إعلانات

الجانب المظلم لأينشتاين.. كيف استغل شهرته الواسعة للترويج للصهيونية؟

ثلاثاء, 13/07/2021 - 17:57

سمية زاهر

 

يشيع في مجتمعاتنا العربية أن ألبرت أينشتاين، أشهر الفيزيائيين على مر التاريخ، رفض أن يصبح رئيسا لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذه حقيقة تاريخية بالفعل، لكنها تُعطي انطباعا خاطئا أنه كان ضد إقامة هذه الدولة. في هذا التقرير المُفصَّل، الذي بُني على مذكرات نُشرت للمرة الأولى قبل نحو عقد ونصف، سترى كيف أن ألبرت أينشتاين كان من أشد المتحمسين للمشروع الاستيطاني الصهيوني، وكيف روَّج له ودعمه بالمال، بل إن ذلك كان بالأساس هدف رحلته واسعة الشهرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، ربما كذلك تتعلَّم عن كيفية استخدام العلم ورجاله في خدمة السياسة، ربما أيضا تستنتج من سياق هذه المادة كيف خرجت الخرافة الشهيرة التي تقول إن النظرية النسبية لا يفهمها أحد (وفي صورة أخرى: لا يفهمها سوى 11 عالِما)، التي روَّجت لها كبرى الصحف العالمية ووصلت إلى عالمنا العربي وراجت بيننا لعقود، حيث يمكن أن يكون لذلك علاقة بالترويج لليهود بوصفهم عباقرة قدَّموا الكثير للعالم، وبالتالي فهم يستحقون من أوروبا وأميركا أن تسمحا لهم باحتلال وطن أناس آخرين!

 

أثارت أول رحلة لألبرت أينشتاين إلى أميركا عام 1921 نوعا من الهستيريا الجماعية، الهستيريا نفسها التي استقبلت فرقة البيتلز بعد أربعة عقود (واحدة من أشهر الفِرَق في تاريخ الموسيقى الشعبية)، لكن الوثائق المنشورة حديثا تُظهِر أن هذه الرحلة أجَّجت خلافا حادا بين الصهاينة الأوروبيين وبعض زملائهم اليهود عبر المحيط الأطلسي، فقد رأى كلٌّ من لويس برانديز، محامٍ وأستاذ جامعي وقاضٍ وسياسي أميركي يهودي، وأحد أبرز قادة الحركة الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولى، وفيليكس فرانكفورتر، محامٍ وأستاذ وقاضٍ نمساوي أميركي، أنّ أفضل حل لليهود هو الاندماج مع محيطهم، بدلا من التحريض على إقامة وطن يهودي.

وُصفت الجولة الأولى لألبرت أينشتاين في أميركا بالفريدة من نوعها في تاريخ العلم، فرصة كهذه سيتوق إليها بالطبع أي عالِم، أهناك أجمل من أن يحظى المرء بموكب كبير لمدة شهرين فيُثير نوعا من الحماس الجماهيري والتملُّق الصحفي الذي بدوره يُثير حماس العَالِم الذي يتجوَّل كنجم الروك؟! في هذا الوقت، عاش أينشتاين أوج نجوميته العالمية بعدما أكَّدت الملاحظات التي أُجريت خلال الكسوف الكلي صحة نظريته النسبية حينما انحرفت أشعة الضوء بفعل جاذبية الشمس بالشكل الذي تنبَّأ به سابقا، روَّجت صحيفة نيويورك تايمز لهذا الانتصار بعناوين متعددة الجوانب: أشعة الضوء كلها منحرفة في السماء / تأثر رجال العلم بنتائج ملاحظات كسوف الشمس بدرجات مختلفة / انتصارات لنظرية أينشتاين / انحرفت النجوم ولم تعد في المكان الذي حُسبت فيه، لكن لا داعي للقلق.

 

عندما وصل أينشتاين إلى نيويورك في إبريل/نيسان، رحَّبت به الحشود بصفته أولَ شخصيةٍ علمية مشهورة في العالم، ورمزا لطيفا أيضا للقيم الإنسانية وقديسا لليهود، ومع ذلك تُفصِح أوراق منشورة حديثا عن جانب أقل بهجة لزيارة أينشتاين الشهيرة في ذلك العام، إذ وجد نفسه عالقا في معركة بين الصهاينة الأوروبيين المتحمسين بقيادة حاييم وايزمان، أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، وصاحب الدور الأهم في استصدار وعد بلفور الشهير، ورافق أينشتاين خلال رحلته، وبين الحذرين من يهود أميركا، وعلى رأسهم لويس برانديز، من أبرز قادة الحركة الصهيونية، وفيليكس فرانكفورتر، القاضي النمساوي الأميركي، ورؤساء الشركات المصرفية في شوارع وول ستريت في نيويورك، وعلى ما يبدو، فإنّ هذه الخلافات تسبَّبت في عدم دعوة أينشتاين لإلقاء محاضرة في جامعة هارفارد، كما دفعت العديد من يهود مانهاتن البارزين إلى رفض دعوة منه لمناقشة مشروعه المفضل لإنشاء جامعة في القدس.

