صدر ديوان "سراديب في ظلال النسيان" لأول مرة يوم 9/11/1999 عن "دار قزح للصحافة والطباعة والنشر"، في طبعة محلية لم تحمل ترقيما وطنيا ولا دوليا.
وكان لصدور الديوان قصة طريفة وهي أن الزميل عبد الرحمن ولد أحمد سالم مدير دار السينمائيين الموريتانيين، زارني وطلب على جناح السرعة أن أزوده بمجموعة من قصائدي سيطبعها في كتيب، وكنت ما أزال بين اليقظة والنوم، فمددت يدي إلى مظروف غير بعيد كنت قد وضعت فيه كومة أوراق وعنونته بـ"سراديب في ظلال النسيان"، وكانت فيه قصائد مرقونة وأخرى بخطِّ اليد.. ناولته إياه بعد أن كتبت إهداءات قليلة على بعض القصائد، وقلت له ليس لدي غير هذه المسوداتِ فلا تضع منك، خرج مسرعا وتركني أشعل سيجارتي الأولى بعد النوم، وأسميها "البكر الزرقاء".
نسيت موضوع مسودات القصائد.. وفي يوم زفافي وجدت ثلاثمائة نسخة من أول ديوان لي قد صدرت، كانت "هدية الميلاد". فتلقفتها الأيدي وسأعلم أنها عبرت الحدود إلى أكثر من دولة عربية وإفريقية، وأنه تم استنساخها في نواكشوط من طرف وراقات لبيعها لمن يهمه الأمر، وقليل ما هم، لكن الأهم أن لغة هذا الديوان وأخيلتهُ سوف تتلبسُ أجيالا من الشعراء الموريتانيين، وأنا لا أدين لأحدٍ بتحفظ في هذا المجال.
كان العمل على إنجاز الديوان بشكل سريع قد فرض طباعته على الحاسوب بسرعة ما تسبب في استبدال كلمات قليلة وحذف أخرى ما زاد الأخطاء المطبعية التي أثرت على شكل بعض الأشطر وفي الوزن أحيانا، لكنها لم تؤثر في فطرية القصائد بشكل عام.
في العام 2016 طُـلب مني إصدار مجموعة القصائد/ الأغاني، التي ألفتها، في ديوان شعر غنائي، صدر بالتعاون بين داري نشر "دفاتر مالارمي" و"لارمتان" الفرنسيتان تحت عنون "هذا هو النهد الذي اعترفت له" (رسالة إلى محمد بدي أبنو).
وكانت بعض "القصائد الأغاني"، التي تضمنها أول ديوان عربي من نوعه جميع كلماته بالفصحى ومغناة من طرف مطربين، قد نشرت في ديوان "سراديب في ظلال النسيان".. ومن هنا وجب التنبيه لذلك في أول طبعة رسمية ومنقحة للديوان.
رغم أن قصائده عمِّدت في قاعات إلقاء الشعر وعبر وسائل الإعلام مرئية ومسموعة ومكتوبة وعرفها الجمهور من خلال حناجر كبار مطربي البلاد، فإنَّ، هذا الديوان مدين أيضا فيما حققته نصوصه على مدى أكثر من عشرين عاما، للناشر الوفي الذي عبر بطريقتهِ الفنية الخاصة عن فرحه بحدث يخصني (لنقل إنه بالنسبة لخاصة الأصدقاء حدث فلكي مُميَّـز ...) فقام بمنح قصائد الديوان تأشيرة عبور إلى أماكن لم تكن بالغتها إلا بشقّ الأنفسِ.
الطبعة الجديدة المنقحة دون إخراج الزكاة، هي استجابة لدعوات الشعراء الأفاضل الذين ألحوا علي أكثر من مرة بضرورة إعادة طبع الديوان وتوفره في المكتباتِ.
المختار السالم