ترجمة: ج. ع:
الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي منحت صدارتها للمتعصّبين اليهود المتشدّدين ، تخطّط أساسا لتوسيع المستوطنات.
بعد أكثر من خمسين سنة على احتلال قطاع غزّة و الضّفّة الغربية بالقوّة لا بدَّ لتكريس هذه السّيطرة من ثمن سياسي و دبلوماسيّ.
تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي تم تنصيبها بتاريخ ٢٩ دجنبر الأخير ونصيب التنظيمات الأكثر راديكالية التي لم يسبق لها التمثيل في البرلمان الاسرائيلي، داخل هذه التشكيلة، كل ذلك مجتمعا توّج تطوّرا غير مسبوق للدولة العبرية.
إذا كان الاغراء غير الليبرالي و الرّجعي المنبثق عن صناديق الاقتراع لا يعني غير الاسرائيليين أنفسهم فإنّ الحال يتغير بالنسبة لنية إحكام السيطرة على الأراضي الفلسطينية، والتي تشكل خارطة الطريق الأخرى لهذه الحكومة.
الأفق لم يعد أفقَ دولتين و إنما ضمّ الأراضي الفلسطينية رغم جسامة المخاطر.
بعد ما يزيد على خمسين سنة من احتلال القطاع والصّفّة، لم يعد مقبولا اعتبار النظام العسكري المفروض فيها نظامَ احتلال مؤقت. خلال نصف قرن ، و بعيدا عن سلطة فلسطينية فى وهن متزايد، لم يتوقف " تفاقم " هذا النظام الاستثنائي بينما واصلت السلطات الاسرائيلية تسهيل إستيطان الإسارائيليين اليهود (١) داخل الأراضي المحتلّة فى انتهاك صارخ للقانون الدّولي.
قبل أشهر من الآن اشتعلت الاحتجاجات المستنكرة لاستخدام مصطلح " الأبرتايْد " من طرف منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ، لوصف النظام الذي يقبع تحته الفلسطينيون.
المدافعون عن إسرائيل (٢) تعوّدوا على هذا النّشاط، خاصة أنّ المعركة ليست فقط دلالية، باعتبار آثارها القانونية المحتملة بالنسبة لمحكمة العدل الدّولية التي تحقق فى الجرائم المرتكبة داخل هذه الأراضي.
شدّة ردّة الفعل هذه لن تتمكّن من التّغطية على الحقيقة المهمّة الوحيدة، والتي ينبغي أن تُثير السخط الوحيد المقبول:
و هو كون هذا النّظام يمنح على نفس الأرض حقوقا مختلفة لشعوب مختلفة حُددت طبقا لمعايير عرقية (٣).
بينما ظلَّ الفلسطنيون محاصرين فى "جيوب " مُغلقة، تحت (رحمة ) مُحتل لا يرحم (٤) عملَ إطار قانوني مُحدّد لا يُفيد غير الاسرائيليين على مواصلة وجود دولة مُعترف بها دوليًّا مع تلك الأراضي المحتلة.
هذا الواقع ناتج عن الاستراتيجية المؤدّية إلى اغتصاب الأراضي الفلسطينية.
إفلات إسرائيل من العقاب؛
كون هذا الأمر فرض نفسه على حلفاء إسرائيل، تماما كالدوّل العربية التى طبّعت دون تردّد علاقاتها مع الدولة العبرية، فإنّه لا ينقص من الفظاعة المكرّسة والمتجسّدة في منهجة مصادرة الأراضي، من بين أمور أخرى، و انعدام حرّية التنقل أو اللجوء إلى العنف غير المتكافئ دون أي عقاب. حتى أنَّ انسحاب غزّة لم يمنع أبدًا إسرائيل من ممارسة ظغط خانق على سكانها كما يشهد على ذاك الحصار اللاإنساني المفروض عليها رغم وضعها المتردّي.
إدامة هذه الهيمنة على عموم الفضاء الإقليمي الممتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الأردن تكلّف ثمنا سياسيا و دبلوماسيا. يظهر جليًّا زيف الطابع الديموقراطي لدولة إسرائيل (5). خمسة ملايين فليسطيني بين غزة و الضّفّة يعانون من نظام يدير شؤونهم فى أدق تفاصيلها.
التهمة تطال كذلك الحلفاء الغربيين للدولة العبرية. لقد دأبوا لزمن طويل على تمجيد " قيّم " مشتركة لإخفاء تجاهلهم للقضية الفلسطينية، لكنّ القيم المذكورة بدا أكثر من أي مضي أنّها غير موجودة أصلا.
فلا يستغربوا إذًا من عدم اكتراث جزء من العالم حين ينادون، فى غير بلدانهم، باحترام حقوق الشعوب.
___________
(١) تطبيق ممنهج للفصل العنصري
(٢) "المدافعون عن إسرائيل " اللوبيات
اليهودية فى العالم الموالية لإسرائيل
(٣) تعريف الآبارتايدْ
(٤) التطابق مع نظام الفصل العنصري
ذي الشهرة البائسة، بجنوب إفريقيا
(٥) حصر " ديموقراطية " الابارتايدْ على اليهود فى إسرائيل، تماما كما كانت الحال للبيض فى جنوب إفريقيا دون غيرهم أيام نظام الفصل العنصري.