تكشف كتب سابقة عن الأبعاد الكاملة لهذا الخلاف، من بينها سيرة ذاتية كُتبت عام 2007 في مجلد شملت مراسلات وأبحاث أينشتاين لعام 1921، نَشَرتها مؤخرا مطبعة جامعة برنستون في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن هذه الرسائل قديمة (لم يُكشف عن أي جديد مؤخرا)، فإن معظمها لم يُنشر من قبل.

يتكوَّن هذا المجلد من 600 صفحة، وترتيبه الثاني عشر ضمن المجلدات التي جمعها محرِّرو مشروع أوراق أينشتاين، وهم مجموعة تعاونية دولية من العلماء والمحررين والباحثين في كاليفورنيا الذين يعملون على ترجمة ونشر كتابات ومراسلات ألبرت أينشتاين وجمعها معا بطريقة تُتيح لنا الاطلاع على الصراع السياسي والعاطفي الذي تعثَّر فيه بوضوح في ذلك الوقت.

 

 

نشأ أينشتاين في أسرة يهودية ذات أصول ألمانية وميول علمانية، لكنه رغم ذلك لم يُخفِ أبدا احتقاره للمعتقدات والشعائر الدينية، (باستثناء فترة قصيرة عاشها بحماسة دينية عندما كان طفلا)، والمفارقة العجيبة أنه ظل يفتخر بكونه يهودي الأصل، وشعر بعلاقة قوية تربطه بمَن سمَّاهم "رجال القبائل والعشائر".

اتضحت نظرته للدين بعد الإجابة الفظة التي أرسلها في وقت مبكر من عام 1921 إلى حاخامات برلين (الحاخام هو الرائد والمعلم الروحي لليهود) الذين حثوه على أن ينضم للطائفة اليهودية هناك ويدفع مستحقات لدعمهم، فكانت إجابته: "لاحظت في رسالتكم أن كلمة يهودي يكتنفها بعض الغموض، فإن كانت تُشير إلى الجنسية والأصل فأنا أنتمي إليها، وإن كانت تُشير إلى الإيمان، فأنا يهودي بالمعنى الأول لا الثاني".

في ذلك الوقت، ازدادت معاداة الألمان للسامية، فبذل العديد من اليهود الألمان حينها كل ما في وسعهم -بما في ذلك التحوُّل إلى المسيحية- بهدف الاندماج مع الألمان، حتى إنهم حثوا أينشتاين ليسير على النهج نفسه، ولكن هذا الأخير اتخذ النهج المعاكس تماما، فما لبث أن تعرَّف بقوة على تراثه اليهودي، واعتنق الهدف المُتمثِّل في الترويج لوطن يهودي في فلسطين، وبناء على موقفه هذا، جنَّده الزعيم الصهيوني كورت بلومنفيلد، الأمين العام للمنظمة الصهيونية عام 1911، عن طريق إجراء مكالمة هاتفية معه في برلين.

 

وصف بلومنفيلد أسئلة أينشتاين بأنها "شديدة السذاجة" حينما سأله: لماذا يجب على اليهود إنشاء وطن زراعي في المقام الأول رغم تمتُّعهم بالمواهب الفكرية؟ لِمَ يجب أن تقوم الدولة على أُسس قومية؟ أليست القومية في الأصل هي المشكلة وليست الحل؟ في النهاية تحوَّل موقف أينشتاين وقال لبلومنفيلد: "بصفتي إنسانا، فأنا معارض للقومية، لكن باعتباري يهوديا، فإني مؤيد للجهود الصهيونية من اليوم"، ثم أصبح بعد ذلك من المدافعين عن إنشاء جامعة يهودية في القدس، التي أصبحت الجامعة العبرية فيما بعد.

 

اعتقد أينشتاين في البداية أن زيارته الأولى للولايات المتحدة، التي أطلق عليها مازحا "رحلة لكسب الدولارات"، ستكون وسيلة لجني بعض المال من عُملة مستقرة، لمساندته في حياته الزوجية غير المستقرة، فقد كان خارجا لتوّه من تجربة طلاق مريرة، وما زال الشجار بينه وزوجته الجديدة قائما حول الشؤون المالية، لذا حاول كلٌّ من ماكس واربورغ، سياسي ومصرفي من ألمانيا، وشقيقه بول المقيم في نيويورك مساعدة أينشتاين في ترتيب المحاضرات المُربحة، فطلبوا من جامعة برنستون وجامعة ويسكونسن دفع رسوم مقابل محاضراته قدرها 15000 دولار، لكن في فبراير/شباط عام 1921، أخبره ماكس واربورغ عن استحالة تجميع المبلغ الذي يريده، والعجيب أن أينشتاين لم ينزعج كثيرا لهذا الخبر، وعبَّر عن ذلك لصديقه الفيزيائي النمساوي بول إهرنفست بقوله: "أرى أنهم وجدوا مطالبي مرتفعة للغاية، ومع ذلك، فأنا سعيد لعدم اضطراري للذهاب إلى هناك، فهذه ليست طريقة جيدة لكسب المال على أية حال"، ووضع بدلا من ذلك خططا أخرى تتضمَّن ذهابه إلى بروكسل في بلجيكا لتقديم ورقة بحث في مؤتمر سولفاي، وهو مؤتمر أوروبي علمي في الفيزياء والكيمياء يُعقد منذ عام 1911، ويضم أبرز العلماء في ذلك الوقت.

