الرسم على الرمل فعل عبثي، لكنني استمرأته منذ عقود.. ولكن، لمَ لا أعمد إلى ما هو أبقى..؟..
لست أدري.. أعرف فقط أنني لا أطمع في الخلود؛ فسأمَّحِي تماما كما تمحو الرياح حروفي بمجرد ان أرسمها على وجه الرمل المسافر..
وقد يكون اختياري الكتابة على وجه الرمل رغبة في أن أتحرر من صحائف تبقى شاهدا على صاحبها يمدح هذا الحاكم، ثم يتحول إلى هجوه بعد أن يفقد السلطة..
و لماذا ألجأ إلى هذا الأسلوب، ولا مشكل في الصحائف؟.. ألم يؤله حواريو الرئيس الذي حكم بعده عدد من الرؤساء ذلك الذي انقلب عليه ووصفه بالجبار العنيد؟
ألم يسألوا المولى لهذا حينما فقد السلطة أن يهلكه بالطاغية؟.. أليسوا بيننا اليوم يصولون ويجولون..؟!..
هذا البلد بلا ذاكرة..!
لن يكون في مقدور أي أحد أن يصف ما أقوم به بالفعل العبثي .. فهو يخاف التذكير بفعل “عبَثَ”.. ذلك أني قد أرد عليه بأن الكل مجمع على العبث بمصالح هذه البلاد وقيمها ووحدتها وأمنها إلى درجة جعلت كثيرين يخافون أن تتحول كل إصلاحات يقام بها إلي ما يشبه دحرجة حبات الرمل علي هذه الصفحة..
لي مع “الشعب” قصة حب قديمة – نسجها الحبر- متعاونا من الخارج، ثم مديرا للجريدة..
عرفتني صفحاتها الداخلية.. لكن أيضا احتفت بي صفحتاها الأولى والأخيرة..
في الصفحة الأولى من الشعب رسمت بالرمل في شكل “همسة” لمدة ثلاثة أعوام.. وفي الصفحة الأخيرة من المطبوعة كان الركن باسم ” ظلال” في فترة أخرى..
وحملت الركن معي باسم “خطوط على الرمال” إلى صحيفة “المراقب” قبل أن ينهكها المَحْلُ، وينقل أحدهم ملكيتها إليه في شكل موقع إخباري ضاقت عليه الأسماء فأخذ اسما معروفا أعتقد أنه الترخيص الثالث الذي تصدره وزارة الداخلية..
ولأني واقع في حب “الشعب” منذ زمن طويل حاولت العودة إلى صفحاتها ثلاث مرات قبل هذه..
كان المدير العام يتفق معي على كتابة ركني أسبوعيا في الصفحة الأخيرة.. وفي المرات الثلاث كانت المادة تصب في مكانها ، وبقدرة قادر يمر أحدهم ليلا فيصدُر أمر بإزالة المادة..
بوسائلي الخاصة عرفت من كان “يزعجهم” أن تنشر لي مادة في جريدة الشعب.. ولم أهتم..
لم يكن السبب إطلاقا يتعلق بالمحتوى فأنا مدير سابق لجريدة الشعب بنسختيها، ومدير سابق لقطاع الإذاعة ، ومدير سابق لتحرير الوكالة الموريتانية للانباء قبل أن تدمج في الجريدة. ويعني هذا أنني أعرف ماهو قابل للنشر من غيره..
وفي شكل عام أعرف كيف أتحاشي الرقيب..
والآن وفي ظرفية مختلفة أشعر أنه لن يأتي “زوار فجر”…يطردون الركن من جريدته..
وإذا اتسع صدر المطبوعة سأرسم بالرمل على وجه الفساد مرة، وبالطين مرات.. و سأغسل عن وجه صالحِ الفعلِ ما قد يعلق به خطئا من دنس…
وفي الغالب ستكون مجرد “خطوط على الرمال” لا تقدم ولا تؤخر.. لكنها تستحق الحياة..
ش. بكاي
عن جريدة الشعب