باب سيد أحمد سيداتي
ما قالته مريم بنت الشيخ في مقابلتها مع BBC، ليس سوى ترديد ببغائي، لجزء مما سبق أن قاله بيرام لوسائل إعلام أجنبية مختلفة، و كتبه في تقارير لمنظمات غربية، فهي ليست من اخترع مقولة أن نسبة 20 % من الموريتانيين يقعون تحت نير العبودية، و أن أقلية عنصرية إجرامية بيضاء لا تتعدى 10 % من الموريتانيين، تقتل و تعذب و تستبيح أموال و أعراض و أجساد أغلبية سوداء لا تقل عن 90 % ، و أن في موريتانيا أسواق منظمة لبيع البشر ، و أن أغلبية الموريتانيين تتوارثها شرذمة من الإستعباديين مصاصي الدماء، تستبيح الدماء و الأعراض و الفروج، و أن موريتانيا تحكم بنظام آبرتايد، شبيه بالنظام الذي كان يحكم جنوب إفريقيا.
كانت هذه دعاية حركة أفلام العنصرية منذ سنة 1986، و لما فشلت في تسويقها على مدى عشرين عاما، حيث عجزت، بشهادة قادتها، عن اختراق المكون العربي و السوننكي و الولفي، فغيرت استراتيجيتها و عمدت إلى تجنيد بيرام، و إغرائه بالقيادة و الأضواء و الأبهة، ليقوم لها بما لم تستطع القيام به طيلة عقود.
*****
لقد أدى قبول الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله للعودة المنظمة للمسفرين، و تعاطيه الودي مع المنظمات الحقوقية، و انفتاحه و فتحه المجال للحريات العامة، إلى احتراق أوراق المسفرين و الزنوج و النظام العائلي الشمولي المافيوزي، التي كانت أفلام و حليفتها " ضمير و مقاومة " تستخدمانها، لتوفير الإقامات المريحة و حقوق اللجوء الدسمة و استضافات فنادق 5 نجوم لأعضائهما، فوجدتا نفسيهما بين خيارين أحلاهما مر، إما العودة لبلد متخلف، لا تتمتعان فيه بأي شعبية،، نتيجة لمواقفهما المستهترة بقيمه الدينية و الوطنية، كالدعوة للمثلية و التفرقة العنصرية ..... ، أو البقاء في أوروبا بدون امتيازات و لا أضواء .
فقرروا استخدام ورقة العبودية و الإسترقاق، و وجدوا ضالتهم في الشاب الحقوقي النرجسي الطموح بيرام، الذي يجمع بين الإنتماء لشريحة لحراطين و إجادة اللغتين العربية و الفرنسية، و الأهم من ذلك كله يملك قدرات خطابية قوية باللهجة الحسانية، فأحاطت به قيادات أفلام و بعض كوادر حركة CR، و قدموه لكل المحافل الحقوقية و دوائر و لوبيات النفوذ، التي كانوا على صلة بها، مقابل توفيره لهما ورقة رابحة للحفاظ على امتيازاتهم المكتسبة في العالم الحر ، و مواصلة التمتع بأجواء أوروبا اللطيفة و حقوق لجوئها المريحة، و هذا ما يفسر أن معظم ممثلي حركة إيرا في أوروبا و أمريكا الشمالية، كانوا و لا يزالون من قيادات أفلام المعروفة ، بل إن بعض مكاتب أفلام، قد غيرت عناوينها ببساطة لتصبح مكاتب لحركة إيرا، كما يفسر ما توصل إليه بعض المتابعين اليقظين، من أن أكثر من 90% من الحاصلين على اللجوء في أوروبا و أمريكا بإسم إيرا، هم من الزنوج و البيظان البيظ، و قد تحدث بعض المنشقين عن إيرا، عن انخراط بيرام و مساعديه الأقربين في المتاجرة ببطاقات العضوية في إيرا، للراغبين في الهجرة لأوروبا و أمريكا.
