إعلانات

مؤرخة فرنسية: هكذا غير المغول المسلمون روسيا والعالم عبر التجارة والتسامح الديني

ثلاثاء, 26/04/2022 - 02:20

 

ماري فافيرو أستاذة مشاركة في التاريخ بجامعة باريس نانتير، وباحثة زائرة في معهد الدراسات المتقدمة، وباحثة مشاركة في مشروع الإمبراطوريات البدوية بجامعة أكسفورد (مواقع التواصل)

 

 

عمران عبد الله

 

 

 

بخلاف صورة الغزو والدمار التي تنسب إلى المغول في العصور الوسطى، يكشف كتاب المؤرخة الفرنسية ماري فافيرو عن أن إرث دولة مغولية قوية امتد لما وراء الحرب، وخلف تنمية واسعة أثمرت عن عالم حديث معلوم يدين بالفضل -في جانب منه- لحقبة الازدهار والتبادل التجاري والفكري في أوروبا وآسيا في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.

ويقدم كتاب "الخانية: كيف غير المغول العالم" -الصادر عام 2021 عن "بلكناب للنشر" التابعة لمطبعة جامعة هارفارد- لمحة عن الطبيعة البدوية للمغول الرحل، الذين قطعوا مسافات شاسعة وبنوا مجتمعات متطورة في السهوب الغربية الأوراسية، التي أصبحت واحدة من حضارات العصور الوسطى في المنطقة.

وسيطرت خانية القبيلة الذهبية على منطقة عملاقة امتدت من آسيا الوسطى إلى أوروبا الشرقية وضمت الإمارات الروسية وسيبيريا، وبرعت في الغزو والتجارة واستمالة النخب المحلية وجمع الجزية، ولكنها كانت ضعيفة في الثقافة والعمارة المكتوبة، ويقدم الكتاب صورة للخانية تبرئها مما توصف به في الأدبيات الحديثة بكونها مجرد قوة نهب.

ولهذه الغاية، تركز المؤلفة على تأثير القبيلة الذهبية على مجرى التاريخ، ولا سيما تاريخ روسيا. وتجادل بأن التبعية لخانية القبيلة الذهبية كانت مفيدة لروسيا، التي كانت في ذلك الوقت مجزأة ومعظمها ريفية وفقيرة، في حين خلق المغول للروس -وفقًا لفافيرو- "نوعًا من الحكم يتناسب مع خصوصياتهم السياسية والاقتصادية وحساسياتهم الثقافية".

كتاب "الخانية: كيف غير المغول العالم" صدر عام 2021 عن بلكناب للنشر التابعة لمطبعة جامعة هارفارد (الجزيرة)

وأجرت الجزيرة نت هذا الحوار مع مؤلفة الكتاب ماري فافيرو أستاذة التاريخ بجامع باريس نانتير وعضو المعهد الفرنسي للآثار الشرقية سابقا.

  • اشرحي لنا كيف أدى اهتمامك بروسيا والإسلام إلى إجراء بحث معمق في تاريخ "خانية القبيلة الذهبية"، كيف انتقلت من فرنسا وبريطانيا إلى شبه جزيرة القرم والتتار؟

أنا فرنسية ولدت في باريس. أصبحت مهتمة بالإمبراطورية المغولية منذ ما يقرب من 20 عامًا. كنت أدرس التاريخ في جامعة السوربون في باريس وأردت العمل على أسلمة روسيا.

بدأت في قراءة كتاب روسي قديم عن "القبيلة الذهبية" (الكتاب الوحيد الذي كان لدينا في المكتبة!) وقد اندهشت عندما اكتشفت أن المغول لعبوا مثل هذا الدور الرئيسي في كل من التاريخ الروسي والتاريخ الإسلامي.

لقد كان مجالًا جديدًا تمامًا بالنسبة لي، ولم أسمع به من قبل وانبهرت على الفور. ومع ذلك، أخبرني مشرفي في الجامعة أن الأمر سيكون صعبًا لأننا لا نملك مصادر كافية حول هذا الموضوع، لذلك تحتاج إلى إتقان التأريخ الروسي وسيتعين عليك السفر إلى أوكرانيا وروسيا وآسيا الوسطى.

