المصدر: افرانس 24
غداة وفاة رئيس تشاد السابق إدريس ديبي متأثرا "بجروح أصيب بها على جبهة القتال"، أعلن نجله محمد إدريس ديبي تولي "مهام رئيس الجمهورية" وفق الميثاق الانتقالي الذي يمنح له صلاحيات واسعة، أبرزها منصب قائد القوات المسلحة. فمن هو هذا الجنرال الشاب الذي أصبح الرجل القوي في تشاد بعد أن عاش 37 عاما في كنف والده؟
لم يتوقع الشاب محمد إدريس ديبي والمعروف أيضا باسم محمد كاكا (وهو اسم جدته التي ربته)، أن تدفعه الأحداث إلى الواجهة إثر الوفاة المفاجىء لوالده رئيس تشاد إدريس ديبي الثلاثاء ويصبح محل اهتمام واسع من الإعلام العالمي وكبار السياسيين.
تشاد.. موقع جغرافي ومأزق سياسي
هذا الجنرال (37 عاما) الذي تولى منصب رئيس المجلس الانتقالي في 21 نيسان/أبريل خرج من الظل الذي كان يعيش فيه عندما كان والده حيا، ليصبح بين عشية وضحاها الرجل "القوي" في البلاد والمسؤول الأول للمرحلة الانتقالية التي ستدوم 18 شهرا، يتم إثرها تنظيم "انتخابات رئاسية ديمقراطية وحرة" في البلاد.
ينتمي محمد إدريس ديبي إلى قبيلة "الزغاوة". وهي قبيلة عربية تعيش غالبية أفرادها بين تشاد والسودان المجاور، ويحتلون مناصب سياسية وعسكرية عليا في تشاد وتأثيرهم في السلطة مهم. وفور تسلم مهامه الجديدة، عين محمد إدريس ديبي 14 جنرالا في مجلس انتقالي. وهم في غالبيتهم عسكريون مقربون من ولده وينحدر عدد كبير منهم من قبيلته.
"فنون الحرب والتخطيط العسكري"
ترعرع محمد إدريس ديبي في كنف والده وتخرج من المدرسة العسكرية في تشاد في منتصف الألفيات ((2000) حيث درس فنون الحرب والتخطيط العسكري. ثم استكمل بعد ذلك دراسته في ثانوية عسكرية فرنسية تقع بمدينة "إيكس أون بروفانس" جنوب شرق البلاد لمدة ثلاثة أشهر فقط.
ومباشرة بعد عودته من فرنسا، عينه والده في المديرية العامة لأمن مؤسسات الدولة التي ينتمي إليها الحرس الرئاسي. وهي نخبة عسكرية كانت تسهر على أمن وراحة الرئيس المتوفي.
شارك محمد إدريس ديبي في العديد من العمليات العسكرية التي عرفتها تشاد بجوار والده إدريس ديبي إتنوالذي كان يلتحق بجبهات القتال من حين إلى آخر. وتشكل معركة "أم دام" ضد متمردي "تيمان أرديمي" شرق تشاد في 2009 أبرز "محطات" محمد إدريس ديبي العسكرية. واستطاع جيش تشاد آنذاك أن يهزم المتمردين الذين كان يتزعمهم عمه تيمان أرديمي الذي يعيش في المنفى.
رجل كتوم "بمثابة عيون وآذان والده"
يوصف محمد إدريس ديبي بأنه رجل "كتوم" لا يحب "الأضواء" ويحض باحترام من قبل الجنود والمسؤولين العسكريين. تولى في 2010 قيادة فرق مدرعة من فيلق النخبة ثم عين في 2012 رئيسا للحرس الرئاسي. وبعد مرور سنة واحدة فقط، أي في 2013، تقلد محمد ديبي منصبا جديدا حيث أصبح قائدا مساعدا للقوات المسلحة التشادية في مالي والتي كان يترأسها الجنرال عمر بيكومو.
هذا المنصب الحساس مكنه من تطوير قدراته العسكرية واكتساب خبرة ميدانية، فضلا عن نسج علاقات وطيدة مع القوات الفرنسية المتواجدة في مالي مع قوات تشاد وأخرى من دول منطقة الساحل، في إطار ما يسمى بعملية "برخان" العسكرية التي تهدف إلى دحر الجماعات المسلحة هناك.
ومع مر السنين، اكتسب محمد إدريس ديبي خبرة عسكرية لا يستهان بها وفرض نفسه في أعالي هرم السلطة التشادية.
أكثر من ذلك، فحسب مجلة "جون أفريك" المخصصة للشؤون الأفريقية، كان محمد إدريس ديبي بمثابة عيون وآذان والده داخل المؤسسة العسكرية وأصبح يمتلك مقاما عاليا داخل عشيرة "الزغاوة".
تحديات كثيرة تنتظر محمد إدريس ديبي
تنتظر محمد إدريس ديبي مهمات صعبة، أبرزها حفظ السلام والاستقرار في بلده وإدارة المرحلة الانتقالية بشكل سلس وتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وحرة في مدة أقصاها 18 عاما.
فوفق "جون أفريك"، كان الرئيس المتوفى إدريس ديبي قد كلف نجله بالاتصال وربط علاقات "بكبار الشخصيات التشادية والضباط المتحالفين معه". لكن رغم الولاء الذي يحظى به لدى جنرالات تشاد والأسرة السياسية الحاكمة، فإن نقص خبرته السياسية يمكن أن يشكل عائقا أمام توحيد البلاد من جديد وإنهاء الصراع الدائر بين جيش تشاد وحركات تمرد عديدة. فهل يتمكن محمد إدريس ديبي من رفع هذه التحديات؟