*****
و بعيد الإنقلاب على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، انضمت قيادات من أفلام و ضمير و مقاومة لحلف الإنقلابيين، بينما تنادت أغلب تيارات و أحزاب المعارضة الرئيسية، باستثناء التكتل، للإنخراط في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية لمواجهة الإنقلاب، و استطاعت تحريك جماهير واسعة ضده داخليا و محاصرته خارجيا، مما أرغمه على الدخول في مفاوضات دكار، التي كان من أهم تداعياتها السياسية، عودة التكتل إلى صفوف المعارضة و انخراطه في النضال ضد النظام الإنقلابي العسكري، ليجد قائد الإنقلاب نفسه في مواجهة معارضة موحدة، تعززت صفوفها بإنشقاق رئيس اتحاد أرباب العمل أحمد باب ولد أعزيزي ولد المامي و رئيسه السابق و الممول الأكبر للنظام رجل الأعمال الشهير محمد ولد بوعماتو، فلجأ النظام إلى التحالف مع الحركات العنصرية المتطرفة، و بدأ يقدم بيرام و حلفاءه بإعتبارهم المعارضة الحقيقية، و أصبحت حركة إيرا غير المرخصة رسميا ، تنظم المهرجانات في الشوارع و الساحات تحت مراقبة الأمن و ربما بمشاركته، و يبدأ زعيمها في تحريض شباب شريحة لحراطين على شريحة البيظان البيظ ، مستخدما أبذأ العبارات و أكثرها استفزازا، لتقوم قنوات عزيز بإستعادة الخطاب و استضافة بيرام في اليوم التالي، لتكراره و بثه على اوسع نطاق، بينما يرفض النظام تشريع مهرجانات و مسيرات أحزاب المعارضة المدنية المرخصة رسميا، و يمنع تغطية أنشطتها و استضافة قياداتها، في إطار مؤامرة خبيثة لتأجيج المشاعر الشرائحية و دق إسفين بين مكونات المجتمع الموريتاني.
*****
و هكذا دخل عزيز و بيرام في مرحلة تحالف تبادل مصالح و أدوار، على حساب الشعب الموريتاني و تماسكه و وحدته ، فبدأ النظام يغدق الأموال و يفتح المنابر و يمنح التزكيات القضائية و الأخلاقية لبيرام، و يساعده في الترويج لخطابه و تأجيج الفتن الشرائحية، بخلق حراكات شرائحية موازية، كحراك لمعلمين و حراك وطن ولد احمد عيشه و حراك لا تلمس جنسيتي، حيث كان العامل المشترك بين هذه الحراكات و الحركات العنصرية التفتيتية التدميرية، هو هجومها المنسق على أحزاب و تيارات و زعامات المعارضة الوطنية، و مشاركتها في كل المسرحيات الحوارية و الإنتخابية التي نظمها عزيز في غياب المعارضة، و تركيز وكلاء النظام الإعلاميين عليها، حتى تقتنع كل شريحة و كل فئة بأن أسباب ظلمها و شقائها و تهميشها، ليس النظام الحاكم و فساده و غياب العدالة و تكافئ الفرص و استقلال القضاء، و إنما هو فئات المجتمع و شرائحه الأخرى، و قد أدى هذا التحالف الجهنمي المنطلق من مقولة " علي و على أعدائي " الطاغوتية، إلى تعريض أمن البلد و استقراره و تماسكه الاجتماعي للخطر، و إلى إضعاف التيارات الوطنية المعارضة و التفرقة بينها، ليتمكن النظام من نهب ثروات البلد و الإستفراد بحكمه بأريحية شبه مطلقة، كما عمل هذا الحلف على ترسيخ خطابات مدمرة و دعايات كاذبة، كالتي رددتها القيادية البيرامية مريم بنت الشيخ على شاشة ال BBC، دون أن يرف لها جفن أو يؤنبها ضمير أو يكبحها وازع ديني أو أخلاقي.
و يبدو أن لقاء الرئيس غزواني و النائب بيرام بعيد الإنتخابات، لم يكن كافيا لطمأنة بيرام، على استمرار غزواني في التحالف الذي نسجه سلفه، لذلك يستمر بيرام في المراوحة بين التسخين و التوتير و بين إبداء إستعداده ل " إستمرار النهج " ، فهل سيستمر " حلف الفجور " في سياسة الهاوية و العبث بوحدة الشعب الموريتاني و أمنه و استقراره الاجتماعي، أم أن " بقية أخلاق و شيئ من التقوى " ، ستجعل الرئيس غزواني ينفض يده من الحلف و يرفض " استمرار النهج " في هذا الملف الخطير، قبل أن تفعل إيرا بموريتانيا و به ما فعلته القاعدة بأمريكا و بنتاكونها ؟
باب سيد أحمد سيداتي