تتميز إفريقيا بشساعة مساحتها التي تتجاوز 30 مليون كيلومترا مربعا، وعدد سكانها الذي يتجاوز 1.4 مليار نسمة. بالإضافة إلى ثراء باطنها بالثروات والمعادن حيث تمتلك حوالي 30 % من الإحتياط الدولي في المعادن الخام. منها 40 % من احتياطي الذهب العالمي، و60 % من احتياطي الكوبالت العالمي، و90 % من احتياطي البلاتين.
إضافة إلى ثروات أخرى كالذهب والألماس، يزخر باطن القارة الإفريقية باحتياطات هائلة من المواد الطاقوية مثل الغاز، البترول، الفحم واليورانيوم.
ثراء باطنها جلب لها الإستعمار من طرف دول أوربية باحثة عن مواد أولية لصناعاتها. فبين 1850 و1914 تقريبا كانت كل القارة الإفريقية مستعمرة من قبل دول أوربية استعمارية.
اليوم تعرف اقتصاديات الـ55 دولة إفريقية التي تكون الإتحاد الإفريقي تفاوتات كبيرة. فمثلا في الوقت الذي بلغ فيه الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا عام 2021 أكثر 440 مليار دولار، كان الناتج المحلي الإجمالي لدولة بورندي في نفس العام، أكثر من ملياري دولار. أي ما يمثل 0.63 % الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا.
تفاوت في الإقتصاديات وعجز على تحقيق تكامل اقتصادي بين دول القارة، جعلها الأخيرة تبذل مساعي حثيثة في العشريات الأخيرة. سعيا منها لتحقيق التكامل وتنويع مصادر الدخل وذلك بإطلاق مشاريع استراتيجية كبرى في إطار المجموعة الإقتصادية الإفريقية.
المجموعة الإقتصادية الإفريقية تهدف إلى إنشاء منطقة تجارة حرة، اتحاد جمركي، سوق موحدة، بنك مركزي، وعملة موحدة.
ما هي أكبر اقتصاديات إفريقيا وما هي خصائصها؟ لتصنيف اقتصاديات الدول المعيار الذي يعتمد عليه هو الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يسمح بمعرفة حجم الإقتصاد ومعدل نموه. الناتج المحلي الإجمالي يمثل قيمة جميع السلع والخدمات النهائية المنتجة داخل دولة ما خلال فترة محددة.
أكبر أربع إقتصاديات في إفريقيا حسب الناتج المحلي الإجمالي هي : نيجيريا بناتج محلي إجمالي يتجاوز 452 مليار دولار. ثم مصر بناتج محلي إجمالي يتجاوز 450 مليار دولار تليها جنوب إفريقيا بناتج محلي إجمالي يتجاوز 384 مليار دولار. ورابعا تأتي الجزائر بناتج محلي إجمالي يتجاوز 187 مليار دولار.
بعد جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية، تضررت الإقتصاديات الإفريقية مثلها مثل باقي الإقتصاديات في العالم، فعرفت ارتفاعا في البطالة وغلاء في أسعار المواد الغذائية.
نيجيريا، أكبر اقتصاد في إفريقيا
بفضل كثافتها السكانية، ومواردها الطبيعية يأتي الإقتصاد النيجيري الأول في القارة الإفريقية. فبلغ الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا عام 2022 ما قيمته أكثر من 452 مليار دولار، وبمعدل ارتفاع بلغ 3.3%.
مساحة نيجيريا تتجاوز 923 ألف كيلومترا مربعا. وهي البلد الأكثر سكانا في القارة، حيث يبلغ تعداد سكانها في 2021 حسب إحصائيات البنك الدولي أكثر من 213 مليون نسمة، ما يجعل الناتج الإجمالي المحلي للفرد 2123 دولار.
