يقتضي احترام ضوابط الموضة الحديثة، والذوق المجتمعي، وتتبع قواعد الاتكيت في أيامنا أن يمتلك الشخص أعدادا كثيرة من الأغراض الشخصية: ملابس، أطقم النعل والساعات، وغير ذلك، حتى إن الشخص يستعمل الغرض، ولا ترجع الدورة إليه إلا بعد الأشهر، أو السنة..
يتحرج البعض من تملك العدد الكثير من الأغراض، في الوقت الذي لا يجد فيه كثير من الناس الحد الأدنى منها، ويعتبر التوسع فيها من الإسراف المخالف للشرع.. كُتُب العلم الموثوقة تحفظ لنا أخبارا تثبت أن من كبار علماء الأمة، من كان على توسع كبير في هذا المجال..
في باب تركة الإمام مَالك بن أنس رضي الله عنه، من كتاب "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك"، نقل القاضي عياض رحمه الله أن مالكا مات عن مائة عمامة، فضلا عن سواها، وأنه خلف خمسمائة زوج نعل../ ترتيب المدارك/ تحقيق علي عمر ـ الجزء الأول ـ الطبعة الأولى ـ مكتبة الثقافة الدينية القاهرة 2008 ـ صفحة 298..
ولم أشأ أكثر من مثال، لأن التمثيل بالإمام مالك يكفي..
الأمر بالأمر يُذَكِّر: في المقابل كان من علماء الأمة من لم يكن لهم اهتمام بالهيئة، ومن هؤلاء عالم الأندلس ابن رشد الحفيد، يُقال إنه كان يلبس الثوب ولا يغيره حتى يتخرق فوقه، وقال الذهبي في ترجمته: "كان رث البزة"../ ترجمته في الجزء 15 من سير أعلام النبلاء ـ ط دار الحديث ـ ص 426..
ومنهم أبو الفرج الأصفهاني، عالم الأدب الرقيق، والأخبار الحلوة، قال الذهبي في ترجمته: "وكان وسخا زريا"../ ترجمته في الجزء 12 من سير أعلام النبلاء ـ ط دار الحديث ـ ص 256..
كان الأصفهاني هَجََاء مَخُوفا، ويُعرف عن كثير من الهجائين سوء الهيئة.. ومن غرائب الأصفهاني أنه أموي شيعي، ولَم يُر هذا قبله..