اقتحمت مجموعات من المستوطنين المتطرفين باحات المسجد الأقصى صباح اليوم الثلاثاء تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لليوم الثالث على التوالي، بينما أدى عشرات اليهود طقوسا دينية داخل المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وقد نددت الحكومة الفلسطينية وفصائل المقاومة بالاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، كما دانت دول عربية وإسلامية ممارسات قوات الاحتلال فيه. هذا ويعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة اليوم الثلاثاء لبحث الوضع في القدس.
وقالت مراسلة الجزيرة في القدس نجوان سمري إن قوات الاحتلال قامت بخطوات استباقية، حيث منعت من هم دون سنّ الأربعين من صلاة الفجر في الأقصى، وحتى هذه اللحظة تمنع الشبان الفلسطينيين من دخول المسجد من كافة أبوابه.
وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت المسجد الأقصى قبل نصف ساعة من موعد فتح باب المغاربة لاقتحامات المستوطنين، وأخلت كافة ساحات المسجد من المصلين لتأمين مسار اقتحامات المستوطنين.
في المقابل، قامت مجموعة من المرابطين بالبقاء داخل المسجد القبلي لمنع اقتحامه، كما تحاول هذه المجموعة طوال الوقت الدق على أبواب ونوافذ المسجد، في محاولة لإرباك وإزعاج المستوطنين وجنود الاحتلال المنتشرين داخل باحات المسجد الأقصى.
وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز داخل المسجد القبلي بالأقصى، لإسكات أصوات الطرق، كما اعتلى أفراد من شرطة الاحتلال سطح المسجد القبلي.
وبثت منصات فلسطينية مقاطع مصورة تظهر مرابطات فلسطينيات يواجهن قوات الاحتلال والمستوطنين خلال عملية الاقتحام صباح اليوم، بالدعاء والتكبيرات.
وكانت قوات الاحتلال قد اعتدت فجر أمس على فلسطينيين في المسجد الأقصى، مع تجدد اقتحام مجموعات من المستوطنين لباحات المسجد. واندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
من جهة أخرى، شارك آلاف من اليهود المتزمتين فيما سُمي صلاة "بركة الكهنة" في ساحة حائط البراق.
وجرى ذلك وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل سلطات الاحتلال التي نشرت تعزيزات في محيط المنطقة بالكامل، وأيضا على مداخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، وتحديدا باب المغاربة المؤدي إلى هذه المنطقة. وتعتبر هذه الصلاة إحدى صلاتي عيد الفصح اليهودي، وستقام الثانية غدا الأربعاء.
ويقتحم المستوطنون ساحات المسجد الأقصى تحت حراسة الشرطة طوال أيام الأسبوع، عدا يومي الجمعة والسبت.
وتتزامن اقتحامات الأسبوع الجاري مع عيد الفصح اليهودي الذي بدأ مساء الجمعة الماضي ويستمر حتى الخميس، ودعت جماعات استيطانية إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة هذا العيد.
اقتحام المسجد الإبراهيمي
وفي الخليل، أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين، وسمحت لعشرات اليهود بتأدية طقوس دينية في ساحاته.
وشددت قوات الاحتلال الإسرائيلية من إجراءاتها العسكرية داخل البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وأغلقت عددا من الشوارع والمداخل المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي الشريف الذي علقت دخول المسلمين إليه ليومين بسبب عيد الفصح اليهودي.
وقالت وزارة الأوقاف الإسلامية في الخليل إن سلطات الاحتلال أغلقت الحرم نهائيا أمام الفلسطينيين الاثنين والثلاثاء، ومنعت رفع الأذان عبر مكبراته، وسمحت للمستوطنين باستخدام الجزء الخاص بالمسلمين لأداء طقوس دينية والاحتفال داخله بالعيد.
من جانبها، قالت حركة حماس -في بيان- إن إغلاق سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي يعدّ انتهاكا خطيرا للمقدسات واستفزازا لمشاعر المسلمين.
ودعت الحركة أهالي الضفة الغربية إلى الاستنفار والاحتشاد لوقف انتهاكات الاحتلال في حق المسجد الإبراهيمي.
غارات على غزة
وتزامنا مع الأحداث في القدس، شنّت مقاتلات حربية إسرائيلية في وقت متأخر من ليل الاثنين عدة غارات استهدفت موقعا لفصائل المقاومة الفلسطينية غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وألحقت الغارات الإسرائيلية أضرارا مادية بالموقع المستهدف والأراضي الزراعية المحيطة به، بينما لم يبلغ عن وقوع إصابات.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته شنت غارة استهدفت ورشة لتصنيع وسائل قتالية في القطاع، تابعة لحركة حماس.
وأضاف المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، أن الغارة جاءت ردا على إطلاق قذيفة صاروخية من قطاع غزة في وقت سابق تجاه البلدات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع، محملا حركة حماس مسؤولية ما يجري في القطاع.
وأكد أدرعي أن الجيش الإسرائيلي قام بتفعيل صفارات الانذار في منطقة غلاف غزة، بينما أفادت مراسلة الجزيرة بأن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر سيجتمع لبحث التطورات الأخيرة.
