إعلانات

موريتانيا الآمنة / افتتاحية لحزب الصواب

أحد, 25/09/2022 - 23:05

 

افتتاحية الاثنين 26/09/2009
(موريتانيا الآمنة)

الحلقة الأولى 

في العمل السياسي وظرف تكويني تُرسم فيه ملامح انعطاف وطني كبير، ينبغي الشروع الفوري في كل خطوة تخدم المصلحة العليا للبلاد، والاستعداد لما يترتب عليها من نتائج وما قد يصاحبها من تداعيات، والتمييز الحصيف بين الظاهرة العارضة عن الظاهرة الحقيقية الأصلية. ذلك أن الفرق بين النخب الأصيلة والمهترئة ليس في القدرة على التصور والاستشراف بل في وضع التصورات موضع التطبيق، فالنخبة الأصيلة تستطيع كلما تطلبت اللحظة التاريخية ذلك،  تقديم التضحيات فتتعالى على مطامحها الصغيرة واختياراتها المحدودة لأن واجب الاستجابة لنداء الضمير  النقي وحاجة الأمة  يستدعيان ذلك بل ويفرضانه أحيانا ، وكلما استطاعت نخب ما قياس الذاتي بالموضوعي والخاص بالعام ، والمنفعي بالقيمي كلما استحقت بجدارة حيازة لقبها فأنتجت فعلا مؤثرا وباقيا في ذاكرة الأجيال ، ولا يقاس الفعل المؤثر بنتائجه المرئية للعموم فقط ، بل بتلك التي يدركها أهل الرأي والبصيرة ممن يزنون الأفعال بالعقل لا بالعاطفة فيكتشفون أبعاد مدياتها الرحبة وانعطافاتها الممكنة ، وبقدرما يتضمن الفعل من مغالبة التيار ومناهضة المألوف والعادي في الحياة السهلة لأصحاب الذاكرة الرخوة بقدرما يترجم قيم الثورية والانحياز إلى الذين لا يجدون في حياتهم أخطر من المألوف، وإن كانوا دائما أول السائرين في ركاب دعاته ، لا لشيء إلا لأن الحياة هكذا كما يتوهمون، مع أن خياراتها الأفضل كثيرة أمامهم وبأفق يتسع مع مراد النفوس الكبيرة في طلب ما كرم به الخالق عبده.
ولا توجد لموريتانيا اليوم حاجة أكثر إلحاحا  من ضمان توحيد صفوفها على قيم المساواة والعدالة وإفشاء روح التعايش والوئام داخل نسيجها السياسي والاجتماعي، والابتعاد بها عن الخطابات الانتهازية التي تجافي الحقائق الموضوعية ولا تخدم إلا أغراضا آنية ومصالح ضيقة عطلت عبر تاريخ بلدنا فرص نهوضه وأجهزت على عوامل تنميته، وعرَّضته أكثر من مرة لهزات كادت ان تعصف بكيانه، ونشاهد إلى حد اليوم استمرار الواقفين  - دون حياء- خلف تلك الصناعة يستميتون في زيادة حجم  الاخطار وخلق المزيد منها، وحرمان موريتانيا، دولة ومجتمعا،  من فرص يعطي فيها المواطن ثمرة قدراته وعبقريته لتحقيق استقلال بلاده الناجز ودفع تنميتها الجانحة في وهاد الفساد وسوء الحكامة وتخلف العقل السياسي.
يدرك عقلاء موريتانيا اليوم  أهمية نقل التباينات والاختلافات من ساحة الصراع العبثي المغامر الى ساحة العمل القائم على الحوار والتوافق وتقوية الثوابت الوطنية وتضييق هوامش الاختلافات المعيقة لاستقرار البلد واكتمال بناء مؤسساته السياسية التي  هي أفضل وسيلة لحماية مستقبل أجياله في عالم تسوده الحسابات الأنانية والجشع والأطماع والمنافسات والريبة الدبلوماسية المحيطة بجهاتنا قاطبة   .
وإذا كانت أولى المسؤوليات القائمة على عاتق الدولة هي الدفاع عن ثوابت المجتمع وإنفاذ قوانين الجمهورية واحترام قواعد اللعبة الديمقراطية فإن الشراكة السياسية المطلوبة بين الاطراف الوطنية يجب أن تقاس بما ستؤمن من دعم لهذه النقاط الجوهرية، وما باستطاعتها أن تزيل من الالغام المنظورة والمطمورة أصلا لنسف استقرارنا وتماسكنا الداخلي،وما ستوفره هذه الشراكة من فرص لاقتلاع حشائش ظلام الكراهية والعنف والتقوقع في كهوف هجرتها شعوب العالم أجمع.
لقد شكلت حقبة الانفتاح والتهدئة التي  شرعنا فيها 2019 مع وصول فخامة  رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة مدخلا مناسبا لمعالجة التوترات السياسية والاجتماعية ووضع أسس آمنة لتسوية المظالم المرفوعة من جهات عديدة، ولم نر أو نسمع من طرف ذي شأن في ساحتنا تحفظا على هذا الانفتاح بل رأينا سبه إجماعي على فائدة مراميه البعيدة ودورها في دعم الاستقرار والسكينة، عمت أكثر من ذلك الاشادة به وبلقاءات الرئيس مع أطراف المعارضة بمن فيهم مرشح الرئاسيات النائب بيرام الداه اعبيد، والترخيص لاهم المنظمات الحقوقية المحرومة دون وجه حق من رخصة العمل القانوني منذ تأسيسها 2008، وهي خطوات كانت ذات مضمون عميق لسير البلاد بخطوات واثقة نحو تحقيق انتصار استراتيجي للمجتمع والدولة يعطي الامل بحق الجميع في العمل السياسي والجمعوي وفق قواعد موحدة منصفة وعادلة، قادرة ان تكون المشعل الذي يضيئنا عندما يهددنا الظلام الذي صنعته حقب الفساد والشعارات الجوفاء والحزن المخيم فوق أرواح وأجساد مواطنين ينتشر بينهم فاحش الغبن الفاحش والتفاوت بمختلف أشكالهما وهيمنة الأقوى والمستبِد ...والمدمنين على انتهاك قواعد  الديمقراطية والتلاعب بالفرز الانتخابي الطبيعي الذي هو أسوء تلاعب بكرامة الإنسان ومصادرة حريته وحقوقه وفي كونه سيدا في بلده وعلى ارضه وسيدا في خياراته، لا وصاية لأحد عليه إلا بنص وقانون،  قانون لا يخضع لرغبة شخص أو جماعة ويحترمه الجميع ويشرف عليه قضاء مستقل وعادل ونزيه... 
يتواصل …