت أو نقدية أو سردية، إلى جانب الفنون الأخرى من المسرح والموسيقا، التي عرفت طريقها إلى منبر البيت.

وقال: إن الشعر العربي أثبت أنه سيد الفنون بالنسبة للموريتانيين، وأضاف "كنا في البداية نخشى من اللجوء إلى استجداء الجمهور لحضور أماسينا الشعرية، وذلك لعدم اعتياد الجمهور على دورية النشاطات كتقليد ثقافي راسخ؛ لكن ثلاثة أعوام من الأماسي الشعرية أكدت تزايد اهتمام الجمهور ببيت الشعر وبأماسيه الثقافية"

جاء ذلك في كلمة بمناسبة تنظيم أمسية شعرية في بيت شعر نواكشوط مساء أمس (الخميس)، وسط حضور معتبر للنخبة الثقافية الموريتانية وجمهور غفير من محبي الشعر.

وشهدت الأمسية مداخلات شعرية ونثرية لشعراء موريتانيين تنويهًا بمكانة بيت الشعر.

وقال الشاعر المختار السالم، الذي تحدث باسم الشعراء، إنه يوجه التحية للمبادرة الرائدة بافتتاح بيوت للشعر في الوطن العربي، وقال إن هذه مناسبة يتوجه فيها بالشكر الجزيل إلى الدكتور عبد الله السيد مدير بيت شعر نواكشوط، ويؤكد أن إدارة البيت حققت المستحيل عبر إدارة ناجحة لأنشطة البيت تنظيما وتنسيقا مع الشعراء، وترويجا للقصيدة الموريتانية وللتجربة الشعرية والنقدية في الوطن العربي، مضيفا "على هذا المنبر كانت الفنون الجميلة الأخرى من غناء ومسرح، وكان التكامل بين روافد الثقافة وبمشاركة جميع شعراء البلاد، الذين احتضنهم بيت الشعر بأجيالهم وتجاربهم ومدارسهم الشعرية"

وبدورهم وجه الشعراء: داود تيجاني جا، ومحمد المامون محمد، ومولاي علي الحسن تشكراتهم وتهنئتهم لبيت شعر نواكشوط بهذه المناسبة، منوهين بدور البيت في احتضانه للتجارب الشعرية الموريتانية. 

هذا، وأحيا الشاعران جعفر كباد ومحمدن إسلمو أمسية شعرية، بدأت مع الشاعر جعفر كباد، وهو من مواليد 1972 في مدينة أبي تلميت، حفظ القرآن صغيرا، تخرج من المحظرة بإجازة في العلوم العربية والشرعية، ثم التحق بالتعليم النظامي وأحرز على ليسانس في اللغة، ووصلت حصيلة التجربة الشعرية لولد كباد إلى ديواني شعر مخطوطين أحدهما فصيح والآخر شعر حساني (شعبي)، وله مجموعة قصص قصيرة، وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، وعضو مؤسس في مجموعة "سدنة الحرف الأدبية".

جعفر كباد بدأ بكلمة أعرب من خلالها عن سروره بوقوفه اليوم أمام هذا الحضور في "هذه اللحظة الجميلة من لحظات التواصل بين أهل الشعر والكلمة"، وفق تعبيره.

وأشاد بدور بيت الشعر في تنوير المجتمع، وبث ثقافة المحبة بين الشعراء.

بعد ذلك قرأ ولد كباد أربعة قصائد من ديوانه، بدأها بقصيدته "طواف بمروتيك"، التي يقول فيها:

أعانق فيك الحسن والحسن قاتلي

أيا زهرة زانت جميع مشاتلي

أطوف بمسعى مروتيك تقربا

لأملأ من عذب الغرام جداولي

وآوي إلى ظل الرموش مصليا

هنالك في المحراب كل نوافلي

أعتق خمري من رضابك خلسة

لتسكر أشعاري وكل فواصلي.

كما أنشد أيضا قصيدته "مع الحرف"، التي يقول في مطلعها:

على شفتي جرحي كتبت قصائدي

وأطعمت ذاك الجرح أشهى موائدي

أعيش على وعد هزيل ممزقا

فيا حسرتي من ساعتي ومواعدي

ولما رأيت الحب منها تصنعا

وأيقنت أن القرب محض التباعد

كسرت دواة الحبر رميا لأنني

أحلت حروفي كلها للتقاعد.

واختتم الشاعر جعفر كباد قراءته الشعرية بقصيدة مديحية بعنوان "في حب طه"، يقول في مطلعها:

أتوق من شرفة الماضي أرى قبسا

لا أختشي شهبا ترمي ولا حرسا

من لا مكان وقبل الأين أرقبه

وأرقب البدء حيث النور ما انطمسا

أسعى هنالك وموج النور يغمرني

والحرف من هيبة المسعى قد احتبسا

آوي إلى العروة الوثقى.. إلى كنف

من ظل أحمد ينفي البحث والدنسا

نفسي فداهُ وروحي نسج أخيلتي

أفلاذ قلبيَّ دون المصطفى ترسا

يا أيها البشر المخلوق من قُـدُسٍ

حاشى لعرضك أن تناله التعسا.