كان الأمر صعبًا، لكنه لم يثبط عزيمتي. منذ ذلك الحين بدأت في جمع كل ما بوسعي من مصادر عن القبيلة الذهبية واكتشفت الكثير من الأدلة. هناك أسطورة مفادها أن الثقافة البدوية يجب أن تكون شفهية في الغالب؛ ولكن، على العكس من ذلك، كانت القبيلة الذهبية إمبراطورية متطورة ومعقدة إداريًا.

كانت القبيلة الذهبية إمبراطورية متطورة ومعقدة إداريًا

أصدر نظامها القضائي سجلا وثائقيا يسمى "يارليق" ​​(أوامر مكتوبة محفوظة). وكان الحكام (الخانات) يشاركون في مراسلات دبلوماسية مهمة مع العالم الخارجي. وجرى حفظ جزء كبير من هذه الوثائق في الأرشيفات الروسية، ويحتفظ بها أيضًا في سيمفيروبول والبندقية وجنوة وفيينا ووارسو وإسطنبول. كما توجد مصادر عربية مهمة، معظمها من السلطنة المملوكية.

  • تناولت في كتابك العلاقة بين خانية القبيلة الذهبية وبناء الأنظمة والهوية الوطنية (خاصة الروسية وربما الأوكرانية)، كيف يمكن تفسير هذه العلاقة؟

سيطرت المدرسة الروسية على هذا المجال منذ القرن التاسع عشر، مع منشورات ضخمة كل عام في علم الآثار وعلم العملات والتاريخ. ومع ذلك، بالنسبة للدراسات القومية الروسية، فإن خانية القبيلة الذهبية هي كيان غريب له آثار مدمرة على تكوين الأمة الروسية.

وفي الاتحاد السوفياتي، كانت هذه الفترة مشوهة ومهمشة وغالبًا ما تم محوها ببساطة من الكتب المدرسية. ولم يُسمح للمؤرخين وعلماء الآثار باستخدام كلمة القبيلة الذهبية. وكان يشار إليها بتعبير "نير التتار". لكن التتار وغيرهم من المسلمين الذين يعيشون الآن في الاتحاد الروسي يرون أن حكم القبيلة الذهبية فترة تكوينية أساسية في تاريخهم.

وفي الاتحاد السوفياتي، كانت هذه الفترة مشوهة ومهمشة وغالبًا ما تم محوها ببساطة من الكتب المدرسية. ولم يُسمح للمؤرخين وعلماء الآثار باستخدام كلمة القبيلة الذهبية. وكان يشار إليها بتعبير "نير التتار".

لكن التتار وغيرهم من المسلمين الذين يعيشون الآن في الاتحاد الروسي يرون أن حكم القبيلة الذهبية فترة تكوينية أساسية في تاريخهم.

تعود أصول الكازاخيين والبشكير والتتار وغيرهم من مجتمعات آسيا الوسطى في ذاكرتهم الجماعية إلى الوقت الذي اعتنق فيه الإسلام كل من بركة خان (1257-1267) وأوزبك خان (1312-1341).

يتفق المؤرخون على أن إسلام السهوب الأوراسية والقرم وأوكرانيا وأوروبا الشرقية هي أحد أهم موروثات القبيلة الذهبية

وبالفعل، يتفق المؤرخون على أن إسلام السهوب الأوراسية والقرم وأوكرانيا وأوروبا الشرقية هي أحد أهم موروثات القبيلة الذهبية.

لذلك، أنا أزعم أننا بحاجة إلى تجاوز التحيزات القومية الروسية، وطرح أسئلة جديدة: كيف نعيد التفكير في حقبة القبيلة الذهبية في إطار التاريخ الروسي المتصل؟ ما إرث آخر إمبراطورية بدوية في غرب أوراسيا؟ كيف تتصالح روسيا مع البعد الإسلامي لتاريخها؟ كتابي هو محاولة لتقديم بعض الإجابات وإظهار أننا بحاجة إلى فهم تاريخ القبيلة الذهبية والتتار إذا أردنا فهم روسيا وأوكرانيا.