القطاع الأكثر أهمية في الإقتصاد النيجيري هو البترول الخام. فتحتفظ نيجيريا بصدارة منتجي النفط في إفريقيا منذ عام 1979. وبلغ عام 2021 الإنتاج النفطي لنيجيريا 1.635 مليون برميل يوميا، أما احتياطات النفط المؤكدة نهاية 2021 كانت عند مستوى 36.91 مليار برميل.
ويشكل البترول حوالي 90 % من صادرات نيجيريا. لكن عام 2022 عرف الإقتصاد النيجيري نموا وعلى غير المتوقع بفظل قطاعات غير بيترولية. قطاعات مثل الخدمات، الإتصالات، التجارة والزراعة.
وتعد الزراعة واحدة من أهم القطاعات الإقتصادية في نيجيريا، فكانت تمثل ما نسبته 23.4 % من الناتج المحلي الداخلي عام 2021، كما توظف ما نسبته 35 % من السكان. تمارس في معظمها في الجزء الجنوبي من البلاد الذي يتيح ظروفا مناخية ملائمة.
القطاع الأخر الذي يساهم في اقتصاد نيجيريا هو قطاع السياحة. حيث تستقطب الحياة البرية النيجيرية والمناظر الطبيعية سواحا من وجهات مختلفة ما يدر على البلد عملة صعبة. وبلغ عدد السياح الذين زاروا نيجيريا في 2016 أكثر من 5 ملايين سائح.
الوقت المطلوب لإطلاق نشاط تجاري وإتمام الإجراءات لتشغيل شركة بشكل قانوني في نيجيريا هو 7 أيام.
وخصوصا بعد كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية، أصبحت نيجيريا تعاني من انتشار للبطالة وارتفاع للتضخم. نيجيريا هي دولة مشاركة في حوار توسيع “بريكس”.
مصر، همزة وصل بين إفريقيا وأسيا
دولة عريقة بتاريخها، وتمتد على الركن الشمال الشرقي لإفريقيا والركن الجنوبي الغربي من آسيا. بلغ الناتج المحلي الإجمالي لمصر في 2022 ما قيمته أكثر من 450 مليار دولار. وحققت معدل نمو في نفس العام بمعدل نمو بلغ 4.4 %.
مساحة مصر تتجاوز 1.002 مليون كيلومترا مربعا، أما تعداد سكانها يبلغ 109 مليون نسمة، ما يجعل الناتج الإجمالي المحلي للفرد 4121 دولار.
بالرغم من أنها تعاني من صدمات إقتصادية في الفترة الأخيرة إلا أنها تعد ثاني اقتصاد في إفريقيا. ففي ظل ارتفاع أسعار الفائدة في الإقتصاديات المتقدمة وبسبب الصراعات الجيوسياسية المحتدمة في الآونة الأخيرة، تعرف الأسواق الناشئة، ومنها مصر، خروجا واسعا لرؤوس الأموال. وهو ما ألحق أضرارا بالغة بمصر بسبب ذلك.
الوضعية التي دفعت بمصر لاتخاذ تدابير لضبط أوضاعها، وتعزيز دور الدولة في خلق مناخ مشجع للنشاط الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص.
الوقت المطلوب لإطلاق نشاط تجاري وإتمام الإجراءات لتشغيل شركة بشكل قانوني في مصر هو 13 يوما.
مصر هبة النيل..
أهم القطاعات الإقتصادية في مصر هي : الزراعة، ولنهر النيل وضفافه دور كبير فيها. هو ذو أهمية كبيرة في تحقيق الأمن الغذائي، كما يوفر 21.1 % من اليد العاملة. كذلك يساهم في الإقتصاد المصري قطاع المحروقات. فتجني مصر حوالي 500 مليون دولار شهريا من صادرات الغاز الطبيعي، رقم تسعى لرفعه ليبلغ مليار دولار. فإضافة لاستكشافات حقول جديدة التي تقوم بها، قامت بوضع خطة لترشيد استهلاك الكهرباء وذلك من أجل السماح بتصدير كميات أكبر.
