سحب الجيش الإسرائيلي قواته من مدينة جنين (شمال الضفة الغربية) بعد العملية العسكرية التي نفذها صباح اليوم الاثنين وأصيب فيها 8 من جنوده وأُعطبت العديد من آلياته، في حين استشهد 5 فلسطينيين وأصيب 91 آخرون، وشهدت العملية استخدام الطيران الحربي لأول مرة منذ أكثر من عقدين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن 7 آليات عسكرية مصفحة أُعطبت خلال عملية جنين، في حين أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بإصابة مروحية تابعة لسلاح الجو بإطلاق نار خلال مشاركتها في العملية التي بدأت صباح اليوم واستمرت ساعات.
وأفاد مراسل الجزيرة بانسحاب الجيش الإسرائيلي بعد ظهر اليوم من أطراف جنين.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت -في وقت سابق اليوم- إن الجنود الإسرائيليين أصيبوا في كمين لمسلحين فلسطينيين في جنين، وإن بعضهم في حالة خطرة، في حين ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن جميع الجنود المصابين من جنود حرس الحدود وجروحهم بين طفيفة ومتوسطة.
طائرات تقصف
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن طائرات قصفت أهدافا في الضفة الغربية للمرة الأولى منذ الانتفاضة الثانية قبل 20 عاما.
كما أفاد مراسل الجزيرة بقصف مروحية عسكرية إسرائيلية هدفا في حي الجابريات بمخيم جنين. وقال جيش الاحتلال إن هدف العملية العسكرية في جنين هو اعتقال مطلوبين فلسطينيين.
وأكد مراسل الجزيرة أن طائرات الأباتشي والمسيّرات الإسرائيلية حلقت ساعات فوق جنين، ورافقت ذلك أصوات اشتباكات متقطعة بين مسلحين فلسطينيين وقوات الاحتلال.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مقاتلات من طراز "إف-16" حلقت فوق المدينة ضمن نشاط الجيش الإسرائيلي فيها.
وأشار جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ "نشاط عسكري" في المخيم، موضحا أن عمليته العسكرية تم تأمينها برا وجوا، وأن سحب آلياته العسكرية من هناك استغرق ساعات.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يحقق بشأن العبوة الناسفة التي وضعت أمام مركباته في جنين ونوعيتها.
بدورها، ذكرت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية أن الجيش سيفتح تحقيقا لاستخلاص الدروس مما جرى اليوم في جنين، ونقل موقع عن مصدر في القيادة الوسطى الإسرائيلية قوله إن قواعد اللعبة قد تغيرت بعد هذه العملية.
تفجير مدرعة
من جهتها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن الجنود الإسرائيليين أصيبوا بجروح بين طفيفة ومتوسطة إثر تفجير مدرعة أقلّتهم خلال الانسحاب من أحد المواقع في مدينة جنين.
وأفاد مراسل الجزيرة بإعطاب المدرعة التي كان الجنود بداخلها خلال تفجير مقاومين فلسطينيين عبوات في أطراف المدينة.
وأكد الجيش الإسرائيلي انفجار قنبلة في المركبة وإصابتها بأضرار أثناء انسحاب قوات الاحتلال من جنين.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن العبوة المتفجرة في جنين بلغ وزنها 40 كيلوغراما، وتمكنت من إخراج مركبة عسكرية متطورة من الخدمة.
وأفاد شهود عيان بأن مروحيات عسكرية شوهدت تنقل الجنود المصابين إلى مستشفيات داخل إسرائيل.
وقالت وسائل إعلام -نقلا عن مصادر عسكرية- إن قذيفة أطلقها مقاومون اخترقت إحدى المركبات المصفحة وانفجرت داخلها وأصابت كافة الجنود بإصابات مختلفة، وإن عملية إخراج الجنود المصابين والمركبات الخمس المحاصرة من موقع التفجير استمرت أكثر من ساعة.
واستدعت قوات الاحتلال تعزيزات عسكرية لمساندة عناصرها.
وقالت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في جنين إنها تمكنت من إيقاع قوة صهيونية تابعة لقوات الاحتلال في مخيم جنين في كمين محكم، وأمطرتها بوابل من العبوات المتفجرة وتلته زخات كثيفة من الرصاص.
بدورها، قالت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس (الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي) إن عناصرها اشتبكوا مع قوات خاصة للاحتلال تم اكتشافها في منطقة الجابريات بمخيم جنين.
