أعلنت حركة الجهاد الإسلامي إطلاق أكثر من 100 صاروخ باتجاه مدن وبلدات إسرائيلية، ردا على اغتيال القيادي بالحركة تيسير الجعبري في عملية "الفجر الصادق"، بينما تتواصل الغارات الإسرائيلية متسببة باستشهاد وإصابة العشرات في قطاع غزة.
وفي وقت مبكر من فجر السبت، قال الجيش الإسرائيلي "اعترضنا نحو 40 صاروخا من أصل 100 أطلقتها حركة الجهاد الإسلامي من غزة نحو المناطق المتاخمة للقطاع"، معلنا نشر بطاريات منظومة "القبة الحديدية" في المنطقة الوسطى.
وقال مراسل الجزيرة إن بعض الصواريخ الفلسطينية اجتازت منظومة القبة الحديدية، حيث دوت صفارات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة.
كما أمرت سلطات الاحتلال مواطنيها في المناطق المتاخمة للقطاع في شريط بعمق 40 كيلومترا الالتزام بتوجيهات الجيش والبقاء على مقربة من الملاجئ والغرف المحصنة، تحسبا من تعرض مناطقهم لإطلاق نار وصواريخ من القطاع.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلغاء جميع الأنشطة التعليمية على مسافة 80 كيلومترا من غزة.
ومن جهتها، حذرت هيئة البث الإسرائيلية من "قصف صاروخي مكثف" باتجاه بلدة سديروت والمستوطنات المحيطة بغزة.
ومساء الجمعة، دوت صافرات الإنذار في تل أبيب وعدد من البلدات المحيطة بها، كما دوت الصافرات في مستوطنات غلاف غزة.
وقد أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- إطلاق أكثر من 100 صاروخ باتجاه تل أبيب ومدن وسط إسرائيل، في إطار ردّها الأولي على اغتيال الجعبري، وأوضحت أنها استهدفت أسدود وسديروت وعسقلان برشقات صاروخية كثيفة.
طفلة جريحة أصيبت في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة في عملية "الفجر الصادق" (الفرنسية)
تأييد أميركي
وعند منتصف ليل الجمعة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في بيان "أطلعت نظيري الأميركي لويد أوستن على العملية العسكرية في غزة وأكدت أنها ضمن الدفاع عن مواطنينا".
وأضاف البيان أن غانتس أكد لنظيره الأميركي أن إسرائيل تعمل من أجل الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها ضد من وصفهم البيان بالإرهابيين.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الوزير لويد أوستن اطلع على مستجدات الغارات الإسرائيلية على غزة، وإن إسرائيل تنفذها حماية لمواطنيها.
وأضافت أن وزير الدفاع الأميركي أعرب عن قلقه بشأن التقارير المتعلقة بمقتل مدنيين ودعا إلى إجراء تحقيق في الوقت المناسب.
كما أكد البنتاغون أن أوستن حث نظيره الإسرائيلي على اتخاذ خطوات لتهدئة الموقف.
"الفجر الصادق"
وأعلن جيش الاحتلال -في بيان- بدء عملية عسكرية في قطاع غزة تحت اسم "الفجر الصادق"، استهدف فيها مواقع وشخصيات قيادية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي في القطاع.
وأوضح البيان أن طائرات حربية استهدفت خلال عملية مشتركة للجيش وجهاز الشاباك، القيادي البارز في الحركة مسؤول منطقة شمال القطاع تيسير الجعبري.
وأشار البيان إلى أن الجعبري كان شخصية بارزة في حركة الجهاد الإسلامي، وشغل مناصب مختلفة فيها، من بينها قيادة ملف العمليات ومسؤولية تنفيذ هجمات ضد الإسرائيليين وجنود الجيش.
وأضاف البيان أن الجيش استهدف نحو 10 ناشطين آخرين من الحركة، وخلايا لنشطاء كانوا في طريقهم لتنفيذ عمليات إطلاق صواريخ مضادة للدروع وعمليات قنص، كما استهدف معسكرات ومباني يستخدمها نشطاء الحركة.
وصدّق وزير الدفاع غانتس على أمر عسكري استثنائي باستدعاء 25 ألفا من قوات الاحتياط، كما أعلن الجيش الإسرائيلي تعزيز قواته على الحدود مع قطاع غزة بقوات من اللواء الـ36 ولواء جولاني ولواء المدرعات.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع قوله إن تركيز إسرائيل ينصب فقط على حركة الجهاد الإسلامي، وإن العملية لن تنتهي خلال ساعات.
كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية تجنيد 10 فرق احتياط في حال تدهور الأوضاع.
وبدوره، قال رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لبيد إن حكومته لا تريد الحرب لكنها جاهزة لها ولا تخشى حدوثها، وفق تعبيره.
وأشار لبيد في كلمة له إلى أن العملية في غزة تستهدف تهديدات ملموسة على المواطنين في جنوب إسرائيل، مؤكدا أن العملية العسكرية ستستمر مهما لزم الأمر، وفق قوله.
وأضاف لبيد "أطالب الجميع بالالتزام بالتعليمات خلال الأيام القادمة، وأعتمد على الجمهور الإسرائيلي، وأنا متأكد أنه سيقف بقوة إلى جانب المنظومة الأمنية".
وقال أيضا "شعب إسرائيل قوي ويفهم أهمية الردع. أنا متضامن مع سكان الجنوب. قوات الأمن جاهزة مع ردود قوية ضد كل هجوم. نحن سنقف بقوة ضد العدو سويا".
