إعلانات

رياح الجنوب / محفوظة زروق

سبت, 01/01/2022 - 07:24

أفتعل الضحك ملء ثغري لعل العام يحاكيني بابتسامة تجلب لنا الحظ السعيد و تنزع الرصاصة من صدر القرن ليعم السلام شعوب الأرض.

تمضي الثواني من أمامنا مسرعة لتعلن بداية عام جديد فهي الحياة ما بين رحيل و قدوم و ما علينا إلا الخضوع لأي مصير يرسمه الفن السماوي و باذنه يصبغه بلون الورود فالله يعلم أن التلال التي ولدتُ عليها شاخت و كثرت فيها التجاعيد و أشياء أخرى تؤلمني موغلة في الغموض تواصلتُ معه في أمرها و هو يعلم ما في الصدور.

أشعر بالنضج لأن في جعبتي كلام كثير لم أخبركم به لكن يعلمه علام الغيوب الذي أسأله أن يجعل العام مميزا لي و لكم أجمعين نقلب فيه صفحات المرض و الحزن و يفتح لنا و لكم باب عجائب فضله و كل عام و أنتم بخير.

 

***

 

نزل الشوق ببابي نزول ضروع الماعز في فصل الشتاء و قد نسيتُ أن أنسى أني في الأصل منحدرة من قمم الجبال حيث السعادة تنزل على المرء من السماء.

جاء الشتاء بالريح الحنون التي تعزف ألحان المساء لقلبي المعلق على حبل الحرمان ليعيد ترتيب الاهتمام بكل ما تحمله إليه الأماني، من خيمة بوادي ذي زرع و النخل ذات الأكمام ترقص على الألحان حيث يبدو دَبَدْ شامخا، عاليَّ الهمة، مترفعاً عن عتابي على سنين عمري التي تبعثرتْ في مهب الغياب و العشب الأخضر على سفحه ترعى فيه الأغنام و يروي بالتفصيل ما مضى من لحظات السعادة العالقة في ذهني، تمر بشكل مستمر أمامي بكل ما تحمله من دفئ و بساطة وود حتى يّخيل إليّ أني أسير على البساط الأخضر الرابط بين الخدينِ و يا ليتني أكمل في الحلم طريقي و يا ليتَ أحلام المنام يقين!

كم أتمنى عودة تلك الأيام بكل طقوسها و عاداتها لكل مواطن يرهقه التمثيل بأنه بخير في المدينة و الله يعلم ما في الصدور ...فشتان ما بين الثرى و الثريا و من يختنق في المدن و من يتفسح في الأرياف.

 

رياح الجنوب

 

اهدئي رياح الجنوب، لا تلفحي وجه شنقيط قبل وجهي و لا تتوقعي أيتها السموم أن أتذمر من حالة الطقس و لو أني في الحقيقة وددت لو أن هواءك كان ألطف!

لما فتحتُ نافذتي على البحر لأملأ رئتي بالهواء، هبت رياح الجنوب تبوح بأوجاع طفولتي و أحلامها التي اختفت خلف تلال القمامة ثم تذكرني بيوم لا يلذ لي تذكره، هو يوم ولادتي في بلاد ملائمة لتكاثر الذباب و البعوض رغم أن والدتي لما جاءها المخاض اعتمدت إلى جذع نخلة تماما كما فعلت مريم العذراء فحاشا لابن مريم أن أشبهه و حاشا لبيت لحم أن يشبه الصحراء!

أنا لا أستطيع أن أفصح عن سنين عمري التي دفنت في هذه الصحراء و لا أستطيع الإفصاح عن كل ما يدور في خاطري لكني أؤكد لكم أن بلادي منذ ولادتي لم يتغير فيها الكثير كما أؤكد لكم أن حبها مبدأ من مبادئي غير القابلة للتغير تماما كبلادي .