واحد من أهم القطاعات التي تدعم نمو الإقتصاد المصري هو قطاع البناء والصناعات المعدنية. فتعتبر مصر ثاني أقوى سوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتوقع مصر أن تمتلك أكبر قطاع للتشييد والبناء في المنطقة بأكملها بقيمة تتجاوز 89 مليار دولار.
الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات كذلك واحد من دعائم الإقتصاد المصري. فبلغ معدل نموه عام 2021 نحو 16.1 % حسب الحكومة المصرية. وهو القطاع الذي جاء في المقدمة من حيث عدد الصفقات وقيمتها في إطار نشاط الاستحواذ والاندماج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال النصف الأول من 2022.
القطاع الآخر المهم في الإقتصاد المصري هو السياحة. لكنه يعرف مؤخرا انهيارا بعد أزمة كوفيد ثم الأزمات الجيوسياسية في العالم. وقد زار مصر حسب آخر إحصائيا للبنك الدولي أكثر من 13 مليون سائح.
ويتوقع البنك الدولي أن تتضرر بيئة الإقتصاد الكلي في مصر خلال السنوات 2022، 2023، 2024 كنتيجة للصدمات العالمية المتزامنة لكنه سيبدأ بعد ذلك بالتحسن. وقامت مصر بتقديم طلب لعضوية “بريكس”.
جنوب إفريقيا، الإقتصاد الأكثر تصنيعا وتنوعا في القارة
بلغ الناتج المحلي الإجمالي لجنوب إفريقيا في 2022 ما قيمته أكثر من 384 مليار دولار، وبمعدل نمو بلغ 2 %. أما مساحتها فتتجاوز 1.22 مليون كيلومتر مربع.
أثناء الثمانينات كانت جنوب إفريقيا تطبق نظام الفصل العنصري بين الأعراق المختلفة التي تكون المجتمع الجنوب إفريقي. نظام تسبب بفرض عقوبات اقتصادية على البلاد كانت لها انعكاسات سلبية على اقتصادها.
وتم القضاء على نظام الأبارتايد ذاك بداية التسعينات، وإجراء أول انتخابات غير عنصرية في 1994. وبالتالي عملت حكومة جنوب إفريقيا آنذاك على إنعاش الإقتصاد الجنوب إفريقي وذلك بالقضاء على مخلفات تلك العقوبات. فكانت مهمتها إضافة إلى إدماج الفئات المحرومة سابقا، إقناع رؤوس الأموال الأجنبية بدخول جنوب إفريقيا.
الوقت المطلوب لإطلاق نشاط تجاري وإتمام الإجراءات لتشغيل شركة بشكل قانوني في جنوب إفريقيا هو 40 يوما.
أصبح اليوم إقتصاد بلاد نيلسون مانديلا هو الثالث في القارة الإفريقية، والإقتصاد الأكثر تصنيعا وتطورا وتنوعا في القارة السمراء.
فتمتلك جنوب إفريقيا إمكانيات صناعية في مجالات عدة. منها الزراعة، التعدين، صيد الأسماك، إضافة إلى تصنيع المركبات وتجميعها، الأغذية، الإتصالات، والخدمات المالية والتجارية، تكنولوجيات المعلومات وغيرها من المجالات.
يبلغ تعداد سكان جنوب إفريقيا أكثر من 59 مليون نسمة، ما يجعل الناتج الإجمالي المحلي للفرد 6352 دولار.
بالرغم من التحسن الذي تعرفه حياة الجنوب إفريقيين إلا أن ذلك التقدم عرف ركودا خصوصا بعد جائحة كوفيد، كما أن التحديات الإجتماعية والإقتصادية تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.
كما أن نقص الإمدادات بالكهرباء وانقطاع التيار الكهربائي الذي يصل أحيانا إلى 9 ساعات يوميا، تقيد النمو الإقتصادي في جنوب إفريقيا.