  • السؤال الكبير وهو عنوان الكتاب "كيف غير المغول العالم وشكلوا نوعا من التمهيد للعولمة والعالم الحديث؟"

في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، تكثف التبادل الاقتصادي، وضم كل أوراسيا تقريبًا. اعتاد المؤرخون على تسمية هذه الطفرة التجارية غير المسبوقة "سلام الهيمنة المغولي" (Pax Mongolica). في بحثي، أعيد تحليل السلام المغولي باعتباره "التبادل المغولي" وهو ظاهرة تاريخية كبرى في تاريخ العالم.

التبادل المغولي، في رأيي، يتجاوز الفصل بين العصور الوسطى والحديثة. إنه يسد الفجوة بين طريق الحرير في العالم القديم وعصر الاستكشاف في العالم الحديث، وهو مقدمة للتبادل الكولومبي (نسبة لكريستوفر كولومبس مكتشف العالم الجديد) في أوائل القرن السادس عشر الميلادي.

القبيلة الذهبية أصبحت رائدة الاقتصاد العالمي في نهاية القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر.

ميزة أخرى مهمة للتبادل المغولي هي أنه أدى إلى صعود شمال أوراسيا. كما أوضحت في كتابي أن القبيلة الذهبية أصبحت رائدة الاقتصاد العالمي في نهاية القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر.

أدت سياساتها الليبرالية (الحرة والمنفتحة) والتكاملية إلى تكثيف الروابط من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى بحر قزوين وما وراءه، حتى الصين.

جمعت سياساتها بين سيطرة الدولة (المعاهدات، إصدار العملة، الضرائب، الإشراف على الطرق) والتبادل الحر (السيولة في الحركة والشراكات، التحالفات القائمة على المصلحة المشتركة وليس الانتماء العرقي أو الديني، نظام ضريبي منخفض).

أدت الاتفاقيات الدبلوماسية التي أبرمتها القبيلة الذهبية مع المماليك، وكذلك مع البيزنطيين والإيطاليين، إلى تطور المجالات التجارية والفنية والفكرية.

لأول مرة، تمكن للناس والقوافل السفر بأمان من أوروبا إلى الشرق الأوسط والصين على طول الطرق البرية.

تم تطوير نظام معقد لتبادل العملات. وجرى إنتاج سرديات متعددة اللغات في وادي الفولجا ومصر وآسيا الوسطى واليمن. وبشكل ملحوظ، خلال هذه الفترة، لم نشهد صدام بين العولمة وبناء الدولة.

خانات القبيلة الذهبية كانوا أول قادة المغول الذين اعتنقوا الإسلام واستفادوا من شبكة التجارة الإسلامية التي كانت الأكثر تطورًا في أوراسيا في أوائل القرن الثالث عشر؛ ويسهم هذا في شرح كيف خلقت القبيلة الذهبية ظروفًا مواتية للأسواق لتزدهر وكيف شاركت في إنشاء أكبر سوق متكامل في تاريخ ما قبل الحديث.

أخيرًا، يجب ألا ننسى أن خانات القبيلة الذهبية كانوا أول قادة المغول الذين اعتنقوا الإسلام واستفادوا من شبكة التجارة الإسلامية التي كانت الأكثر تطورًا في أوراسيا في أوائل القرن الثالث عشر؛ ويسهم هذا في شرح كيف خلقت القبيلة الذهبية ظروفًا مواتية للأسواق لتزدهر وكيف شاركت في إنشاء أكبر سوق متكامل في تاريخ ما قبل الحديث.

أراض حكمتها خانية القبيلة الذهبية وشملت القرم وأجزاء كبيرة من روسيا وأوكرانيا ووسط آسيا والقوقاز (شترستوك)

  • المدن المتنقلة ليست حملة عسكرية، لكنها تحمل سمات البدو وتختلف جذريًا عن الدول القديمة والحديثة على حدٍ سواء. كيف كانت مدن الخانات والمغول؟

أولاً، علينا أن نراجع الافتراض القائل بأن البدو لم يبنوا المدن. أحد التطورات الأكثر لفتًا للانتباه خلال عصر القبيلة الذهبية هو الازدهار الهائل للمستوطنات على ضفاف نهر الفولغا والدون ووديان الأنهار العظيمة الأخرى، وفي شبه جزيرة القرم.. (اكتشف علماء الآثار أكثر من 100 مستوطنة للقبيلة الذهبية بأحجام مختلفة من المدن الضخمة ذات المساحات المفتوحة إلى القرى الصغيرة).

