إن الذين يدافعون عن فرنسا اليوم وسياسات الرئيس ماكرون اتجاه الإسلام والمسلمين يتناسون بأنه لا منّة لفرنسا علينا مطلقا، فهي من جاءت إلينا واحتلت أرضنا وقتلت ودمرت واستنزفت خيراتنا، بل ويتناسون أن فرنسا لا تملك اليورانيوم ولا النفط ولا الحديد ولا النحاس ولا الذهب ولا حتى الصمغ العربي، وأنها بَنت أمجادها من عرق عمالنا وخيرات أراضينا ودماء جنودنا الذين ماتوا من أجل فرنسا في العديد من حروبها، وآخرهم الذين قضوا لإزاحة الاحتلال النازي عن فرنسا في وقت يحتل فيه الفرنسيون أرضنا ويقتلون بالنابالم أبناءنا، ولا يزال الغرور الفرنسي عاجزا عن تقديم أي اعتذار عن جرائمه وإرهابه أو أدنى اعتراف بأخطائه.
رغم كل ذلك أعرضنا صفحا وطوينا كشحا، فلم نسئ إلى فرنسا يوما، ولم ننتزع اللقمة من أفواه أبنائها الجائعين أبدا، وحين جئنا إليها أو جاءت هي بنا إليها فلخدمتها ومصلحتها وامتصاص عقولنا بعد أن ملّت دماءنا وعرقنا.
لا تطالبونا بمزيد من نكران الذات في مواجهة فرنسا، فالتجربة أثبتت أن الانوار الفرنسية لا تضيء إلا بفرنسا ولبعض الفرنسيين فقط.
ومع ذلك، ولفرط طيبتنا لا زلنا نتفهم أن يكون الاسلام في فرنسا مثله مثل غيره من الديانات والمذاهب والأفكار عرضة للنقد، لكننا جميعا ندرك الفرق بين النقد والإساءة والسخرية المُهينة المتعمدة والتي تغطي في الحقيقة عنصرية وتمييزا ضد الآخر ورفضا له.
ولفرط طيبتنا لن نزيد أن نستغرب كيف يتم إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام كدين، في حين يمارس المتدينون من اليهود والمسيحيين الإرهاب والقتل والاحتلال والنهب بحق المسلمين ولا أحد يجرؤ على إلصاق ذلك بديانات هؤلاء أو معتقداتهم حتى ولو كان رئيس فرنسا.
ولفرط طيبتنا الزائدة سنستغرب مجرد استغراب، حين يُدان الإسلام بالإرهاب، وحين يصدر ذلك من رأس الدولة بفرنسا، دون أن يكلف نفسه عناء القليل من التريث أو استحضار القليل من ثقافة المساواة أو قرينة البراءة لبعض من مواطنيه وثاني ديانة بفرنسا.