تحت عنوان "إلى الشمس" جمع معرض الشارقة الدولي للكتاب الشاعرين اللبناني شوقي بزيع، ومدير بيت الشعر في الشارقة محمد البريكي، في أمسية تجلت فيها القصيدة، وطافت بالحضور الذي ملأ القاعة في أجواء ديوان العرب الذي استطاع أن يقف شامخاً في عصر الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، وأثبت الشاعرين أن الإرث الشعري العربي يزخر بكنوز عظيمة جسدت الحضارة والهوية عبر الزمن، وتناغمت أجواء الأمسية بعزف الشاعرين الذين تمكنا من ناصية الإيقاعات ورقصة الحروف وظلال المعاني في أمسية مشهودة تفاعلت مع المشاعر وأسرت الذائقة، وأدارتها الشاعرة نجاة الظاهري.
وصف الشاعر شوقي بزيع الأمسية بلقاء الشعر والصداقة، وقال "يتجدد هنا طقس الروح والإبداع"، وأكد أن من يقرأ الشعر في الشارقة يعرّض نفسه لامتحان حقيقي، بين ما هو أصلي وما هو زائف، وقرأ مجموعة من قصائده الشعرية التي عبرت عن التجربة الشعرية لبزيع، من خلال القصائد التي قرأها وأثبتت تجددها في محطات مختلفة، مثل ما قرأ من قصيدة «ما قاله الرجل الذي لم يمت في الحرب الأخيرة»: «للذين سيأتونَ / أُعلنُ عن رغبتي في الرحيلْ / ليس هذا الفراغُ المخيفُ بلادي/ وهذا السريرُ الذي يصلُ الموجَ بالموجِ / ليس سريري / ولم يستطع أحدٌ أن يكلّم روحيَ / في المهد / لم يستطع أحدٌ أن يقول الذي أخبرتْني بهِ : النجمةُ الغاربه..».
وقرأ قصيدة «تأليف»، منها: «تحت الحياة تماماً/ ثمَّ أوديةٌ مجهولةُ/ وجهاتٌ لست أعرفها/ كم زينت لي سماواتي/ انهمار رؤىً/ ما زلتُ أودعها شعري وأنزفُها/ هناك حيث الثرى ينشقُّ/ عن برَكٍ/ لا شمسَ، حتى ولو غاضتْ/ تجففها».
كما قرأ من قصيدة «فيروز» و«قمصان يوسف»، وكذلك قصيدة «إلى أين تأخذني أيها الشعر»، التي يقول فيها: «وحين مشيتُ على طرف الخيطِ/ بين القنوط وبين الأمل/ قلتَ لي: ينبغي في معادلة المحو والامتلاء/ بأن تخلع النفس كاملة / فالكتابة ليست سوى امرأة/ لا تريد أقل من الموتِ مهراً لها/ فاخسر العيش كي تربح الكلمات..».
رقص مع الريح
الشاعر محمد عبدالله البريكي، قال: يثبت معرض الشارقة الدولي للكتاب أن الشعر في الشارقة نبض الحياة والبحر والغيم الماطر الذي ينبت كلأ المواجد، ويخرج ثمر القصيدة، وقرأ خلال الأمسية مجموعة من قصائده، وتوزعت نصوصه الشعرية بين مضامين عدة، فمنها ماهو غزلي، ومنها ما هو اجتماعي وإنساني، ومما قرأ: «النِّسَاءُ قَنادِيلُنَا الخَزفيّة فِي اللَّيْل/ يَقْطُرْنَ فَوْقَ الظَّلاَمِ نَدى/ وَيُبَلِّلْنَ شُبّاكَ أَحْلاَمِنَا بِالسُّؤَال/ النّسَاءُ خُشُوع ُ المُرِيدينَ فِي معْبَدِ الشَّوْقِ/ يَأْسُرُهُنَّ التَّبَتُّلُ..يَعْشَقْنَ طُولَ التَّهَجُّدِ/ فِي دِلِّهِنَّ/ وَيَسْكُنُ فِي قَلْبِ صَبٍّ/ يَجُرُّ الخَيَـال / النّسَاءُ قَصِيدَتُنَا / وَهْيَ أُنْثَى..».
ومن قصائد المدن وذكرياتها مع القصيدة قرأ البريكي: «وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُ الاَنَ ؟ لاَ أَتَذَكّـرُ / فَكُلُّ دُرُوب التِّيه فِي الرُّوح تَعْبُرُ / أُخَبِّئُ عَنْ كُلِّ الشَّوَارِعِ لَوْعَتِي / وَدَمْعِي عَلَى خَدِّ الرَّصِيفِ مبَعْثَرُ / تُقَشِّرُ لِي الأَيّامُ أَحْلاَم غُرْبَتِي / وَشَوْقِي عَلَى الشُّطْاَن أَيْضًا مُقَشَّرُ..».
وألقى البريكي مجموعة من القصائد التي تعبر عن تجربته الشعرية، من ضمنها، «قارب الغيم»، و«أهزوجة العيد»، و«لنا خيمة»، «ولست بعيداً»، و«ضفاف الحياة»، و«الليل سيترك باب المقهى»، و«رقصة في الريح»، ومن قصيدة «منجل لا يقص الشجر» قرأ البريكي:
«ليسَ لي غيرُ هذا الذي ورّثَتْهْ العصورُ لحُلمي/
أبي كانَ يحلُمُ أنْ لا أغادرَ مِحْرابَهُ/
وأنا كنتُ أنوي الدُّخولَ إليهِ/
ولكنَّ عصفورةً فوقَ مئذنةِ الحيِّ
كانت تُغنّي
"قِفا نبكِ"/ قلتُ سأمسحُ دَمْعَتَها
ثُمَّ طارتْ/ تَعَكّزَ قلبي على الرّيحِ يَتْبَعُها / فإذا بامْرئِ القَيْسِ يَجْلِسُ في أوّلِ الضَّوْءِ/ ثُمَّ هناكَ جَريرُ، الفَرزدقُ، بشّارُ، والمُتنبّي،
المعرّي، ابنُ زيدونَ، ولّادةٌ،
وكثيرٌ منَ الضَّوْءِ يجذبُ قلبي الذي صارَ مِثْلَ الفَراشةِ
تَهْرُبُ للضَّوْءِ
والشَّهْقَةِ الحارِقَةْ».