 

جاء الزعيم الصهيوني بلومنفيلد مرة أخرى إلى شقة أينشتاين، حاملا هذه المرة برقية من حاييم وايزمان، رئيس المنظمة الصهيونية، وعالِم الكيمياء الحيوية الذي هاجر من روسيا إلى إنجلترا. طلب وايزمان من أينشتاين أن يرافقه في رحلة إلى أميركا لجمع الأموال للمساعدة في استيطان فلسطين بوجه عام، وإنشاء الجامعة العبرية في القدس على وجه الخصوص، لكن بعدما فرغ بلومنفيلد من قراءة البرقية، رفض أينشتاين هذا الطلب بصفته عالِما وليس خطيبا، وقال إن فكرة استخدام شخصيته الشهيرة لجذب الجماهير إلى القضية "فكرة سطحية ليست جديرة بالاهتمام"، لحظتها لم يعترض بلومنفيلد على كلام أينشتاين، ولكنه قرأ ببساطة البرقية مرة أخرى وبصوت مرتفع، وتوجَّه إليه بعدما انتهى بقوله: "إنه رئيس منظمتنا، وإن كنت جادا في انضمامك إلى الصهيونية، فيحق لي أن أطلب منك، باسم الدكتور وايزمان، الذهاب معه إلى الولايات المتحدة".

بدهشة عظيمة استقبل بلومينفيلد خبر موافقة أينشتاين حينما أجابه الأخير: "ما تقوله صحيح ومقنع، أُدرِك الآن أنني جزء من هذا الموقف، وعليّ قبول الدعوة"، أسعد هذا الخبر وايزمان أيضا، وفاجأه إلى حدٍّ ما، فكتب يقول لأينشتاين من لندن: "إنني أُقدِّر حقا استعدادك لإعانة الشعب اليهودي في مثل هذه اللحظة الحاسمة".

عَكَس هذا القرار تحوُّلا كبيرا في حياة أينشتاين، لأنه قرَّر قبل ذلك تكريس نفسه بالكامل للعلم إلى أن ينتهي من نظريته النسبية، ربما كان السبب في ذلك أن معاداة السامية التي كانت تنتشر حوله في برلين دفعته إلى إعادة تأكيد هويته بصفته يهوديا، فكتب إلى ناشره الفرنسي يقول: "لست حريصا على الذهاب لأميركا، لكني أفعل ذلك نيابة عن الصهاينة، لا بد أن يُذَاع صيتي لأبذل كل ما بوسعي لمساعدة أبناء قبيلتي، إنهم يُعاملون بقسوة في كل مكان".

 

وهكذا أبحر أينشتاين وزوجته الجديدة إلسا في أواخر مارس/آذار عام 1921 في أول زيارة لهما إلى أميركا، حاول أينشتاين خلال رحلتهم شرح النسبية لوايزمان، وحينما سُئل الأخير بعد وصولهم إن كان يفهم النظرية، أجاب بخبث: "ظل أينشتاين يشرح لي نظريته كل يوم، وبمجرد وصولنا كنت مقتنعا تماما أنه يفهمها بالفعل".

عندما وصلت السفينة إلى باتري، على الطرف الجنوبي من جزيرة مانهاتن في مدينة نيويورك بعد ظهر يوم 2 إبريل/ نيسان، وقف أينشتاين على ظهر السفينة، مرتديا قبعة سوداء ناعمة تُخفي بعضا من شعره الأشعث الذي يميل إلى الشيب، مُمسكا بغليون تدخين لامع بإحدى يديه، وفي اليد الأخرى حقيبة كمان بالية، وتعليقا على وصوله، كتبتْ صحيفة نيويورك تايمز واصفة إياه: "بدا كفنان، ولكن تحت خصلات شعره الأشعث كان يكمن عقل علمي أذهلتْ استنتاجاته أذكى العقول في أوروبا وأنبغها".

