أ.د. عبد الله السيد
قرأت تدوينة الدكتور Isselkou Ahmed Izidbih بخصوص استدعاء اللجنة البرلمانية له ظلما فتذكرت مقالا كتبه المرحوم عبد الله النديم مخاطبا الإنجليز بعد الثورة العرابية؛ حين كان الكلام الصريح تجاه الاحتلال البريطاني غير مأمون العواقب. كان عنون المقال المذكور هو: "لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا"؛ وفيه يخاطب الكاتب الرأي العام الغربي، والمنصفين من ساسته قائلا إن من ظلم باحتلال أرضه، وتدنيس قيمه، ونهب خيراته ليس له إلا الثورة، وأن الإنجليز لو كانوا محتلين كالمصريين لثاروا كما ثار أحمد عرابي...
أجل تذكرت هذا المقال في معرض تفهمي لشعور الدكتور إسلك أحمد إزيد بيه بمرارة الظلم؛ فقد استقال من وظيفته الأولى وانفك من أسرته في مجتمع نموذج، بالنسبة لكثيرين منا، حين رأى ظلم حضارته وتاريخه وقيمه من خلال المقررات الدراسية، والتقاليد الاجتماعية لذلك المجتمع، وآثر الغربة عن الدخول في مافيا التطبيع أيام نظام الرئيس معاوية، وحرص على نظافة المأكل والمشرب والصراحة في الطرح أيام العشرية الماضية.
أجل كان له خصوم ومنافسون تقولوا عليه بكل الأوصاف إلا بسرقة المال العام أو الاشتغال بذلك؛ لذلك حين تستدعيه اللجنة البرلمانية بناية على شهادة "متطوع" في موضوع لا علاقة له به ليكون اسمه ضمن تقريرها، ولتشفي بذلك غليل بعض منافسيه وخصومه فإن ذلك ظلم كبير... فما الفرق بين هذا وبين أن تكون استدعته بناء على رؤيا أحد أفرادها في المنام أو انطلاقا من شهادة أحد المارة في الشارع؟!
لك الحق سعادة السفير في التفرغ لتخليص نفسك من كل دنس، وأن تجمع لذلك الاستشارة، وأن تلجأ إلى الله أولا؛ لأن دعوة المظلوم ليس بينها وبينه حجاب، ثم إلى القضاء ثانيا لتبرئة نفسك من المشاركة في تهمة تمس شرفك، وليس لك أن تخدم تحت الظلم؛ لأن صميم الشرع يمنع الركون للظالم، ولاشك أن البقاء في الوظيفة أكبر أنواع الركون.
قيل لي إن اللجنة "مستقلة" وإن أعضاءه اختيروا بناء على الكفاءة والعدل والاستقامة فقلت في نفسي لو كنت مثله لفعلت فعله.