لكن هذه الظاهرة لم تكن شكلاً من أشكال التوطين، حيث كان قادة مجموعات الرحل الأقوياء، في الوقت نفسه، ما زالوا يهاجرون موسميا. ثانيًا، كما اكتشفت في بحثي، بنى المغول مدنا لكنها لم تكن أبدًا بنفس أهمية بلاط الخان المتنقل.

هذا البلاط سمى في المصادر "الحشد/خانية القبيلة الذهبية" ولعبت دور العاصمة رغم أنها كانت "مدينة متنقلة".

ونسب المسافرون المعاصرون إلى الخانية تنظيمًا بدويًا مثيرًا للإعجاب من الأعداد الهائلة من الأشخاص والوجهاء، ومعسكراتهم الضخمة بمرافقها الشبيهة بالمدينة، والسوق المتحرك الضخم، وقطعان الماشية، وكذلك الإدارة المتنقلة، والتي تضمنت ورشة سك النقود، والمستشارية والخزانة مع الأمناء والمحاسبين. اختلفت هذه المنظمة جذريا عن القوى المستقرة.

ومن المثير للاهتمام أن "الخانية/ الحشد" ظهرت في جميع اللغات الغربية والروسية والعربية والفارسية في القرن الثالث عشر. واستخدمت الكلمة للتعبير عن نوع جديد من القوة (بدون ترجمة) ولم يكن لديهم كلمة أخرى للتعبير عنها.

مبدأ آخر مميز عن القبيلة الذهبية هو قدرتها على التوفيق بين المجتمعات الدينية المختلفة، وهي سياسة حاكمة تُعرف باسم "التسامح الديني". ووفقًا لهذه السياسة، منح المغول رجال الدين (المسلمين والمسيحيين والبوذيين واليهود) وضع الإعفاء من الضرائب والتجنيد العسكري.

  • هناك فكرة شائعة يُشار إليها بشكل متزايد هذه الأيام مع تصاعد الحرب الروسية على أوكرانيا، مفادها أن الاستبداد الروسي متجذر في تاريخ المغول الوحشي، لكنك ترفضين اعتبار المغول برابرة بل وتعتبرينهم يتميزون بالمرونة وقبول التعددية، كيف ذلك؟

على عكس وجهة النظر الشائعة، لم تكن الثقافة السياسية المغولية قائمة على تركيز السلطة في يد الحاكم؛ فكان الحكم عملية جماعية تنطوي على مفاوضات موسعة وجهاً لوجه مع النخب في "التجمعات الكبرى" (Kurultai). كانت تلك المجالس السياسية هي المؤسسة الحاكمة الرئيسية للقبيلة الذهبية.

كان مطلوب من النخبة السياسية بأكملها، بما في ذلك النساء، حضور تلك المجالس لإضفاء الشرعية على أوامر الخان من خلال الإجماع. كان الإجماع وجها لوجه مبدأ أساسيًا لقانون السهوب.

 

مبدأ آخر مميز عن القبيلة الذهبية هو قدرتها على التوفيق بين المجتمعات الدينية المختلفة، وهي سياسة حاكمة تُعرف باسم "التسامح الديني". ووفقًا لهذه السياسة، منح المغول رجال الدين (المسلمين والمسيحيين والبوذيين واليهود) وضع الإعفاء من الضرائب والتجنيد العسكري.

جمعت القبيلة الذهبية بين تراث إسلامي متنوع في مجتمع واحد، وربطت بين الممارسات الإسلامية السلجوقية والعباسية والفولجا البلغار وآسيا الوسطى، وعززت الشعور بالوحدة بين الشعوب المتباينة.

كان ذلك النظام مفيدًا للغاية لهذه المجتمعات الدينية المختلفة، خاصةً أن الفوائد المالية سمحت لهم بإنشاء ممتلكات جديدة وبناء الكنائس والمساجد والمعابد اليهودية والمعابد والأديرة والمدارس الدينية.