 

انتظر آلاف المتفرجين بجانب الفيلق اليهودي (خمس تشكيلات عسكرية من المتطوعين اليهود الذين حاربوا في صفوف القوات البريطانية) مع الطبول في باتري بارك، الحديقة العامة الواقعة في الطرف الجنوبي من جزيرة مانهاتن في نيويورك. عندما أحضر رئيس البلدية وكبار الشخصيات أينشتاين إلى المرفأ عبر زورق تابع للشرطة، غنَّت الحشود نشيدها الوطني اليهودي "هاتيكفا" مُلوِّحة بأعلامها، ورغم أن أينشتاين ووايزمان قرَّرا التوجُّه مباشرة إلى فندق الكومودور في وسط المدينة، فإن ذلك لم يحدث مباشرة، لأن موكبهما ظل يسير عبر الأحياء اليهودية في الجانب الشرقي حتى وقت متأخر من الليل. علَّق وايزمان على هذا الحدث قائلا: "كانت لجميع السيارات أبواق، وإذ بها تُطلِق جميعا أبواقها في ذلك الوقت احتفالا بنا، وأخيرا وصلنا إلى فندق الكومودور نحو الساعة الحادية عشرة والنصف مساء مُرهَقيْن، وجائعين، وظمآنين، وتتملكنا حالة من الذهول التام".

 

وسط كل هذه الاحتفالات ومراسم الترحيب، اكتشف وايزمان وأينشتاين أن إحدى الجهات لم تشارك في هذه الفعاليات، لم يرسل قادة المنظمة الصهيونية الأميركية، وعلى رأسهم قاضي المحكمة العليا لويس برانديز، الذي كان رئيسها في ذلك الوقت، أية تحيات أو تهاني رسمية. لتوضيح هذا الخلاف، دعنا نبدأ من 1919، العام الذي سافر فيه برانديز مع وايزمان إلى فلسطين، وفي العام التالي ذهب إلى لندن ليكون معه في مؤتمر صهيوني، لكن هذا الهدوء بينهما لم يستمر طويلا، لأنه بعد ذلك بوقت قصير بدأ الخلاف ينشب بينهما.

تعدَّدت الأسباب وراء صراعاتهما، منها بعض الخلافات السياسية بسبب رغبة برانديز في أن تُركِّز المنظمات الصهيونية على إرسال الأموال إلى المستوطنين اليهود في فلسطين، وليس على التحريض السياسي، ومنها بعض الصراعات القديمة على السلطة، فقد أراد برانديز أن يستولي على السلطة من وايزمان وأتباعه في أوروبا الشرقية، لكن قبل كل شيء، يبدو أن السبب الرئيسي وراء خلافاتهما هو التعارض بين سِمتَيْ الشخصيتين، نجد مثلا أن وايزمان وُلد في روسيا، ثم هاجر إلى إنجلترا، وشارك أينشتاين في ازدراء واحتقار اليهود الذين حاولوا جاهدين الاندماج مع المجتمع الأوروبي، بينما على الجانب الآخر، وُلِد برانديز في لويفيل (Louisville)، أكبر مدن ولاية كنتاكي الأميركية، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، كما ازدهر بصفته محاميا مرموقا في بوسطن، وعيَّنه توماس ويلسون، رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت ليصبح بذلك أول يهودي يحظى بمنصب قاضٍ في المحكمة العليا، وقد نظر العديد من مؤيدي برانديز بدونية إلى اليهود الذين فشلوا في الاندماج في روسيا وأوروبا الشرقية.

كشف برانديز عن الأُسس الثقافية والشخصية لخلافه مع وايزمان في رسالة إلى شقيقه عام 1921 قال فيها: "كان الصدام الصهيوني حتميا نتيجة لاختلاف المعايير، فاليهود الشرقيون -كالعديد من اليهود في روسيا- يفتقرون لمعايير الأمانة والصدق، لذا فلن نأتمنهم على أموالنا، ورغم أن وايزمان يعرف جيدا معنى الصدق، فإنه مستسلم بضعف لشركائه الروس، وانطلاقا من هذه النقطة، اندلع الصراع بيننا، وانقسمنا".

من المفارقات العجيبة أن برانديز في البداية عبَّر عن سعادته لقدوم أينشتاين إلى أميركا رغم مرافقته لوايزمان وقتها، وكتب إلى والدة زوجته يقول: "سيأتي أينشتاين العظيم إلى أميركا قريبا مع الدكتور وايزمان، رئيس مؤسستنا الصهيونية، ربما ستحتاج فلسطين إلى ما هو أبعد من مجرد تصوُّر جديد للكون، أو إضافة أبعاد أخرى متعدِّدة على أرضها، لكن من الجيد تذكير العالم أن المساهمات الواضحة في عالم الفكر يقدِّمها اليهود".

