إعلانات

الجيش الموريتاني: مسيرة حافلة بالعطاء

سبت, 25/11/2017 - 21:47

عبدات ولد محمد محمود

مرحلة التأسيس:
جاء الاعلان عن إنشاء القوات المسلحة للجمهورية الاسلامية الموريتانية من خلال القانون رقم 189-60 الصادر بتاريخ 25-11-1960، وذلك بعد أن كان الأمر القانوني المتعلق بتنظيم الدفاع الوطني والصادر بتاريخ 7 يناير 1959، قد نص في مادته الأولى على أن "هدف الدفاع في كل الأوقات وتحت جميع الظروف وفي مواجهة مختلف أشكال الاعتداءات، يتمثل في تأمين الحوزة الترابية وحياة السكان كما يشمل أيضا احترام التحالفات والعهود والاتفاقيات الدولية".
وقد حدد القانون رقم 189-60 الصادر بتاريخ 25-11-1960 مهام هذه القوات في "الدفاع عن السيادة الوطنية وحفظ النظام والأمن والسهر على تطبيق القوانين" 
وتشكلت القوات المسلحة الوطنية في بداية تأسيسها من قوات برية وتجمع طيران الجمهورية الاسلامية الموريتانية والبحرية الوطنية. وفيما بين سنتي 1959 و1965 تركزت الجهود حول التكوين واقتناء التجهيزات والعتاد العسكري، مما مكن من تجهيز أولى وحدات الجيش التي تمثلت في وحدات من قوات المشاة ووحدات محمولة بالإضافة إلى قوة من الجمالة. وقد تأخر إنشاء قيادة الأركان الوطنية لغاية 2 يناير 1962.
وكانت الوحدات الأولى من الجيش مزودة بأسلحة خفيفة. ويظهر غياب تعدد صنوف الأسلحة من خلال المرسوم الوزاري الصادر يوم 23 يناير 1962، الذي يحدد تشكيلة القوات المسلحة البرية باعتبارها: تشكيلات تدريب وتكوين، وحدات استطلاع، وحدات مشاة، وحدات مظليين، وحدات نقل وهندسة، وحدة جمالة، بالإضافة الى هيئة أركان ووحدات وسرايا الدرك.
وفي الأول من أكتوبر أنشئ تجمع الطيران بموجب المرسوم رقم 198 وتم في نفس السنة اقتناء أولى الطائرات العسكرية الموريتانية، ليبدأ تجمع الطيران الموريتاني تنفيذ مهامه العسكرية المتمثلة في: الاستطلاع الجوي، الربط، الإنزال المظلي، البحث والإنقاذ، الإخلاء الطبي، الدعم الجوي للقوات البرية.
أما البحرية الوطنية فلن تتشكل أولى وحداتها قبل سنة 1964 وستشهد سنة 1965 تمركز أول وحدة من القوات البحرية في مدينة انواذيبو الشاطئية.
وكجزء مكمل للجيش الوطني أنشئ الدرك الوطني بموجب المادة الثانية من القانون 62-121 الصادر بتاريخ 18/06/1962 وأسندت إليه مهام: ضمان الأمن العام، حماية الممتلكات، حفظ النظام وتطبيق القوانين، وفي 25 ديسمبر 1965 صدر المرسوم رقم 65-174 الذي ينظم الدرك انطلاقا من التخصصات والمهام المسندة إلى تشكيلاته ويقسمه إلى: مديرية وهيئة أركان وسرايا ومدرسة الدرك. 
وابتداء من سنة 1963 ستحدد مهام الجيش أكثر وتتوسع لتتحول إلى: الدفاع عن سلامة الأراضي الوطنية والمحافظة عليها، مساعدة السكان، مراقبة الشواطئ، الاخلاء الطبي والمساعدة العمومية. وفي سنة 1964 تم وضع الحجر الأساس لأول مدرسة للدرك الوطني وأول مركز لتكوين الجيش.
تطور للجيش:
مع الانسحاب الكامل للقوات الفرنسية من الأراضي الموريتانية سنة 1965، دخلت القوات المسلحة الموريتانية مرحلة جديدة من تطورها حيث ستواصل السياسة الدفاعية التركيز على تكوين الأطر وتجهيز الوحدات بما يدعم قدراتها القتالية. غير أن هذه السياسة ستبقى على المستوى النظري فقط حيث أن ضعف الميزانية المخصصة للقوات المسلحة لم يكن يسمح لا باكتتاب الأعداد الكافية من الجنود ولا بتجهيز الوحدات.