في المقابل، قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إن دفاعاتها الجوية تصدت للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء القطاع بصواريخ أرض جو.
وقالت الحركة إن قصف الجيش الإسرائيلي لمواقع المقاومة محاولة فاشلة لمنع الشعب الفلسطيني من الدفاع عن مدينة القدس والمسجد الأقصى.
وأكد المتحدث باسم الحركة حازم قاسم أن القصف الإسرائيلي جاء للتغطية على انتهاك الاحتلال القوانين والأعراف الدولية، بالاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى.
وأضاف أن المواجهة مع جيش الاحتلال حقّ طبيعي للشعب الفلسطيني على كل محاور الاشتباك، ثأرا للعدوان على القدس والمقدسات، وفق تعبيره.
بدوره، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إن تهديدات العدو بوقف التسهيلات عن غزة لن تُسكت الفلسطينيين عما يجري في القدس والضفة.
اتصالات وتحركات دبلوماسية
وقد ذكرت مصادر دبلوماسية -أمس الاثنين- أنّ مجلس الأمن الدولي سيعقد صباح الثلاثاء جلسة مغلقة لبحث تصاعد حدّة التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين في القدس.
وقد طلبت فرنسا وأيرلندا والصين والنرويج والإمارات عقد هذا الاجتماع، في حين أفادت الخارجية الأردنية بأن المملكة الأردنية ستستضيف الخميس اجتماعا وزاريا طارئا لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى.
وفي ردود الفعل، تلقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اتصالا هاتفيا من الملك الأردني عبد الله الثاني، استعرضا فيه مستجدات الأحداث في فلسطين المحتلة والتصعيد في المسجد الأقصى.
وأكد أمير قطر خلال الاتصال ضرورة الوقف الفوري لاعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي وممارساتها الاستفزازية ضد المصلين والمدنيين العزل في المسجد.
من جانبه، دعا الملك الأردني عبد الله الثاني لوقف جميع الإجراءات التي وصفها بغير الشرعية والاستفزازية التي تخرق الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف.
وفي السياق، قال الديوان الملكي الأردني إن الملك عبد الله الثاني أكد في اتصال هاتفي بولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ضرورة مواصلة بذل كل الجهود لوقف التصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس.
وقد اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصال هاتفي مع الملك الأردني على مواصلة التشاور والتحرك المشترك على الساحة الدولية، لوقف ما وصفها عباس بـ"الاعتداءات الوحشية الإسرائيلية على المسجد الأقصى، ووقف القتل والتنكيل ضد الفلسطينيين".
وشدد الملك الأردني في اتصال هاتفي الاثنين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية والاستفزازية في الحرم القدسي الشريف، حسبما أفاد الديوان الملكي الأردني عبر حسابه على تويتر.
وضمن الاتصالات ذاتها، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقف روسيا الثابت لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، مضيفا أن روسيا ستواصل تقديم دعمها السياسي للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة.
وشدد بوتين، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبحث آخر التطورات على الساحتين الفلسطينية والدولية، على رفضه الممارسات الإسرائيلية التي تحول دون وصول المصلين بحرية إلى المسجد الأقصى، وعلى ضرورة احترام الوضع التاريخي القائم للأقصى والقدس.
وقالت الخارجية الأميركية إنها قلقة للغاية مما وصفته باندلاع عنف في القدس والضفة الغربية، ودعت الأطراف لضبط النفس، وأكدت أنه على السلطات الإسرائيلية والفلسطينية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتهدئة الأوضاع.
وفي ردود الفعل أيضا، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن المسجد الأقصى مكان للمسلمين وحدهم.
وأضاف اشتية، في كلمة خلال الجلسة الأسبوعية في مقر الحكومة برام الله، أن تكرار ما تقوم به قوات الاحتلال بحق المسجد الأقصى والمصلين فيه يعدّ عملا وحشيا ويرقى للجريمة، على حد وصفه، مطالبا بضرورة وقف هذه الممارسات حفاظا على قدسية المكان.
بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الشعب الفلسطيني أفشل سياسة الأمر الواقع ومحاولات تقسيم المسجد الأقصى المبارك.
كما أطلع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وزيرَ الخارجية الماليزي سيف الدين عبد الله على آخر التطورات في المسجد الأقصى، ومحاولات المستوطنين إدخال القرابين وذبحها داخل المسجد.
وفي اتصال هاتفي، أكد هنية أهمية رفض المجتمع العربي والإسلامي، وإدانة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ومقدساته مما وصفها بالجرائم والممارسات الخطيرة.
من جانبه، أكّد وزير الخارجية الماليزي رفض بلاده التطبيع مع الاحتلال على حد قوله، معربا عن أسفه لاجتماع وزراء خارجية بعض الدول العربية بوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أخيرا.
وفي طهران، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إنّ تطبيع بعض الدول للعلاقات مع إسرائيل شجعها وفاقم اعتداءاتها على الفلسطينيين.
وفي كلمة بمناسبة يوم الجيش الإيراني، أكد رئيسي أنه إذا اتخذت إسرائيل أي خطوة ضد الشعب الإيراني، فإن طهران ستردّ عليها في قلب إسرائيل، بحسب تعبيره.
المصدر : الجزيرة + وكالات + وكالة سند