وذكرت أنها فجّرت عبوات شديدة الانفجار لأول مرة في قوات الاحتلال بشكل مباشر، وأن اثنين من مقاتليها استشهدا خلال التصدي لجيش الاحتلال.
كما حذرت حركة الجهاد الإسلامي جيشَ الاحتلال من أن اللجوء إلى الغارات الجوية سيدفع المقاومين إلى استخدام وسائل ستفاجئه، وفق تعبيرها.
من ناحية أخرى، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن قوات الاحتلال أعاقت وصول سيارات الإسعاف لإنقاذ المصابين في جنين، مشيرا إلى أن مركبة إسرائيلية عسكرية صدمت سيارة إسعاف فلسطينية بشكل متعمد لمنع وصولها لإنقاذ المصابين.
كما قال مراسل الجزيرة إن قوات الاحتلال استهدفت الصحفيين خلال تغطيتهم اقتحام جنين ومخيمها، وإن صحفيا أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي خلال استهداف الفرق الإعلامية في العملية العسكرية.
ومساء اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أن اثنين من جنوده أصيبا بجروح طفيفة إثر عملية دهس بسيارة قرب معبر الريحان جنوب غرب جنين، وتحدث عن "تحييد" فلسطينيين كانا داخل السيارة، وكانت مراسلة الجزيرة أفادت قبل ذلك بإصابة شابين فلسطينيين بجراح عقب إطلاق قوات الاحتلال النار عليهما داخل مركبتهما في المنطقة نفسها.
ردود فعل
وتعليقا على العملية التي استهدفت مقاومين وتكبد فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي إصابات عديدة، قالت حركة حماس إن الاحتلال أبعد ما يكون عن حسم المعركة في جنين.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن "عدوان الاحتلال" على جنين "تصعيد خطير في ساحة الصراع"، مطالبة بموقف أميركي حازم يرتقي إلى مستوى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من استعمار استيطاني وجرائم اضطهاد من قبل إسرائيل، وفق تعبيرها.
كذلك دان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عملية الجيش الإسرائيلي، وقال -في كلمة له- "صباح دامٍ في جنين نتيجة اقتحام جيش الاحتلال المدينة والمستمر، إن الصمت الدولي والمعايير المزدوجة تشجع هذه الحكومة المتطرفة على ممارسة مزيد من القتل والهدم والترويع".
وقررت السلطة الفلسطينية عقد اجتماع طارئ اليوم الاثنين ردا على العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين.
ودانت مصر "الاعتداء" الإسرائيلي على جنين وما واكب ذلك من عمليات قصف جوي وإطلاق نار ضد المدنيين، وحذرت الخارجية المصرية من أن "مثل هذه الاعتداءات لا تؤدي إلا إلى تأجيج الأوضاع وتنذر بخروجها عن السيطرة وتقويض مساعي خفض التوتر في الأراضي المحتلة".
كما نددت دولة قطر بالعدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها، وحذرت الخارجية القطرية من تلاشي فرص السلام واتساع دائرة العنف بسبب التصعيد الإسرائيلي المستفز في الأراضي الفلسطينية.
وشددت الخارجية القطرية على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لحماية الشعب الفلسطيني وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها.
بدورها، نددت الإمارات بالعملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، كما دان الأردن "العدوان" الإسرائيلي على جنين، داعيا إلى تحرك دولي "فوري وفاعل" لوقفه، وفق بيان للخارجية الأردنية.
كذلك استنكرت الخارجية التركية بشدة مقتل الفلسطينيين الخمسة، وبينهم طفل، خلال اقتحام القوات الإسرائيلية جنين، ودعت تل أبيب إلى وقف استهداف المدنيين.
في الإطار نفسه، أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه البالغ إزاء الأحداث الأخيرة في جنين التي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين.
ونقلت وكالة رويترز عن مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك أنه "قلق للغاية حيال الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك إعدامات على ما يبدو من جانب القوات الإسرائيلية".
عملية واسعة
في المقابل، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن الوقت قد حان لشن عملية واسعة شمالي الضفة الغربية وإدخال القوات الجوية والمدرعة، وإنه سيطلب عقد اجتماع طارئ للمجلس الأمني والسياسي المصغر.
كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنه "لا ملاذ للإرهاب ولن يكون موجودا في أي مكان سواء في جنين أو نابلس أو غزة"، مشيرا إلى أن إسرائيل "ستصل إلى كل مخرب وسيكون القتال بلا هوادة بنهج هجومي واستباقي".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي قولها إن "قواعد اللعبة تغيرت" بعد عملية جنين.
المصدر : الجزيرة