توفي الجمعة ناشر صحيفة "السفير" اللبنانية طلال سلمان عن 85 عاما في أحد مستشفيات بيروت حيث كان يعالج بعد تدهور صحته خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما ذكرت وسائل إعلامية وأصدقاء للصحافي الراحل.
وكتبت الوكالة "الوطنية للإعلام" (رسمية) أن سلمان توفي "بعد مسيرة إعلامية حافلة بالنجاحات".
وقد نعت الراحل وسائل إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال أصدقاء للعائلة إن صحته تدهورت كثيرا خلال الأشهر الأخيرة ودخل المستشفى للعلاج أكثر من مرة.
وكتب وزير الإعلام زياد المكاري على منصة إكس (تويتر سابقا) "الكبير طلال سلمان العابر بقلمه للمناطق ستبقى ذكراه خالدة وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية".
وكان سلمان أصدر عام 1974 "السفير" في بيروت، وكانت صحيفة يومية حملت شعار "صوت الذين لا صوت لهم" وعُرفت بمواقفها المناصرة للقضايا العربية، لا سيما الفلسطينية.
ولسنوات طويلة، كان سلمان يكتب افتتاحية "السفير" التي نجحت في إيجاد موقع لها في لبنان والعالم العربي، وأصبحت مرجعا لكثيرين لتحليل وفهم ما يجري فيهما. كما أجرى لقاءات مع العديد من الزعماء والقادة العرب.
ويقول بعض الذين عملوا معه إنه كان "من آخر من يغادر مكاتب الصحيفة" ليلا ليتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام.. "لطيف وقريب" من العاملين معه، "متضامن وداعم" لهم إلى أقصى حدّ.
وخلال أحداث الحرب الأهلية تعرض سلمان لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجر يوم 14 يوليو/تموز 1984 مما ترك ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير مطابع "السفير" في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1980.
ونهاية عام 2016، أقفل سلمان "السفير" بسبب صعوبات مادية خصوصا. وكانت تلك ضربة كبيرة للإعلام اللبناني الذي عرف على مر سنوات بتنوعه وحريته مشكلا علامة فارقة بين الدول العربية الأخرى.
وولد سلمان في بلدة شمسطار شرق البلاد عام 1938، تزوج من عفاف محمود الأسعد، ولهما 4 أولاد.
إغلاق "السفير"
وتوقفت "السفير" عن الصدور نهاية 2016 بعد أكثر من 42 عاما، وبرر سلمان الناشر ورئيس التحرير آنذاك السبب بالأزمة المالية التي تعصف بصحيفته وتراجع مداخيلها من المبيع والإعلانات والاشتراكات.
وقال سلمان في رسالة وجهها للزملاء والقراء "الرحلة كان لا بد لها أن تنتهي" وأضاف "الأزمة الخطيرة التي تتهدد الصحافة في العالم أجمع والوطن العربي عموما تعصف بالصحف المحلية، وهي أزمة تمتد من أرقام التوزيع إلى الدخل الإعلاني (وهو الأساس) إلى إقفال الأسواق العربية عموما في وجه الصحافة اللبنانية".
وتابع "لقد اجتهدنا ما وسعنا الاجتهاد، وبذلنا من عرق التعب، وأحيانا من الدم، فضلا عن مطاردتنا بالتفجيرات، وصمدنا للاجتياح الإسرائيلي وللإقفال الظالم بالقهر أو باستغلال القضاء لأغراض لا تتصل بدوره".
وعقب إغلاقها، قال صحافي كان قد انصرف قبل أشهر من "السفير" -فضل عدم ذكر اسمه- إنه فضلا عن الأزمة المالية فإن سوء الإدارة التجارية والسياسة التحريرية أديا لخفوت نجم الجريدة وتراجع مبيعاتها وحصتها الإعلانية من السوق.
وأضاف للجزيرة نت أن "السفير" -التي حملت منذ عددها الأول شعار "صوت الذين لا صوت لهم"- شهدت تحولات كبيرة في سياستها التحريرية من ناطقة باسم التيار الناصري واليسار اللبناني والعربي والثورة الفلسطينية وحركات التحرر في العالم إلى داعمة لثورة الخميني، ولاحقا مشروع حزب الله في لبنان، وصولا إلى دعمها النظام السوري رغم ما وجهته له من انتقادات وكشف عيوبه السياسية والإصلاحية بدايات الثورة السورية عام 2011، وفق تعبير المتحدث ذاته.
وتابع الصحافي أن "السفير" بغيابها عن المشهد الإعلامي اللبناني والعربي "ستترك فراغا كبيرا، ولا سيما أنها كانت مؤثرة سياسيا وثقافيا طوال 4 عقود".
وبعد إغلاق "السفير" بقي سلمان يكتب عبر موقع حمل اسمه واسم "على الطريق" الذي كان عنوان زاويته الأسبوعية بالجريدة.
وللراحل مؤلفات عدة بينها "مع فتح والفدائيين، إلى أميرة اسمها بيروت، سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق، هوامش في الثقافة والأدب والحب" وغيرها.
وقد ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن سلمان سيشيع عند الرابعة عصر السبت في شمسطار، ويصلى على جثمانه ويوارى في جبانة البلدة.
المصدر : الجزيرة + الفرنسية