ولغاية اندلاع الحرب في الصحراء الغربية ظلت القوات المسلحة عرضة لإهمال السلطة السياسية، حيث بقيت مكوناتها بضعة فيالق محمولة ووحدات من الجمالة، ولم يكن عدد مكوناتها الثلاث: الجيش، الحرس والدرك، يتجاوز 2000 عسكري نصفهم هو ما يشكل الجيش الموريتاني.
لقد ظلت المساعدة العسكرية للقوات المسلحة شبه محصورة في فرنسا ضمن إطار الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها مع موريتانيا غداة الاستقلال باستثناء بعض الدعم الذي كانت تقدمه الجزائر، غير أنه ابتداء من سنة 1976 سيشمل هذا التعاون دولا أخرى مثل سوريا والمغرب والأردن والولايات المتحدة الأمريكية والامارات العربية المتحدة.
ومنذ تأسيسها حافظت القوات المسلحة على بنية تنظيمية لم تتغير تقريبا حتى سنة 1976، حيث توجد في العاصمة نواكشوط أركان وطنية تساندها سرية للمقر العام، وتجمع طيران الجمهورية الاسلامية الموريتانية، وسرية الهندسة العسكرية والسرية الأولى للمغاوير المظليين في اجريده. بالإضافة إلى قيادة الدرك مدعومة بسرية الغرب ومفتشية عامة للحرس مدعومة بالسرية الأولى للاستطلاع وهي سرية مشاة محمولة على السيارات.
هذا بالإضافة إلى وحدة من البحرية في نواذيبو وسرايا الاستطلاع المتواجدة في مدن: بير ام اكرين، افديرك، النعمة، انبيكه، ومركز التكوين العسكري في أطار و3 مراكز للتكوين في روصو أحدهما للجيش والثاني للحرس والثالث للدرك.
ويمتلك الدرك الوطني سرية الشرق في لعيون بالإضافة إلى فرق في عواصم جميع الولايات قد تكون أحيانا مدعومة بمتفشيات جهوية للحرس.
وبدخول موريتانيا في حرب الصحراء الغربية سيشهد حجم الجيش ارتفاعا كبيرا خلال عدة سنوات، وسيتم تغيير هيكلته مؤقتا لدواعي الحرب لينقسم إلى جحفلين كبيرين.
أهمية الجيش الموريتاني:
وسيعرف الجيش تطورا مضطردا من حيث البنية التنظيمية وسترتفع أهمية المؤسسة العسكرية والأمنية بشكل متزايد، من حيث التأثير والعدد. وسيشهد مسار تسليح الجيش الوطني ارتفاعا ملحوظا منذ عام 2005، ونتيجة للأوضاع المضطربة في المنطقة سيستفيد من برامج ذات طابع تسليحي. 
ويتوزع الجيش -وفق تشكيلته الحالية- إلى ثلاثة ألوية كبرى؛ وهي اللواء البري واللواء البحري والطيران العسكري. وتتوزع داخل هذه الأولوية عدة مؤسسات عسكرية ووحدات قتالية إضافة إلى مؤسسات تعليمية وأخرى ذات طابع خدمي ومهني.
حيث تقوم فرقة الأشغال العمومية بالمشاركة في بناء المنشآت ذات النفع العام في المناطق الريفية والحضرية كبناء الجسور وحواجز الحماية وبناء وإعادة تأهيل المنشآت العامة. وقد مثل منحها ميزة منافسة الشركات الخصوصية عن طريق التقدم لإحراز مشاريع تنموية فرصة لإشراك القوات المسلحة في التنمية الوطنية ومكن الجيش من إنجاز مشاريعه الخاصة نظرا لحساسية بعض المواقع، وحد من احتكار بعض مؤسسات الأشغال العامة، ليساهم في تخفيض الأسعار بفعل المنافسة.
وفي مجال الصحة يقدم المستشفى العسكري الدعم للقوات المسلحة، ويستقبل المرضى المدنيين للاستشارة والفحوص الطبية والجراحة والحجز بأسعار رمزية. ويوفر بصفة دائمة وفي جميع الظروف الأدوية والفحوص والعلاجات للمرضى العسكريين المحتجزين، كما يشمل كذلك المدنيين. 
ويبقى الجيش الموريتاني قطب الرحى في نظام الدفاع الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية، في محيط إقليمي مضطرب تواجهه تحديات الهجرة السرية، وتجارة المخدرات، وتتربص به الجماعات المتطرفة.