عبد الله يعقوب حرمة الله
***
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ *** رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
***
سقط الثائر الرزين عبد الرحمن بن مولود بن داداه شهيدا على مسار امتهان العدل ومؤازرة أجيال التغيير.
قبل البريد الالكتروني وثورة الوسائط الرقمية، انتظم خط اشتراك بيته الخماسي: خمس مائة وثلاثة وستون وتسعة عشر؛ على استقبال برقيات ومكالمات نشطاء المعارضة خلال نهاية العقد الثامن وطيلة العقد التاسع من القرن العشرين.
مكث مطمئنا مستهلكا بنهم للفكر، في زنزانات الاستبداد وعتمة غرف تحقيق الشرطة السياسية؛ ببحة صوته الهادئ وصمته اللذيذ، مفسحا الطريق لمواقف الحق ورفض الضيم.
على مدى سنوات من البذل والعطاء؛ رفقة أجيال الرفض ورجالات الفكر؛ تقاسمنا الحديث وطول السهر ليحتضن خطاب المعارضة روح الثقافة وأنفاس إبداع نخب الوطن الموريتاني.
رفض أحد أوائل خبراء العالم الثالث في البترول عروضا مغرية في الولايات المتحدة وأوروبا، مفضلا مرافقة الحياة العامة لبلده بتكتم وروية.
كان ينفق عائد استشاراته الدولية، بعد الفقراء والمحتاجين، على النشاطات الطلابية والمجتمع المدني والصحف المصادرة والأحزاب السياسية؛
امتلأ الراحل بحب موريتانيا والولاء للجمهورية، ومضى في صمت يليق بكبريائه.
رحم الله الرجل الورع الأنيق والإنسان الجميل؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.