جنوب إفريقيا هي الدولة الإفريقية الوحيدة العضو في كل من مجموعة “بريكس” السايسية والإقتصادية التي تضم الدول صاحبة أسرع نمو إقتصادي في العالم. وهي عضو أيضا في مجموعة العشرين، المنتدى الدولي الذي يجمع حكومات ومحافظي البنوك المركزية من 20 دولة والإتحاد الأوربي.
الجزائر، تقدم اقتصادي وبشري
بلغ الناتج المحلي الإجمالي للجزائر في 2022 ما قيمته 187 مليار دولار حسب صندوق النقد الدولي، وبمعدل نمو بلغ 4.7 %. مع تعداد سكان يقدر بأكثر من 44 مليون نسمة، يصبح الناتج الإجمالي المحلي للفرد 4150 دولار.
الجزائر هي أكبر بلد في القارة الإفريقية بمساحة تتجاوز 2.382 مليون كيلو مترا مربعا يعتبر قطاع المحروقات هو العمود الفقري للإقتصاد الجزائري، وتعد شركة سوناطراك الحكومية وهي عملاق النفط الجزائري قاطرة الإقتصاد الجزائري وأهم شركة في إفريقيا.
ويمثل قطاع المحروقات ما نسبته 19 % من الناتج المحلي الإجمالي للجزائر و93 % من الصادرات، ما يجعل أسعار الغز والذهب الأسود تؤثر كثيرا في الإقتصاد الجزائري.
وتعد الجزائر أول مصدر إفريقي للغاز الطبيعي، وتمتلك احتياطات من الغاز بغلت مع نهاية 2022 نحو 4.5 تريليون مترا مكعبا. وتحاول الجزائر تنويع مصادرها وذلك بتشجيع قطات الفلاحة، والصناعات التحويلية وقطاع الخدمات.
أثناء السنوات الـ 20 الأخيرة، وبفضل ارتفاع أسعار النفط تمكنت الجزائر من إحراز تقدم من الناحية الإقتصادية والبشرية. فقامت بتصفية ديونها الخارجية مع عام 2008، واستثمرت في إنجاز البنى التحتية، وانتهاج سياسات اجتماعية (سكن اجتماعي، منح بطالة، تمويل مشاريع الشباب…) ما ساهم في محاربة الفقر وتحسين حياة المواطنين.
تحسّن جودة حياة المواطنين رفع من معدل أمد الحياة ليبلغ 76 سنة حسب معطيات البنك الدولي عام 2021.
بلغت قيمة احتياطات الصرف ما قيمته 61.7 مليار دولار نهاية 2022، وهو مبلغ يكفي لتغطية حوالي 16.3 شهرا من واردات السلع والخدمات.
مند 2020 وضعت الحكومة الجزائرية قوانين جديدة في مجالات المحروقات، الإستثمار، الشراكة بين القطاع العام والخاص إضافة إلى القرض والنقد. سياسات تريد بها الحكومة تشجيع القطاع الخاص من أجل تنويع الإقتصاد خارج المحروقات وخلق مناصب شغل خصوصا وأن المجتمع الجزائري مجتمع شاب.
كما قامت الحكومة الجزائرية أيضا بوضع قيود على الإستيراد وذلك لتقليل النفقات ولتشجيع المنتجات الوطنية.
الوقت المطلوب لإطلاق نشاط تجاري وإتمام الإجراءات لتشغيل شركة بشكل قانوني في الجزائر هي 18 يوميا.
هذا دون إهمال قطاع المحروقات، حيث رصدت مع بداية 2023، استثمارات ضخمة للبحث والإستكشاف عن حقول جديدة لرفع الإنتاج وزيادة الإحتياطات بالإضافة إلى التكرير. وقد تقدمت الجزائر بطلب عضوية “بريكس” عام 2022.