يكشف النشاط المكثف للديبلوماسية الموريتانية في الأيام الأخيرة، عن قناعة راسخة بضرورة أن تتبوأ هذه الديبلوماسية المكانة اللائقة بها، متسلحة في ذلك برصيد وافر من تبني ودعم القضايا العادلة وتمسك ثابت بقيم العدل والمساواة وحرص قوي على صيانة السلم والأمن العالميين.
ويأتي هذا النشاط، في غمرة ذهول دولي غير مسبوق بفعل الفيروس المستجد، الذي أظهر تعامل بعض الدول معه، درجات من العجز والانطواء إن لم نقل الأنانية.
وعكسا لذلك، أظهرت موريتانيا في التعامل مع هذا الوضع، قدرا غير قليل من رباطة الجأش وحسن التقدير وسرعة في التدخل وصرامة في تبني أعلى درجات الحيطة والحذر. ومع أنه من المفروض أن يستأثر كل ذلك بكامل الوقت والجهد، إلا أن الإيمان بالقيم الإنسانية الرفيعة وبالمصير المشترك، أفسح المجال للاهتمام كذلك بالساحل وقضاياه وعلاقاته بالأصدقاء الأوروبيين وضرورة تفعليها وأخيرا وليس آخرا تعزيز دور مجموعة دول عدم الانحياز.
ولأن الجائحة تستأثر بالصدارة، فقد حرص رئيس الجمهورية في غمرة هذا الحراك وذلك الذهول، على أن يقدم للأشقاء والأصدقاء، أهم ملامح الإستراتيجية الوطنية لمواجهة تفشي كوفيد 19، وما تتسم به من استباقية وصرامة.
ولم يكتف فخامته بذلك، بل نبه الجميع إلى أن التدابير التي تتخذها الدول بشكل فردي في هذا الوضع، مهما كانت نجاعتها المحلية أو الظرفية، لن تكون كفيلة بمواجهة التحديات الناجمة عن هذه الجائحة بأبعادها المتعددة، كما أن المجتمع الدولي لن ينتصر في هذه المعركة، إلا من خلال التضامن والتعاون بين كافة دوله.
إنها وصفة موريتانية للتصدي للفيروس المستجد، شملت بالإضافة إلى كل ذلك، توجيه نداء ملح لأصحاب القرار، من أجل العمل على الرد بأساليب قوية ومبتكرة على التحديات الجسيمة التي أفرزتها هذه الأزمة، مع التأكيد على أن إلغاء المديونية الخارجية للدول الأكثر فقرا، يجب أن يتلو المبادرات المثمنة التي اتخذتها مجموعة العشرين ونادي باريس وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي باتجاه تخفيف هذه المديونية.
هكذا يغدو الإنتماء إلى العالم فاعلا ومثمرا وواعدا، لأنه يقدم التشخيص الدقيق ويقترح الحلول المناسبة وتحظى فيه مصلحة المعمورة بذات الأولوية التي تحظى بها مصلحة البلاد.
"الشعب"