 

 

في ظل هذه النزاعات، عبَّر اثنان من أقرب شركاء برانديز عن مخاوفهم إزاء زيارة أينشتاين لأميركا، أحدهما فيليكس فرانكفورتر، تلميذه الذي كان حينها أستاذا في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، والآخر جوليان ماك، القاضي الذي اختاره برانديز ليكون رئيسا للمنظمة الصهيونية في أميركا. رأى هذان الاثنان أنه من الأفضل لو ظهرت زيارة أينشتاين في المقام الأول على أنها رحلة لإلقاء محاضرة في الفيزياء، لا بهدف جمع الأموال لليهود في فلسطين، وبناء على مخاوفهما، نوى كلاهما إرسال برقية إلى وايزمان لحثه على التأكُّد من أن يضع أينشتاين في حسبانه إلقاء بعض المحاضرات في الفيزياء، لكنهما سرعان ما عدلا عن رأيهما عندما سمعا عن محاولات أينشتاين السابقة لكسب مبالغ كبيرة من جامعات مختلفة مقابل محاضراته، في حين أنه يُروِّج للصهيونية مجانا، وأرسلا برقية أخرى، ولكن هذه المرة للتحذير من خطر أن يبدو أينشتاين شخصية تحاول تسويق عِلمها بتحويله إلى سلعة تجارية، خشي فرانكفورتر وماك من أن مثل هذه الحماقة قد تضر بصورته وصورة اليهود، لذا كان لا بد لمحاضرات الفيزياء أن تكون مجانية، فأرسل ماك إلى وايزمان يقول له: "نرى من خلال شرحك لمفاوضات أينشتاين حول كسب المال أن موقفه بالغ الصعوبة، لذا سنكون بانتظار برقيتك إن وافق على مقترح بشأن إلقاء محاضرات بالمجان".

لم تهدأ الأمور عند هذا الحد، وإنما تكرَّر إرسال البرقيات باستمرار، فقد تصاعد خوفهما في إحدى البرقيات إلى الحد الذي حثا فيه وايزمان على إلغاء رحلة أينشتاين، وفي برقية أخرى أعلنا عن إلغاء المحاضرات في الجامعة حيث كان فرانكفورتر حينها أستاذا مؤثرا بالقول: "هارفارد ترفض كليا محاضرات أينشتاين، لكننا نرحب به في زيارة غير رسمية بدون إلقاء محاضرات، أو دفع رسوم". بمجرد أن علم أينشتاين بهذه البرقيات تملَّكه غضب شديد، وما لبث ماك أن دافع عن نفسه وعن فرانكفورتر -وبالتبعية برانديز- في رسالة إلى أينشتاين أصرَّ فيها على أن الدافع الوحيد وراء كل ذلك هو حمايته من هذه الهجمات المتوقعة، وبالتالي حماية المنظمة من تبعات هذه الهجمات.

ازدادت الأمور سوءا خلال زيارة أينشتاين بسبب برانديز وأتباعه الذين أعلنوا، بعد صدام مميت بين العرب واليهود في يافا، عن رغبتهم في التأكُّد من وجود ضمانات أو تدابير احترازية كافية قبل جمع الأموال للجامعة العبرية في فلسطين. بعد هذا الموقف، ساور أينشتاين الشك في أن برانديز وأتباعه يهدفون إلى تخريب مهمته، وحينما اقترح الحاخام جودا ماغنيس، وهو صديق لبرانديز ومؤيد له، استضافة جمع من المثقفين في مانهاتن للحديث عن الجامعة، كانت المفاجأة أن أينشتاين اشترط لقدومه أن يكون هذا الاجتماع لجمع التبرعات، فرد ماغنيس في خطاب بارد ومقتضب: "لم يكن هدفي من هذا الاجتماع هو جمع الأموال، لكن في ظروف كهذه، سيكون من الأفضل لو ألغيناه".

بول واربورغ

لم تقتصر المقاومة ضد مهمة أينشتاين على المؤسسة الصهيونية لبرانديز ورفاقه الحذرين والمتحفظين، لكن عارضه أيضا العديد من يهود نيويورك الإصلاحيين الناجحين من ألمانيا، وحينما دعا أينشتاين نحو 50 شخصا من أبرز يهود نيويورك إلى اجتماع خاص في فندقه، رفض العديد منهم القدوم، ومنهم بول واربورغ، الوكيل الذي ظل يطلب رسوما لمحاضراته، أرسل إليه يقول: "لا أرى لحضوري فائدة، بل على العكس، أخشى أن يعمل تأثيري، إن حضرت، على تهدئة الأمور، لأنه سبق وأخبرتك في إحدى المناسبات الأخرى عن شكوكي الشخصية حول المخططات الصهيونية وذُعري الحقيقي حول عواقبها الوخيمة".