 

أما الشاعر محمدن ولد إسلمو عضو المكتب التنفيذي الحالي لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين وهو من مواليد 1984 في نواكشوط، ونشأ وترعرع في بيئة محظرية تعلم فيها القرآن الكريم وبعض علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية، وهو كاتب صحفي ومجاز في الإعلام من المعهد العالي للدراسات بنواكشوط والمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، وأيضا مجاز في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة نواكشوط، فقد قرأ بدوره قصائد تمثل تجربته الشعرية، التي يغلب عليها شعر الحكمة، وقد بدأ بقصيدته "كأهله الدهر"، التي يقول فيها:

كأهله الدهر في طبع فلا عجبا

إن أخلف الوعد أو إن حدث الكذبا

وما دنا من طباع الناس في شبه

حتى غدا مثلهم حالا ومنقلبا

تمضي حوادثه سرعى فأتبعها

طرفي لأقرأ من آثارها كتبا

عجبت من كل نفس غير واجفة

من دهرها وفؤاد ليس مضطربا

وزادني عجبا أني على صممي

عن عذله سامع من عذله خطبا.

وقرأ أيضا قصيدته "كحد السيف حد في الملام":

كحد السيف حد في الملام

وشبه دم الكلام دم الكِلام

يعاتبني الزمان كأنني في

يدي ما للنوائب من زمام

ويشبه أهله الزمن اعتذارا

وذنبا في الفعال وفي الكلام

يصيبك من حوادثه الذي لا

سلامة منه إلا بالحمام

وتغريك الخديعة منه حتى

يريك كآبة بعد ابتسام

له في كل يوم جرم يوم

مضى وبكل عام جرم عام

ويختمها بقوله:

ولا تبقى الحياة لمن قلاها

إذا أبت البقاء لذي غرام

تعلمني تجارب ما ورائي

من الأيام سيرة ما أمامي

سأجتنب الإناخة في بلاد

ودار لا يكون بها مقامي

كفى في عبرة من كان بعض ال

عظام فصار بعضا من عظام

وإنّ تحريَ الآمال عجز

بلا سعي إليها أو قيام

فكم سافرت في مجد وزادي

مكابدتي وراحلتي اعتزامي

على عجل خطاي كأنني من

كنانة همتي أحد السهام

بلا هاد هم الشعراء بعدي

إلى درر الكلام ولا إمام

نثرت إليهم شعري نضارا

فتاهوا بالنضار عن الرخام

أبي متشاعر يبغي لحاقا

وأشعاري الجواهر في نظام

ومن جاري يكون وما استطاعت

مجاورتي الثريا في المقام

كما قرأ قصيدته "حال الأماني":

 حال الأماني إذا حلت بها الهمم

حال المغاني إذا انهلت بها الديم

وذا مرادك يا نفسي وإن بعدت

به الأقاويل واصدت له التهم

حاشاك في الفخر من فخر له شبه

وفي المكارم من ساع به سأم

فما هممت بأمر دونه نصب

إلا ظفرت بمجد دونه إرم

كل النفوس سواء في ظواهرها

حتى يفرقها في بعضها العظم

وكل ماء سراب كلما عجزت

عن نيله راحة من ظامئ وفم

والليث كالرئم لولا خوف سطوته

والصقر لو لم يكن ذا عزة زخم

قد ينشد الغر حبا ثم يخدعه

أن يضحك الثغر أو أن يسحر الكلم

فلا يغرنك قوم بابتسامهم

حب وأكثرهم من ضده بهم

كم يصدق الود ممن لا ابتسام له

ويكذب الود ممن هو مبتسم

هاذي الغيوث إذا ما أضمرت غرقا

في بعضها، نعم في بعضها نقم

ومدع غير ما في النفس يغلبه

على الذي يدعيه الطبع والشيم

إلى أن يقول:

والحب في النفس من أعدائه ضغن

كالبرء في الجسم من أعدائه السقم

عز الكرام وما يأتي اللئام ولو

أحسنت ظنا بهم غير الذي يصم

حال الزمان وقد حاز الجهول به

قدر الحليم وأمست بهمها أمم

لا يستوي العمي في البلوى وغيرهم

ويستوون إذا ما عمت الظلم

عد الحياة الذي أوتيت بهجته

منها، وعد الردى ما جافت النعم

أدهى من الموت عمر في الهموم إذا

ما عشته عاشه في نفسك الألم

وما حياة وإن كادت بخادعة

من لم يزل في يقين أنها عدم

أنت الشباب، فما أفناك من عمر

يودي بك الموت أو يودي بك الهمم.