اتهمت صحيفة الغارديان البريطانية الدول الأوروبية بشن "حملة قمع قاسية لا تحتمل" ضد المهاجرين غير الشرعيين في تونس، وقالت في افتتاحيتها إن الاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود، يمثل تقصير أوروبي في أداء الواجب تجاه المهاجرين.
وأدانت الصحيفة الصفقة التي أبرمتها دول أوروبية مع الحكومة التونسية لمنع تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا.
وأوضحت أن هناك تعاطفا مع المهاجرين في أوروبا وهو ما ظهر في مهرجان البندقية السينمائي الشهر الماضي، حيث حظى فيلم "أنا كابتن" بإشادة كبيرة وفاز بجائزة الأسد الفضي وكان هناك استقبال حافل له، لأنه تناول رحلة مراهقين سنغاليين تضمنت تعايشهما مع العنف والابتزاز والاحتجاز والعمل القسري على أيدي الشرطة الفاسدة والمتاجرين بالبشر في شمال إفريقيا.
ورغم أن الفيلم قدم مشاهدة مفجعة، لكن الغارديان أكدت أن تقاريرها الواردة من تونس تشير إلى أن الواقع أكثر كآبة، وأن أوروبا متواطئة بشدة في الرعب الذي يتكشف الآن.
وأشارت إلى اتفاقا وقعه الاتحاد الأوروبي في يوليو/ تموز الماضي اتفاقا يقدم مساعدات إلى الرئيس التونسي الاستبدادي، قيس سعيد، مقابل شن حملة على المهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.
ووفقا لشهادات المهاجرين والمنظمات غير الحكومية الموجودة على الأرض، كانت النتيجة هي القمع الوحشي والإساءة والترهيب للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى.
وبحسب ما حصل عليه مراسل الغارديان فإن أكثر من 4000 شخص تم احتجازهم ثم إلقائهم في مناطق صحراوية نائية على حدود تونس مع ليبيا والجزائر. وتعرض بعضهم للضرب وسرقة أموالهم على أيدي حرس الحدود.
ويُعتقد أن العشرات لقوا حتفهم بسبب العطش أثناء محاولتهم العودة إلى الساحل أو إلى مكان آخر.
تحدثت صحيفة الغارديان مع أحد طالبي اللجوء من الكاميرون الذي انفصل عن زوجته وطفله أثناء رحلة هجرة، ثم تعرف على جثتيهما بعد نشر صور لهما ميتين في الصحراء. وانتقدت الصحيفة ما قالت إنه خطاب تحريضي من جانب قيس سعيد، عزز العداء العنصري للمهاجرين السود، وتسبب في اندلاع أعمال العنف ضدهم.
وفي ليبيا المجاورة لتونس وقع الاتحاد الأوروبي اتفاق مماثل أيضا قبل ست سنوات، وهناك يتعرض المهاجرون المحتجزون بشكل روتيني للاغتصاب والضرب والابتزاز والطرد الجماعي.
وقالت الصحيفة إن "التواطؤ الجبان في انتهاكات حقوق الإنسان، باسم الحدود الآمنة"، يشكل خيانة للقيم التي تدافع عنها أوروبا. وكما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: "لابد أن ترشدنا الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون في تعاوننا ــ وهو الأمر الذي لم يحظ بالاعتبار المناسب في الاتفاق مع تونس".
وكما أكدت قمة غرناطة الأخيرة، فإن التحدي المتمثل في الهجرة في القرن الحادي والعشرين معرض لخطر تفكك النسيج الأخلاقي للسياسة الأوروبية. كما أن عدم الاستقرار والصراع الجيوسياسي، وعدم المساواة العالمية، وحالة الطوارئ المناخية، تعني أن الهجرة الجماعية هي ظاهرة عصرنا. ويطرح هذا مشاكل ومعضلات عظيمة ــ وبالنسبة لقارة تعاني من الشيخوخة السكانية وتحتاج إلى تحديث قوتها العاملة، فإن هناك دائما فرص في المهاجرين.
___________________
-
جولة داخل مخيم جزيرة لامبيدوزا الواقع في قلب موجة تدفق المهاجرين إلى أوروبا
-
الحكومة الفرنسية تسابق الزمن لمكافحة تفشي حشرة بق الفراش المثيرة للفزع
"اضطررت لشرب بولي لأبقى على قيد الحياة"، معاناة لاجئين أفارقة على الحدود التونسية - الغارديان
على أوروبا أن تعي جيدا الدروس المستفادة من تجربة ناغورنو كاراباخ – الغارديان