هناك بعض الشخصيات الأخرى التي أعلنت رفضها لمهمة أينشتاين، ومنهم: آرثر هايز سولزبيرجر، ناشر في صحيفة نيويورك تايمز، وبرنارد باروخ، ممول سياسي وثري أميركي يهودي من رجال المال والدولة، والمحامي إيرفينغ ليمان، سياسي أميركي من نيويورك، وأول سكرتير لمجلس الوزراء اليهودي، وأيضا أوسكار شتراوس، وهو مؤلف موسيقي مشهور من النمسا، ودانيال غوغنهايم، رجل أعمال أميركي من أصل يهودي وفاعل خير، وأخيرا عضو الكونغرس السابق جيفرسون مونرو لافي، ‏وهو محامٍ وسياسي أميركي.

على الجانب الآخر، نجد أن بعض اليهود الأكثر حماسا احتضنوا مشروع أينشتاين ووايزمان، كان هؤلاء اليهود المتحمسون يميلون إلى العيش في بروكلين أو في الجانب الشرقي الأدنى من نيويورك بدلا من بارك أفينيو (ناطحة سحاب في منهاتن بنيويورك)، وتسبَّب حضور أكثر من 20 ألف شخص منهم لإحدى الفعاليات في اضطرابات وأعمال شغب حينما "اقتحموا صفوف الشرطة" حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.

 

 

بعد مرور ثلاثة أسابيع من المحاضرات وحفلات الاستقبال في نيويورك، زار أينشتاين واشنطن لأسباب لا يعلمها سوى أهل المدينة، وخلال هذه الأحداث، قرَّر مجلس الشيوخ -وتبعه مجلس النواب- مناقشة نظرية النسبية في مبنى الكابيتول (مقر المجلس التشريعي لحكومة الولايات المتحدة الأميركية)، حيث اقترح النائب جون جي كيندريد، عضو مجلس النواب، وضع تفسير لنظريات أينشتاين في سجل الكونغرس، لكن سرعان ما أبدى ديفيد والش، السياسي العضو في الحزب الديمقراطي وحاكم ولاية ماساتشوستس، اعتراضه على هذا الاقتراح سائلا كيندريد:

– هل تفهم النظرية؟

فأجابه الأخير:

– شغلتني هذه النظرية بجدية لمدة ثلاثة أسابيع، إلى أن بدأ يتسرَّب في النهاية بعض الضوء مُعلنا عن بصيص أمل.

– حسنا، وماذا ستضيف هذه النظرية لأعمال الكونغرس؟

– قد تؤثر مستقبلا على التشريعات (وضع القوانين) التي تتعلَّق بالعلاقات العامة مع الكون.

حديث كهذا، ومع زيارة أينشتاين ومجموعته إلى البيت الأبيض، وضع الرئيس وارن جي هاردينغ، رئيس الولايات المتحدة وقتها، في مواجهة حتمية أمام سؤال إن كان يفهم النظرية، وبينما كانت المجموعة تقف أمام الكاميرات، ابتسم الرئيس واعترف بعدم فهمه للنظرية، وتوثيقا لهذا الحدث، نشرت صحيفة واشنطن بوست رسما كاريكاتوريا يُظهِر الرئيس في حيرة من أمره أمام ورقة بعنوان "نظرية النسبية"، في حين يقف أينشتاين حائرا أمام ورقة بعنوان "نظرية السواء"، الاسم الذي أطلقه هاردينغ على فلسفته الحاكمة، وتصدَّر الحدث الصفحات الأولى في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان: "اعتراف هاردينغ بأن نظرية أينشتاين تُحيِّره".

خلال زيارة واشنطن، حاول الصحفي الأميركي الشهير ووسيط السلطة القوي والتر ليبمان عقد اجتماع سلام بين وايزمان وبرانديز، لكن سرعان ما فشلت المفاوضات بين معسكري الزعيمين الصهيونيين بسبب مجموعة من القضايا المختلفة، ولم تُعقَد القمة قط. مع ذلك، كان أينشتاين سعيدا بمهاتفة برانديز، على الرغم من تحذير وايزمان بألا يفعل ذلك، ومن المفارقات العجيبة أنهما انسجما جيدا خلال المكالمة، وأخبر أينشتاين صديقه الذي رتَّب الزيارة أنه خرج بوجهة نظر جديدة عن برانديز "مختلفة تماما" عن تلك الصورة التي أقنعه بها وايزمان.

 

كما عبَّر برانديز أيضا عن سعادته باللقاء، وقال في رسالة لزوجته في اليوم التالي: "إن البروفيسور أينشتاين والسيدة زوجته شخصان لطيفان، لكن تبيَّن خلال اللقاء استحالة تجنُّب بعض المناقشات حول الخلاف والهدنة بين المؤسستين رغم أن هذه القضية لا شأن لهما بها، وإنما قضيتهما الأكبر هي إنشاء الجامعة". في النهاية، انتهى الأمر دون حل الخلافات بين الفريقين، واستمرت الأمور في التدهور خلال الزيارة.

