كانت غرفة العمليات ساخنة هذه المرة وكان طبيبي يصرخ في هاتفه يستعجل طواقم الدعم النائمة وبعد مكالمات كثيرة وصلت النواعس المائلات في مشيتهن كن نصف نائمات ومع ذلك حاولن زرع نصف ابتسامة على وجوههن فالمدير غاضب هذه المرة وبدأت خلية النحل تعمل بشكل مرتب ومفصل كان جراحي يعتمد برتكولا صارما في تجهيز غرفة العمليات ويحسب جميع القطع بنفسه ويشرح كل خطوة لمساعديه وبدأت طقطقة الأواني الطبية من حولي كان حينها مخدري الرحيم يربت على ظهري ويسألني بعد كل حقنة هل يؤلمك هذا؟ استريحي فقط وتنفسي فكل شيئ سيمر بسرعة قالها ببساطة وفعلا كل شيء سيمر بسرعة! حتى أنت يا أبي رحلت بسرعة ولم تنتظرني كعادتك أنت لست خلف بوابة غرفة العمليات هذه كنت وقتها أخبر مخدري بكل صمت مايؤلمني حقا هو انتظاري لطقطقة عكازين وقورين كانا بالنسبة لي سندا وأملا في كل لحظاتي الحاسمة طقطقتهما على السراميك كانت بالنسبة لي موسيقاي التي تبعث السرور في قلبي لكنهما لن يأتيا هذه المرة رغم اقتراب صوتهما مني أنا الآن أسمعهما بقلبي منذ ساعات الفجر الأولى أسمعهما وهما يقتربان مني يعزفان معزوفة الحب الخالدة أسمع معهما الفاتحة بذلك الصوت الذي كان يعني لي كل الأمان وكل الحياة أميزهما جيدا أشعر بنفسه وهو يضع يده على رأسي ويقرأ بصوته الشجي المعوذات وآيات الشفاء روحه حاضرة معي ولكنه ليس هنا لن أجده حين أخرج من غرفتك هذه ياطبيبي لن يفرح معي بحفيدته التي أحبها كثيرا وأراد الله أن لا يجتمع بها، أنا أشفق عليك ياصغيرتي فلن تعرفي ابتسامة جدك ولن تختبري حضنه الدافئ ولكن لا اعتراض على أمر الله رحمك الله يا أبي برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته وجزاك عنا كل خير وإنا لله وإنا إليه راجعون