على ذكر الأب؛
يوم فاجعة تحطم طائرة الخطوط الجوية الموريتانية بمدينة تجكجة، كان والدي رحمه الله من بين القلائل الذين انتشلوا من بين الحطام وقد شاءت الأقدار أن نلتقي لدقائق قبل وفاته في غرفة من غرف المستشفى الجهوي للمدينة، المفارقة أن الوالد رحمه الله لم يكن يشكو من كسور أو حروق ولكن عندما أحس بقرب رحيله طلب مني الذهاب لأحضر له ماءا وذلك بالرغم من وجود علبة مياه معدنية بجانبه، أخبرته بأن المياه موجودة لكنه ألح علي بإحضار ماء من قنينة والدته رحما الله وكانت المسافة بين المستشفى والمنزل بعيدة نوعا ما، خرجت تحت ضغط الوالد وبقيت لدقائق قليلة في باحة المستشفى ثم أحضرت مياه من الحنفية وعند دخولي الغرفة كانت روحه قد صعدت إلى رب رحيم.
بعد عقدين من الزمن فهمت بأن رحمة الوالد بولده لا حدود لها حتى وإن كان على فراش الموت فلا يريد لك أن تحضر وفاته حرصا عليك.
أب كهذا لا يمكنني إعارته، عذرا.