الأستاذ المصطفى ولد اكليب
الأخبار (نواكشوط) – اعتذر الأستاذ المصطفى ولد اكليب، وهو أحد أشهر وأكفإ أساتذة الفلسفة في موريتانيا لطلابه، معتبرا أنه كان مشاركا في خداعهم، فيما وصف الغرب بأنه "هو أكبر أكذوبة عرفها التاريخ".
وقال ولد اكليب في تدوينة على حسابه في فيسبوك إنه أصبح يخجل من طلابه الذين درستهم عبر عقود فلسفة الأنوار وما لحقها من فلسفات غربية حديثة ومعاصرة، تمجد مفاهيم: الحق، والعقلانية، والإنسانية، والقيم، والأخلاق، والتقدم، والعدالة، والإنصاف، وحقوق الإنسان، والحرية، والنقد.
ونالت تدوينة الأستاذ ولد اكليب تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا فيسبوك.
وفي تدوينة توضيحية لاحقة، دعا ولد اكليب للمقارنة بين موقف الغرب من أوكرانيا وموقف الغرب من فلسطين، مشددا على أن معاركنا مع الغرب أوضحت على مدى تاريخنا المعاصر أن مجتمعات الغرب لا تطبق قيمها خارج مجالها الجغرافي، وأن الضمير الغربي لا يستيقظ إلا إذا كان المستهدف بالعنف هم الغربيون بالمعنى الحضاري.
وأشار ولد اكليب إلى أن الحضارة الغربية كانت في نظره من أرقى الحضارات، ومعها وصل العقل الإنساني مرحلة النضج والرشد، وفي إطارها تمت صياغة القيم الإنسانية الخالدة، ولكن وعيه بدأ يتحرر شيئا فشيئا من هذا الاغتراب والاستلاب المضاعف، وبدأ منذ عقد أو يزيد يستعيد هويته وكينونته، والسبب في ذلك أن ما كان يعتبره مطلقا اتضح له بشكل عملي أنه نسبي إلى أبعد الحدود.
ورأى الأستاذ أنه في تدوينته التي اعتذر فيها لطلابه، لم يكن يقصد الاعتذار عن تدريس مادة الفلسفة لأنه لا معنى لذلك الاعتذار، فالفلسفة نمط من التفكير يجعل العقل صاحيا والتفكير واعيا وتحررنا من التقليد الأعمى والتبعية المطلقة، كما لم يكن المقصود منها كذلك التعبير عن عدم الإيمان بالقيم والمبادئ التي ذكرها إشارة وتلميحا لا تفصيلا وتوضيحا.
وأضاف أن المقصود هو الاعتذار عن نمط من التدريس جعل صاحبه معجبا بحضارة الغرب وفلسفاته حد الافتتان، لافتا إلى أن كل الذين علقوا وتحدثوا عن قيم كونية، وعقل إنساني كلي وحضارة مشترك ما يزالون يعيشون تحت نير الاستلاب.
وأردف ولد اكليب مخاطبا بعض المعلقين: "لا ينبغي أن يكون البعض منكم غربيا أكثر من الغرب ذاته"، مذكرا بأن "أول من انتقد حضارة الغرب محاولا تحجيمها وردها إلى حدودها الجغرافية والثقافية هم فلاسفة الغرب أنفسهم مثل هوركهايمر، وآدورنو، وكلود ليفي شتراوس، وميشل فوكو، وجاك دريدا".
وخلص ولد اكليب إلى القول إن حضارة الغرب ليست هي الحضارة "بألـ" التعريف، بل هي مجرد حضارة نسبية، وقيمها ليست قيما كونية مطلقة، بل هي قيم نسبية، نسبية تنظيرا ونسبية تطبيقا وتجسيدا، مشيرا إلى أنه عندما يتحدث مفكرو الغرب عن الإنسان والعدالة والحرية والحقوق.. فهم إنما يقصدون بذلك الإنسان الغربي، الإنسان الأبيض، الإنسان المتفوق، الإنسان الأعلى.