ذهب أينشتاين بعد ذلك إلى برنستون، جامعة متعددة التخصصات في الولايات المتحدة لإلقاء سلسلة من المحاضرات العلمية استمرت أسبوعا، وبالفعل لم يحصل أينشتاين على 15000 دولار مقابل محاضراته، لكنه تلقَّى مبلغا أكثر تواضعا، بالإضافة إلى عقد صفقة مع جامعة برينستون لنشر محاضراته على هيئة كتاب، وإعطائه 15% من الأرباح. كانت محاضراته تقنية للغاية، تضمَّنت أكثر من 125 معادلة معقدة كتبها على السبورة أثناء حديثه باللغة الألمانية، وكان هذا بمنزلة تحدٍّ لجمهوره على حد تعبير أحد الطلاب: "حضرت بالفعل، لكن ما شرحه كان صعبا لدرجة تفوق قدرتي على فهمه". بدا أن أينشتاين يحب الجامعة حين وصفها باليافعة والجديدة، وبأنها غليون لم يُدخن بعد، واعتُبرت هذه مجاملة من رجل ظل دائما يداعب غليونا جديدا، لذا لم يكن انتقاله إلى هناك دائما بعد عشر سنوات قرارا مفاجئا.

 

أما جامعة هارفارد، فلم تكن زيارتها مُحبَّبة إلى نفسه كثيرا، ورغم أن الجامعة لم تدعُه بصراحة لإلقاء محاضرة رسمية، فإنه تجوَّل بلطف داخل الحرم الجامعي، وزار المختبرات مُعلِّقا على أعمال الطلاب. بالنسبة لباقي رحلته بالولايات المتحدة، انشغل هو وفرانكفورتر في تبادل رسائل، حاول فيها الأخير الذي كان أستاذا في جامعة هارفارد وقتها إبعاد اللوم عنه وعن فكرة ازدرائه لزيارة أينشتاين، فكتب يقول: "اتهمني الناس برغبتي في منع ظهورك في جامعة هارفارد، وهذا الاتهام باطل بالطبع"، ومع ذلك، علم أينشتاين بالبرقيات التي أرسلها فرانكفورتر وماك اعتراضا على طلب أينشتاين الحصول على رسوم مقابل المحاضرات، ورغم أنه لم يقبل إنكار فرانكفورتر للأمر قبولا كاملا، فإنه أرسل إليه يقول: "اتضح لي الآن أن تصرفاتك كانت بنية حسنة وصادقة"، في تلك الأثناء وجَّه أينشتاين ضربة ساخرة لليهود الذين يتبعون تفكير فرانكفورتر نفسه بحرصهم على تجنُّب إثارة أية حساسية لغير اليهود، فكتب يقول: "حتى وإن حجبت كل الجامعات دعواتها، فليس ذلك أمرا كبيرا بالنسبة لي، رغم علمي التام بأن نقطة ضعف اليهود هي حرصهم الدائم على إبقاء الأغيار (مصطلح ديني يهودي يُطلق على غير اليهود) في مزاج جيد".

كانت إحدى المحطات الأخيرة في الجولة الكبرى لأينشتاين ووايزمان هي كليفلاند، مدينة في ولاية أوهايو الأميركية، حيث احتشد عدة آلاف في محطة القطار للقاء الوفد الزائر، اشتمل الموكب (العرض) على 200 سيارة ذات أبواق، ومكسوة بالأعلام، ركب أينشتاين ووايزمان سيارة مكشوفة، وسبقتهما فرقة مشاة تابعة للحرس الوطني وكادر (مجموعة) من قدامى المحاربين اليهود يرتدون الزي العسكري، وأثناء العرض، التصق المعجبون طوال الطريق بسيارة أينشتاين، لدرجة قفزهم على عتبة باب السيارة، بينما حاولت الشرطة سحبهم بعيدا.

 

