عبد المؤمن موسى - الرباط - سكاي نيوز عربية
ينتظر أن يدشن المغرب والولايات المتحدة منعطفا هاما في مجال التعاون العسكري بينهما، من خلال إجراء مناورات عسكرية بمشاركة جنود من إفريقيا وأوروبا، فضلا عن قوات عسكرية من البلدين المذكورين.
وتتجلى خصوصية هذه المناورات، التي حُدد لها تاريخ يونيو المقبل، أنها ستجرى في منطقة المحبس والداخلة في الصحراء المغربية، تحت اسم مناورات "الأسد الإفريقي 21".
وهي مناورات لن تكون مشابهة لسابقاتها، إذ رُفع عدد الجنود المشاركين من خمسة آلاف إلى ثمانية آلاف جندي، وسينظم جزء منها في منطقة المحبس التي توجد على خط التماس عند الحدود مع الجزائر، وهي أقرب منطقة عسكرية إلى تندوف الحاضنة لجبهة البوليساريو الانفصالية.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن قيادة "أفريكوم"، قولها إن هذا الجزء من المناورة جرى تصميمه لمحاكاة سيناريو التصدي لقوة شبه عسكرية تدعمها دولة أخرى، مضيفة أنه تمرين "للتصدي للأنشطة الخبيثة"، ومؤكدة أنه مرتبط أيضاً بمناورة "الدفاع الأوروبي" التي تشارك فيها قوات من الاتحاد الأوروبي وأخرى من الولايات المتحدة.
وكان الجنرال أندرو روهلينغ، نائب قائد الجيش الأميركي بأوروبا وإفريقيا، قد أكد أن "الأسد الإفريقي 2021" فرصة كبرى لتعزيز واحدة من أعرق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع واشنطن والرباط.
وقال الجنرال روهلينغ، خلال مؤتمر صحفي: "بينما نستعد للاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لافتتاح المفوضية الأميركية في طنجة، فإن هذا التمرين يعزز العلاقات الوطيدة بين الولايات المتحدة والمملكة المغربية، الشريك الأكبر للولايات المتحدة".
مناورات في سياقات خاصة
وستجرى هذه المناورات العسكرية الأميركية المغربية بالخصوص، في سياق سياسي وإقليمي خاص، إذ أنها "تأتي في إطار الاعتراف الأميركي الرسمي لأول مرّة بمغربية الصحراء، بكل ما يختزن ذلك من ثقل سياسي يقوم على تحوّل الموقف الأميركي في حسمه لهذا النزاع والتحلّل من الموقف السابق الذي كان يقوم على الموازنة بين كل من المغرب والجزائر"، كما يقول محمد شقير، الأكاديمي المتخصص في الشأن العسكري والأمني.
وأضاف المتحدث نفسه، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن إجراء هذه المناورات لأول مرة في منطقة تشمل لأول مرّة منطقة تفاريتي، هو تأكيد أميركي يقوم على تدعيم حليف أساسي في المنطقة ومساندة مبادرته في اقتراح الحكم الذاتي، وفي نفس الوقت تكريسا لسيطرته وبسط سيادته على مناطقه الصحراوية خاصة بعد عملية الكركرات".
بدوره، اعتبر مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية عبد الفتاح الفاتحي، أن "تنظيم أكبر مناورة عسكرية تشارك فيها القوات الأميركية في القارة الإفريقية لأول مرة على تراب الصحراء، يكرس الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، وأن الثابت في تطوير مختلف العلاقات الأميركية المغربية سيكون مستقبلا على هذا الأساس".
وأبرز الفاتحي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "انتظام هذه المناورة الضخمة بشكل متنامي، ليؤكد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمغرب، سيّما على المستوى الأمني والعسكري".
شراكة عسكرية عميقة
وُصفت هذه المناورات المرتقبة بين المغرب والولايات بالأضخم على مستوى القارة الإفريقية، خصوصا أنها "تزيد من قوة النفوذ المغربي عسكريا في المنطقة"، وفق عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية.
من جانبه، أكد اسماعيل حمودي، الأكاديمي المتخصص في السياسة الأمنية للمغرب، أن "المناورات المقبلة تؤكد عمق الشراكة العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة".
وتابع المتخصص في السياسة الأمنية للمغرب، في اتصاله بموقع" سكاي نيوز عربية"، أن "مشاركة دول أخرى في هذه المناورات يكشف عن محورية المغرب وأهميته للأمن والاستقرار في المنطقة، سواء في التصور الأميركي أو في تصور الدول المشاركة في المناورات".
ومن شأن هذه "المناورات التي تتطور فعالياتها كما ونوعا، بأن تجعل من المغرب قوة عسكرية قوية وذات نفوذ متنامي يستوعب التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء"، كما يقول الفاتحي.
ولذلك فهي مناورات "تزيد من فعالية قدرات الجيش المغربي القتالية مهاراتيا وتقنيا، بما يمكنه من مواكبة تنامي الخطر الإرهابي بمنطقة الساحل الإفريقي، لا سيما أنه يُعوّل عليه للعب دور أساسي في محاربة الجماعات المسلحة بتلك المنطقة"، يردف نفس المصدر.
كفاءة الجيش وحرفيته
كما أفاد إسماعيل حمودي، الأكاديمي المتخصص في السياسة الأمنية للمغرب، بأن المناورات العسكرية المقبلة "تكشف أيضا مدى حرفية وكفاءة الجيش المغربية، وقدراته على العمل ضمن جيوش متعددة الجنسيات، ومتعددة العقائد العسكرية والأمنية، بل والعمل ضمن أقوى الجيوش في العالم مثل الجيش الأميركي".
وأوضح المتحدث نفسه، أن "توفر المغرب على جيش مهني ومحترف وكفء، يجعل من المناورات المقبلة تتجاوز التزام أميركا بمغربية الصحراء، إلى دعم وتعزيز دور المغرب الإقليمي في 3 فضاءات على الأقل؛ وهي الفضاء الأطلسي والفضاء المتوسطي وفضاء الساحل والصحراء".
وتجمع الولايات المتحدة والمملكة المغربية علاقات قوية على مستوى التعاون العسكري ومحاربة الإرهاب والفكر المتطرف، وهو ما تعزز باتفاق عسكري وُقّع في الرباط بين الرباط وواشنطن في أكتوبر الماضي، وهو بمثابة خريطة طريق في مجال التعاون الدفاعي والعسكري يمتد من 2020 إلى 2030.
إثرها أثنى وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر على التعاون العسكري بين البلدين، مؤكدا أن المغرب شريك أساسي في محاربة الإرهاب والتحديات الأمنية وتعزيز الاستقرار والازدهار بالمنطقة.
وشدد مارك إسبر على أن الولايات المتحدة تعتبر المغرب بوابة إلى القارة الإفريقية، معتبرا أن هذا الاتفاق العسكري الموقع سيفتح الطريق للتعاون المغربي الأميركي على مستوى البلدان الإفريقية.