كان التأثير على الإسلام نفسه كبيرًا، حيث جمعت القبيلة الذهبية بين تراث إسلامي متنوع في مجتمع واحد، وربطت بين الممارسات الإسلامية السلجوقية والعباسية والفولجا البلغار وآسيا الوسطى، وعززت الشعور بالوحدة بين الشعوب المتباينة. كما ترون، هذا بعيد جدًا عن النظام الروسي الحالي الاستبدادي والمتعصب.

  • ترين أن الرعي ليس مرحلة بدائية على طريق التحديث، هل يمكنك شرح الفكرة؟

نحن نتحدث عن نوع مختلف من النظام هنا، ليس إمبراطورية مستقرة بل إمبراطورية بدوية تعمل بمنطق مكاني مختلف.

بدأ المؤرخون مؤخرًا فقط في إدراك أن البدو يمكن أن ينشئوا هياكل سياسية معقدة وأن طموحاتهم يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من الإغارة والنهب.

الصور النمطية القديمة عن البدو والنهب تؤثر على الجهود الدراسية للقبيلة الذهبية، تستمر العديد من النماذج السائدة في تشويه عمل المؤرخين: المناهج القومية مع ميولهم الغائية، والمفهوم التبسيطي للإقطاع البدوي الذي يُنظر إليه على أنه مرحلة رجعية في التنمية الاقتصادية البشرية، والافتراض بأن البدو "مستوردون ثقافيون" أو -في أحسن الأحوال- "وسطاء ثقافيون"، وليسوا المنتجين الرئيسيين لنجاحهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإدارة التي يفترض أنهم احتاجوا من أجلها إلى الاعتماد على خبرة رعاياهم المستقرين.

الرعي ليس مرحلة بدائية على طريق التحديث؛ الرعي خيار مختلف، خيار مكّن المغول من تشكيل كيان إمبراطوري فريد لا يحاكي أي نموذج مستقر.

لذا، نعم، الرعي ليس مرحلة بدائية على طريق التحديث؛ الرعي خيار مختلف، خيار مكّن المغول من تشكيل كيان إمبراطوري فريد لا يحاكي أي نموذج مستقر.

أبقى شعوب المانغيت والنوجيز، والتتار، والأوزبك، والقازاق، وغيرهم من ورثة القبيلة الذهبية، البداوة على قيد الحياة، ومارسوا مناهجهم في الإجماع والنسب والمشاركة الهرمية والتنقل؛ ليس لأن هذه الشعوب كانت تقليدية مقيدة أو جهلة بأساليب الشعوب المستقرة، ولكن لأن هذه الأساليب أثبتت فعاليتها.

إذا تم إسقاط خانية القبيلة الذهبية على خريطة اليوم، فسوف تمتد عبر منطقة تحتلها أوكرانيا وبلغاريا ومولدافيا وأذربيجان وجورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وروسيا.

نموذج لسراي باتو عاصمة القبيلة الذهبية في أستراخان إحدى مدن الاتحاد الروسي (شترستوك)

  • أين يمكن أن نجد بقايا تراث خانات القبيلة الذهبية وشعوبها؟ خاصة مع تزايد الحديث عن تتار القرم في سياق الحرب الروسية على أوكرانيا؟

كما كتبت في كتابي، إذا تم نسيان القبيلة الذهبية، فقد كان ذلك أيضًا لأنها لم تترك سوى عدد قليل جدًا من الآثار المعمارية الواضحة. لم تترك مدنهم ومبانيهم الدينية العديدة سوى عدد قليل من المعالم الأثرية التي يمكنك زيارتها اليوم بشكل رئيسي في شبه جزيرة القرم وتتارستان وكازاخستان.

 

ومع ذلك، كان إرث القبيلة الذهبية أعمق بكثير وأكبر من ذلك بكثير. إذا تم إسقاط خانية القبيلة الذهبية على خريطة اليوم، فسوف تمتد عبر منطقة تحتلها أوكرانيا وبلغاريا ومولدافيا وأذربيجان وجورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وروسيا.

وقد وصلت دبلوماسيتها وتبادلاتها التجارية إلى أوروبا الغربية وشمال أفريقيا؛ لذلك فإن تاريخها إرث مشترك لا ينتمي حصريًا إلى السرديات الوطنية لأي دولة قومية؛ إنه ينتمي إلى تاريخ العالم.

المصدر : الجزيرة