سكاي نيوز عربية - أبوظبي
كشفت دراسة أمنية جديدة عن توغل الشركات الأمنية الأجنبية الخاصة في عدد من الدول الإفريقية، بهدف حمايتها من الإرهاب والاضطرابات.
وقال معهد الدراسات الأمنية "ISS Afric"، في دراسته، إن انتشار هذه الشركات يأتي في ظل تصاعد وتيرة النزاعات، محذرا من أنها ترتكب انتهاكات خطيرة بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاختطاف والتعذيب واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل والتخويف والإعدام خارج نطاق القضاء.
وبحسب الدراسة، فتعاظم دور الشركات الأمنية في إفريقيا، كمجموعة "فاغنر" الروسية التي تعمل في إفريقيا الوسطى وموزمبيق ومالي وغيرها من الدول التي تعاني صراعات داخلية، يعود إلى لجوء الحكومات إليها لإنهاء التمرد الداخلي.
وقال المعهد إن دور "فاغنر" في النزاعات والانتهاكاتها المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في دول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى لن يساعد في إحلال السلام والاستقرار في إفريقيا.
كذلك ألقى معهد "ISS Africa" الضوء على عمل المجموعة الاستشارية "دايك" من جنوب إفريقيا في إقليم "كابو ديلجادو" شمال موزمبيق، حيث المناطق الغنية بالغاز، ومواجهة إرهاب عناصر داعش، ومحاولتهم السيطرة على منابع النفط وميناء مسيمبوا دي برايا، كما تعمل هذه الشركات الأمنية في الكونغو الديمقراطية والصومال ومالي.
وانتقد جيران مالي وشركاؤها السلطة الانتقالية في البلاد لسعيها إلى اتفاق مع مجموعة فاغنر، مما تسبب في خلاف دبلوماسي بين مالي وفرنسا.
التغذي على الصراعات
ووفقا لدراسة أكاديمية بجامعة "محمد الصديق بن يحيى – جيجل" الجزائرية بعنوان "دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في نزاعات إفريقيا الداخلية: أنغولا نموذجا"، في مارس 2020، فقد قامت شركة "STTEP "الجنوب إفريقية بمساعدة الحكومية النيجيرية في محاربة حركة بوكو حرام عام 2014.
وتدخلت شركة "Executive Outcomes EO" الجنوب إفريقية في أنغولا 1993 في النزاع مع الحكومة ضد حركة يونيتا، مقابل عقد بقيمة 30 مليون دولار، وتدخلت في سيراليون لمساعدة الحكومة في 1995 على استعادة المناجم التي استولت عليها الجبهة المتحدة الثورية، مقابل عقد بقيمة 2 مليون دولار.
أيضا هناك شركة "Dyck Advisory Group (DAG)"، ومقرها جنوب إفريقيا. ففي عام 2020 تعاقدت معها حكومة موزمبيق للتعاون مع قوات الجيش في الدفاع عن كابو ديلجادو المستهدَف من تنظيم داعش الإرهابي.
ومن بريطانيا، جاءت شركة "Sandline International" لتشارك في إنهاء التوترات التي دارت في غينيا الجديدة 1997، وفي ليبيريا 2003 تدخلت لحماية الرئيس "تشارلز تيلور" من المتمردين، وكذلك لإنهاء النزاع في سيراليون 1995.
ومن أبرز الشركات الأمنية التي تعمل في إفريقيا، شركة "Dyncorp "الأميركية التي تحصلت على عقد من الأمم المتحدة لتدريب قوات حفظ السلام في السودان.
من جانبها، تقول نرمين توفيق، الباحثة في الشؤون الإفريقية والمنسقة العامة لمركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنها "تنظر لهذه المجموعات على أنها مجموعات مرتزقة تستخدمها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها في الدول التي توجد بها".
وأضافت أن وجود مثل هذه المجموعات يعكس هشاشة الأنظمة الأمنية في إفريقيا، ومن ثم تلجأ بعض الدول إليها لحمايتهم من خصومهم أو لحمايتهم من الجماعات الإرهابية.
وضربت الباحثة مثالا على استخام هؤلاء في التنافس الدولي على النفوذ في منطقة الساحل الإفريقي ووسط إفريقيا بتدخل شركة "فاغنر" الروسية لدعم السلطة الانتقالية في مالي ضد داعش عقب خلاف بين مالي والقوات الفرنسية هناك.
"خطر في حد ذاتها"
وحذر معهد "ISS Africa" من أن نقل المهام المدنية والأمنية الحكومية إلى الشركات الأمنية الأجنبية يحمل مخاطر جسيمة تهدد هذه الدول وتنتهك سيادتها، خاصة وأنها قادرة على الانفلات من العدالة والمساءلة القانونية، مشيرا إلى ما وصف بانتهاكات فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى.
ولفت إلى أن من أسباب الخطورة أن الشركات الأمنية تجمعها قواسم مشتركة مع الجماعات الإرهابية والمرتزقة، حيث كلاهما "جنود مأجورون".
وطالب المعهد بأنه ينبغي للبلدان الإفريقية معالجة الفجوات التي تخلق الحاجة إلى الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، وأن تلتفت لتعزيز قدرات الجيش والشرطة الحكوميين.