كما ذكر بيان مشترك لرئيس الوزراء لبيد ووزير الدفاع غانتس، أن الجيش الإسرائيلي وجه ضربات استهدفت حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
وأضاف البيان أن الهدف من هذه العملية هو "القضاء على أي تهديد ملموس ضد مواطني إسرائيل، وكذلك استهداف الإرهابيين ومن يدعمهم"، بحسب وصفه.
وحمّل غانتس حركة الجهاد الإسلامي مسؤولية تدهور الأوضاع في قطاع غزة، وقال إن سياسية إسرائيل واضحة مفادها أن من يهدد أمنها لن يبقى على قيد الحياة، حسب وصفه.
وأشار غانتس إلى أن هذه الرسالة تم إيصالها لشركاء تل أبيب الذين يحاولون التوصل للتهدئة مع قطاع غزة.
القيادي بسرايا القدس تيسير الجعبري الذي اغتالته إسرائيل في غاراتها الجوية أمس على غزة (مواقع التواصل)
شهداء وجرحى
وفي وقت مبكر من فجر السبت، أفاد مراسل الجزيرة بأن مقاتلات إسرائيلية قصفت موقعا للفصائل الفلسطينية بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وبعد تنفيذ قوات الاحتلال غارات ليلية، أفاد مراسل الجزيرة بأن 5 فلسطينيين، بينهم 3 أطفال، أصيبوا في قصف استهدف منطقة الشعف شرقي مدينة غزة.
وسبق أن أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة استشهاد 10 فلسطينيين بينهم طفلة تبلغ من العمر 5 أعوام، وإصابة 75، في حين رفعت الوزارة حالة التأهب والاستعداد في كافة مستشفيات القطاع في أعقاب الغارات الإسرائيلية.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة، في مقابلة للجزيرة، إن الإسعافات والمستشفيات في غزة في حالة استنفار للتعامل مع الوضع المتأزم.
وأشار القدرة إلى أن المؤسسات الصحية في غزة تعاني من نقص جراء الحصار الإسرائيلي خلال الأعوام الـ15 عام الماضية.
ردود فعل
وفي أبرز ردود الفعل على العملية الإسرائيلية، قالت غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة إن رد المقاومة قادم وبالطريقة التي تحددها قيادتها، وأضافت أنها في حالة انعقاد وتقدر الموقف بالاشتراك مع الأجنحة العسكرية كافة.
من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن العدو الإسرائيلي بدأ التصعيد على المقاومة في غزة، وعليه أن يتحمل المسؤولية.
وأكدت حماس -في بيان لها- أن المقاومة بكل أذرعها العسكرية وفصائلها موحدة في هذه المعركة، وستقول كلمتها بكل قوة، مشيرة إلى أن "العدو الإسرائيلي ارتكب جريمة جديدة وعليه أن يدفع الثمن".
كما أكدت حركة الجهاد استشهاد قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس تيسير الجعبري خلال الغارات، وقالت "إن العدو بدأ حربا تستهدف شعبنا وعلينا واجب الدفاع عن أنفسنا وعن شعبنا".
وأشار الأمين العام للحركة زياد النخالة إلى أن "العدو بدأ العدوان، وعليه أن يترقب ردنا، وأن اليوم اختبار للمقاومة".
وأضاف النخالة أن القتال بدأ ومن المبكر الحديث عن وساطة بعد سقوط شهداء فلسطينيين، مشيرا إلى أن "هذه الحرب فرضت علينا وسنذهب بالرد حتى النهاية".
وشدد النخالة على أنه لا خطوط حمراء لهذه المعركة، و"ستكون تل أبيب أحد أهداف صواريخنا".
وقال مسؤول المكتب الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، في مقابلة مع الجزيرة، إن أولوية الحركة في الوقت الحالي هي الرد على العدوان الإسرائيلي، مؤكدا أن حركته هي من تحدد مسار هذه المعركة وكيف ستنتهي، على حد قوله.
ودانت الرئاسة الفلسطينية العدوان على قطاع غزة وطالبت بوقفه فورا، وحمّلت الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية التصعيد.
أما الجبهة الشعبية، فقد حملت -في بيان لها- الاحتلال المسؤولية الكاملة عن عدوانه على قطاع غزة، وعن تداعيات جريمة اغتيال القائد في سرايا القدس تيسير الجعبري.
ودعت الجبهة -في بيان لها- إلى الوحدة أمام العدوان، كما دعت كافة الأذرع العسكرية المقاومة للرد.
من جهتها، نعت الجبهة الديمقراطية الجعبري وعددا من الشهداء، وحمّلت الاحتلال الإسرائيلي ما وصفته بتبعات جريمة اغتياله الجبانة.
الضفة الغربية
في السياق نفسه، حذرت فصائل المقاومة في مخيم جنين بالضفة الغربية الاحتلال الإسرائيلي من ارتكاب ما وصفته بحماقات أخرى ضد رجال المقاومة والمدنيين الفلسطينيين.
وأكد متحدث باسم أذرع المقاومة في المخيم -في بيان- أن جميع طرق المستوطنات والمستوطنين ستكون هدفا لرصاص المقاومة إذا استمرت الاعتداءات على الفلسطينيين.
وتظاهر فلسطينيون في مدينة رام الله ومخيم جنين بالضفة الغربية احتجاجا على العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف قطاع غزة.
وشارك في احتجاجات مخيم جنين، التي نظمتها القوى الوطنية والإسلامية، عدد من كوادر حركة الجهاد الإسلامي ومسلحيها، كما طالب المتظاهرون بتوحيد الجهود الفلسطينية في مواجهة الاحتلال واعتداءاته المتكررة.
المصدر : الجزيرة