كانت المنظمة الصهيونية الأميركية على وشك عقد مؤتمرها السنوي في كليفلاند، حينما استعد يهود "وسط المدينة" المؤيدون لوايزمان لمواجهة يهود "شمال المدينة" المؤيدين لبرانديز، وتبيَّن أن المؤتمر كان مزعجا وصاخبا بالفعل، حيث تضمَّن خطابات مريرة وإدانات ضد فريق برانديز لعدم إظهار حماسهم لرحلة أينشتاين. استطاع أنصار وايزمان المُحصَّنون بدعمه منع تصويت الثقة لتأييد برانديز ورجله الرئيسي في المؤسسة جوليان ماك، ونتيجة لذلك استقال ماك على الفور من منصب الرئيس، ومن بعده برانديز الذي استقال من منصب الرئيس الفخري (رئيس شَرَف يحمل الاسم دون أيّة سلطة)، وتبعهم آخرون مثل فيليكس فرانكفورتر، وستيفن صموئيل وايز، حاخام أميركي، وأحد أفراد اللجنة التنفيذية للمؤسسة، بيد أن الصدع العميق داخل الصهيونية الأميركية سيستمر، وسيُضعِف الحركة خلال قرابة عقد من الزمان. لم يحضر أينشتاين المؤتمر، لأنه في هذا الوقت قد عاد أدراجه بالفعل إلى أوروبا على متن سفينة، وتركتْ رحلة أميركا في نفسه شعورا بالحيرة والتسلية، فكتب إلى أعز أصدقائه ميشيل بيسو، وهو مهندس سويسري معروف يصف له شعوره بالزيارة قائلا: "كان من السهل إثارة حماس هذا البلد أكثر من البلدان الأخرى التي لم أستقر فيها، لكني اضطررت لأن أتجوَّل مثل ثور ضخم، أتعلم! إنها لمعجزة أن أتحمَّل هذه الزيارة، لكن الجميل أن كل شيء انتهى الآن، الذي تبقَّى هو الشعور الرائع بأنك فعلت شيئا جيدا حقا تجاه القضية اليهودية على الرغم من كل الاحتجاجات التي أعلنها اليهود وغير اليهود، اكتشفتُ أيضا أن معظم رجال قبائلنا لديهم من الذكاء ما يفوق شجاعتهم".

 

 

أدَّت المعارضة التي واجهها أينشتاين إلى تعميق دعمه للصهيونية، كتب بول إهرنفست، الفيزيائي وعالِم الرياضيات النمساوي صديق أينشتاين، بعد الرحلة قائلا: "تُقدِّم الصهيونية الآن نموذجا يهوديا جديدا بإمكانه إسعاد اليهود مرة أخرى"، مُلمِّحا إلى مشاركة أينشتاين في تيار يُعيد تشكيل الهوية اليهودية في أوروبا سواء بالاختيار أو الفرض. ففي اليوم الذي غادر فيه أينشتاين أميركا، قال لأحد المراسلين: "لم يكن اليهود في ألمانيا يعتبرون أنفسهم أفرادا من الشعب اليهودي حتى جيل مضى، وإنما مجرد جزء من مجتمع ديني"، وأعلن أن معاداة السامية هي السبب في تغيير هذه النظرة، وأكمل حديثه: "إن الهوس المخجل لمحاولة التكيُّف، والامتثال، والاندماج الذي تبنَّاه العديد من ذوي المكانة الاجتماعية، ظل دائما سلوكا مقيتا يُثير اشمئزازي".

لم يُحقِّق هدف جمع الأموال خلال جولة أينشتاين سوى نجاح متواضع (بسيط)، فعلى الرغم من تدفُّق اليهود الأفقر والمهاجرين الجدد لرؤيته والتبرُّع بحماس، فإن القليل من اليهود المرموقين الذين يتمتعون بثروات كبيرة كانوا جزءا من الحشود المتحمسة، جمع أينشتاين نحو 750 ألف دولار فقط للجامعة العبرية، وهذا أقل بكثير من 4 ملايين دولار كان يأمل هو ووايزمان في الحصول عليها، لكن اعتُبر هذا المبلغ بداية جيدة بما فيه الكفاية، فكتب أينشتاين للعالم الفيزيائي النمساوي إهرنفست: "أصبح الآن تشييد الجامعة مضمونا ماليا".

بعد مرور أربع سنوات، افتُتحت الجامعة بالفعل على قمة جبل المشارف المطل على القدس، والمثير للسخرية أن بعض الممولين في نيويورك الذين رفضوا دعم أينشتاين في البداية انتهى بهم المطاف داعمين لمشروعه في النهاية، لكنهم أصرّوا على تنصيب الحاخام جودا ماغنيس -الذي اشتبك مع أينشتاين عام 1921 وألغى حفل استقباله عندما أصرَّ أينشتاين تحويله إلى حفل لجمع التبرعات- رئيسا للجامعة. استاء أينشتاين للغاية جرّاء تعيين ماغنيس لدرجة أنه استقال من مجلس الإدارة احتجاجا على ذلك، لكنه قرَّر رغم ذلك ترك أوراقه وجزء كبير من ممتلكاته للجامعة.

من المفارقات الساخرة أيضا، اهتمام أينشتاين مرة أخرى بجمع الأموال لجامعة يهودية جديدة عام 1946 بعد أن هاجر إلى أميركا، أُطلق على المنظمة في البداية اسم "مؤسسة ألبرت أينشتاين للتعليم العالي"، واستحوذت على حرم جامعة بالية بالقُرب من بوسطن ليصبح مقرا لها، لكن سرعان ما اشتبك أينشتاين مرة أخرى مع بعض المتبرعين رافضا إطلاق اسمه على الجامعة، لذا قرَّر المؤسِّسون تكريم خيارهم الثاني الذي توفي قبل خمس سنوات، وأطلقوا عليها اسم جامعة برانديز الجديدة.

_______________________________________________________

هذا التقرير مترجم عن: The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة