المصدر : الجزيرة
واشنطن – قبل أيام قليلة، كرر الرئيس الأميركي جو بايدن مجددا مد يده للمصافحة على الرغم من عدم وجود أي شخص قريب منه تلك اللحظة، بعد أن أنهى خطابا كان يلقيه في مدينة سياتل.
وأنهى بايدن جولته في ولاية واشنطن بخطاب حول الإصلاحات المقترحة، وعندما قال وداعا للجمهور، استدار ويده ممدودة للمصافحة رغم عدم وجود أي أحد في الخلف، بعد ذلك قام بمد يده مرة أخرى إلى الفراغ قبل أن يلتفت الرئيس للجمهور بابتسامة وشكره له على الاهتمام.
وجاءت هذه الحادثة بعد أسبوع شهدت حدثا مماثلا، فبعد انتهاء بايدن من خطاب ألقاه في جامعة ولاية كارولينا الشمالية حول إصلاح البنية التحتية، أدار ظهره على المسرح ومد يده للمصافحة، على الرغم من عدم وجود أحد بالقرب منه. بعد ذلك قام بايدن والارتباك الواضح يبدو عليه، بالسير عدة خطوات بعيدا عن المنصة.
أوائل الشهر الجاري، بدا بايدن مرتبكا خلال فعالية شهدت زيارة الرئيس السابق باراك أوباما للبيت الأبيض للمرة الأولى منذ مغادرته منصبه. وأظهرت لقطات بايدن يتجول وهو مرتبك ولا يبالي به أحد، في حين كان أوباما مشغولا بمصافحة المعجبين وزملائه السياسيين في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض.
الحالة الذهنية لبايدن
وخلال مؤتمر صحفي بمناسبة مرور عام على وصوله البيت الأبيض في 19 يناير/كانون ثاني الماضي، تلقى بايدن سؤالا غير متوقع حول حالته الذهنية ولياقته العقلية.
وتجاهل الرئيس سؤال جيمس روزن مراسل شبكة تلفزيون نيوز ماكس ذات التوجه اليميني، عن استطلاع للرأي أجرته آنذاك صحيفة بوليتيكو وجد أن 48% من المستطلعين لا يوافقون على العبارة التالية "جو بايدن لائق عقليا لممارسة مهام الرئاسة".
وردا على ذلك، قال بايدن ساخرا إنه سيسمح للصحافيين "بإصدار حكم بشأن ما إذا كان المستطلعون على صواب".
وردا على سؤال حول سبب وجود مثل هذه النسبة الكبيرة من الناخبين الأميركيين ممن لديهم هذه المخاوف "بشأن لياقته الذهنية" أجاب بايدن "ليس لدي أي فكرة".
ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي تتعرض فيها حالة الرئيس الذهنية والعقلية للنقاش، فقد تطرق كثيرون لهذا خلال الحملة الانتخابية، وخلال العام الأول من حكم بايدن.
وأصبحت قضية "شيخوخة الرئيس" عنصرا أساسيا في تغطية الإعلام اليميني والجمهوري للبيت الأبيض والشؤون السياسية خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية.
هفوات الرئيس باتت تثير نقاشا مستمرا على منصات التواصل بالولايات المتحدة (الأوروبية)
الرئيس التائه
وأخذ النقاش أبعادا أكثر دراماتيكية عقب تكرار وقوع هفوات من الرئيس بايدن سواء أثناء إدلائه بتصريحات أو إلقائه خطابات، أو ما يشاهده الأميركيون مؤخرا من حالة أطلق عليها البعض "الرئيس التائه".
وأثار السلوك الغريب من بايدن، وهو الأحدث من بين عدة هفوات دماغية ارتكبها السنوات الأخيرة، عاصفة نارية على الإنترنت، حيث أشار كثيرون إلى أحدث أمثلة على تدهور حالة بايدن العقلية، ووصف آخرون تصرفات الرئيس نهاية الخطاب بأنها "إساءة معاملة للمسنين" وشككوا في حالته العقلية.
استطلاعات الرأي تشكك
وتظهر استطلاعات الرأي تزايد شكوك الأميركيين في قدرات بايدن (79 عاما) العقلية والذهنية، وهل مازال لائقا للقيام بمهامه الرئاسية، حيث يعد أكبر الرؤساء سنا عند بدئه مهام الرئاسة وكان عمره 78 عاما.
وأظهر استطلاع جديد للرأي -أجرته شبكة "إيه بي سي" (ABC) بالتعاون مع صحيفة واشنطن بوست- أن 54% من الأميركيين لا يعتقدون أن لدى بايدن "الحدة العقلية التي يتطلبها العمل بفعالية كرئيس".
ويعتقد 40% فقط أن الرئيس حاد عقليا بما فيه الكفاية لهذا المنصب، في تحول كبير في آراء الأميركيين حول هذا الموضوع مقارنة بعام 2020 حين اعتقد 51% منهم أن لدى بايدن (المرشح الرئاسي آنذاك) الحدة العقلية لشغل منصب الرئيس مقارنة بـ 43% رأوا عكس ذلك.
وأظهر استطلاع آخر للرأي -أجرته صحيفة بوليتيكو وشركة مورنينغ كونسلت- أن 50% من الأميركيين يعتبرون بايدن غير "لائق عقليا" لتحمل أعباء ومهام الرئاسية، مقابل 40% فقط ممن شملهم الاستطلاع قالوا أن بايدن "بصحة جيدة".
الجمهوريون: اختبار أهلية الرئيس
وتدعو شخصيات جمهورية بشكل روتيني إلى إجراء اختبارات طبية لتحديد ما إذا كان بايدن "لائقا" للاستمرار في ممارسة مهامه الرئاسية، ويتطرق بعض الجمهوريين إلى أن حالة الرئيس قد تكون أمرا طبيعيا بسبب كبر سنه.
وقبل أسابيع، طالب مجلس تحرير وول ستريت جورنال -في افتتاحية له- بعدم ترك بايدن يتحدث في القضايا شديدة الأهمية إلا إذا كان يقرأ نصا مكتوبا لا يخرج عنه، خاصة أوقات الأزمات الدولية التي ترتبط بأسلحة الدمار الشامل بصورة أو بأخرى.
في حين اعتبر تاكر كرلسون، المذيع البارز بشبكة فوكس نيوز أنه "في كثير من الأحيان عندما تكون حول شخص يعاني من تدهور معرفي، تجد نفسك تحاول مساعدته في جملة، في محاولة لمساعدته على إكمالها، لكن ينبغي لنا ألا نفعل ذلك مع القائد العام للقوات المسلحة، إنه في الواقع خطر على الأمن القومي لأنه يرسل إشارات لا يرغب أي شخص عاقل في إرسالها إلى روسيا في هذه المرحلة".
ترامب يدخل على الخط
ومن جانبه، سخر الرئيس السابق دونالد ترامب من بايدن، وقال إن إدارته "تدمر البلاد" كما كرر اتهاماته بشأن الانتخابات الرئاسية لعام 2020، واصفا إياها بأنها "مزورة".
وأضاف ترامب أمام حشد من اتباعه بولاية أوهايو "لدينا رئيس الوقت الحالي، للأسف، ليس لديه أي فكرة على الإطلاق عما يحدث بحق الجحيم. إنه يصافح الهواء، إنه يتجول في حيرة إلى حد ما.. وتلقي الأوامر من أرنب في عيد الفصح".
ودفعت هفوات بايدن المتكررة ببعض الجمهوريين إلى الإشارة إلى ضرورة اللجوء إلى التعديل الدستوري الـ 25 لإقالة بايدن من منصبه، حيث يمنح التعديل الذي يحدد الخلافة الرئاسية، نائب الرئيس ومجلس الوزراء، سلطة عزل القائد العام (الرئيس) من منصبه من خلال تصويت الأغلبية في حال تقرر أنه لم يعد صالحا لممارسة مهامه.