بقلم إسلمُ ولد أحمد محمود
رحل عن هذا العالم الفاني، يوم أمس، العلامة حمدا ولد أتاه، إلى رحمة الله ورضوانه، وجنات الخلد.
جعل الله ذلك العمل الإعلامي الإسلامي، الذي جمعنا لسنوات عديدة، خالصا لوجهه تعالى، وجعل تلك الروضات الرمضانية، من روضات الجنات.
شيخي حمدا…
رحلت وبرحيلك نفتقد علما شامخا، عالما، مفكرا، ترك بصماته في الحياة المعاصرة لحل معضلات العصر، وتسير نوازله تأصيلا، وتجديدا، وترشيدا، تنويرا للمسلمين في مستجدات العصر التي تمليها ضروراته المتشعبة.
برحيلك فقدنا ذلك الأسلوب المتميز، بعمقه، وبساطته، وتلك النبرة التي تدخل القلوب قبل الآذان، بأريحية وهدوء تشد السامع والرائي إلى ذلك المعين الزاخر المتدفق.
لن أنسى حين يقترب رمضان وأزوره في منزله العامر، ذلك الفرح الذي يستقبلني به، ويقول لي بأريحية وترحاب ممازحاً "الشهر اثرو انشاف؟".
تعرفت على الشيخ حمدا عن قرب في مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت مسؤولا عن إعداد المساطر الرمضانية، وكان لتوجيهاته وإرشاداته الأثر البالغ في نجاح الإحياء الرمضاني الإذاعي كل سنة.
كان الشيخ حمدا، جوادا، كريما، متواضعا، صبورا، حتى على مناوئيه ومنتقديه، منتهجا أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، لا تأخذه في الله لومة لائم.
جمع حمدا الفقه، والأدب، والوسطية، والاعتدال، وكان ذلك العالم الذي تأوي إليه أفئدة الناس للإفتاء والنصح، والإرشاد، والدعاء.
رحيل الشيخ حمدا يترك فراغا لا يمكن سده، لكن عزاءنا ما ترك من علم مكتوب في مؤلفاته الثمينة، وهدي وإرشاد في محاضرات مرئية ومسموعة تبث على الأثير، جعلها الله في ميزان حسناته إلى يوم الدين.
أعزي في الفقيد الشيخ حمدا ولد أتاه أسرته الكريمة، أبناءه، وبناته، وأسرة أهل أحمد العاقل جميعا، ومدير التوجيه الإسلامي الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ أحمد، كما أعزي الشعب الموريتاني، والأمة الإسلامية جمعاء.
وإنا لله وإنّا إليه راجعون.
إسلمُ ولد أحمد محمود.