إعلانات

من هو البعثي؟ 1 / صلاح المختار

جمعة, 03/04/2020 - 13:36

 

المصدر: شبكة البصرة

صلاح المختار

 

لعل خير ما نقدمه لحزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي لمناسبة الذكرى 73 لميلاده هو التذكير باسس البعث عقيدة وقيما وتنظيما خصوصا وانه ومنذ غزو العراق تدور في الاذهان اسئلة حول الحزب بعد ان نجح في النهوض واعادة البناء واكتساب قوة مضافة وصمد امام اعتى الحملات الفاشية الدموية في التاريخ الحديث وهي حملات اجتثاث البعث بكافة اشكاله وصيغه، ورغم ذلك بقي الحزب الجماهيري الوحيد في العراق الوطني الهوية اي المحتوي على كافة ابناء العراق في صفوفه، ومن بين ابرز الاسئلة التي فرضت نفسها بقوة تعقيدات اخطاء وقعت اثناء حكم الحزب واستغلت لتشويه صورة البعث، سؤال بارز وهو: من هو البعثي؟ وفيما يلي سمات البعثي الاساسية:

1- البعثي عقائدي: ما يميز البعثي انه عقائدي لانه انتمى لحزب لديه عقيدة تتمثل في الدمج بين القومية والاشتراكية فالبعث يناضل من اجل توحيد الاقطار العربية وانهاء التجزئة القطرية بقيام الوحدة العربية الشاملة لان العرب امة واحدة كانت لهم دولة واحدة عظمى في عهد رسالة البعث الاول عندما نشر العرب الاسلام، ثم في العهدين الاموي والعباسي حيث اقام العرب دولة واحدة عظمى وفي الحالتين كانت سيدة العالم القديم بلا منازع فنشر العرب نور المعرفة والتقدم ووضعت اسس نهضة العالم الحالية، فهوية الامة العربية واحدة ومصيرها واحد وتاريخها واحد وارضها واحدة متصلة وممتدة من اليمن الى موريتانيا رغم العقبة المصطنعة التي وضعت في فلسطين لفصل مغرب الوطن العربي عن مشرقه. من حق العرب التوحد لانهم الامة الوحيدة في العالم مع كوريا التي لم تكمل وحدتها القومية والسبب ليس داخليا بل خارجيا والعامل الخارجي هو الذي عظم العامل الداخلي المعيق للوحدة العربية واستعان به لمنعها.

الوحدة العربية في البعث ليست جمعا كميا للعرب بل حقا طبيعيا ومشروعا لشعب كان واحدا لكنه جزء وبتجزئته تراجع وتخلف وفقد دوره الحضاري وانحطت مستويات العيش والثقافة، وهكذا صارت الوحدة العربية ليست مجرد حماسا قوميا مشروعا بل شرطا حتميا لانهاء الضعف والتبعية والتخلف، خصوصا ونحن نعيش في عصر بلا قيم انسانية ولا احترام للقوانين الدولية من قبل واضعيها انفسهم، وهو ما نراه الان بصورة انموذجية في استكلاب القوي ونهشه للحم الضعفاء بلا رحمة في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين والاحواز وغيرها. ومما يزيد من حقنا المشروع في الوحدة العربية هو ان امما حققت وحدتها القومية لم تكتفي بذلك بل اقامت وحدات قارية بين قوميات متعددة كما هو حال الاتحاد الاوربي الذي وحد قوميات لامم متعددة كانت في حروب دامية لعدة عقود، فهل يحق لامم مختلفة التوحد بينما امة واحدة تحرم من وحدتها القومية؟

لقد اكدت التجارب التاريخية الحديثة والقديمة على ان الدول الصغيرة تقع ضحية الكبيرة فالسمك الكبير يأكل السمك الصغير وغزو العراق وقبله فلسطين والاحواز والاسكندرون وسبتة ومليلية والجزر العربية الثلاث شواهد على تلك الحقيقة، فالاسماك الصغيرة وهي الاقطار في حالة التجزئة القطرية هي اول ضحايا كبار العالم ولمنع افتراسها يجب ان تتوحد، والمهم في هذه الخيارات هو جعل العرب متحدين تجاه التحديات الخارجية ومشاكل التنمية والتقدم العلمي والتكنولوجي وتسخير طاقاتهم لانهاء تخلفهم، سواء بالوحدة الشاملة او بالاتحاد. فالبعثي وحدوي قومي الهوية ولا يوجد بعثي لا يكون قوميا بالطبع والاصالة.

اما السمة الثانية في الهوية العقائدية للبعث فهي الاشتراكية وهي تحديدا الاشتراكية القومية اي المتكيفة لتناسب البيئة الثقافية والحضارية لكل امة بشرط بقاء جوهر الاشتراكية وهو ملكية الدولة لوسائل الانتاج الكبيرة وتسخيرها لخدمة الشعب وليس لطبقة واحدة كما هو حال النظام الرأسمالي. ولضمان تفتح الابداع الانساني بقوة الحوافز المادية يجب السماح للقطاع الخاص بالعمل ولكن تحت اشراف القطاع الاشتراكي. فالبعثي اشتراكي بالهوية ولا يوجد بعثي بدون ان يكون اشتراكيا بالطبع والاصالة.

والبعثي لايمكن ان يكون قطريا يدافع عن التجزئة او يفرط بمستقبل اي قطر من اقطار الامة وبغض النظر عن نظامها السياسي لان القطر العربي ليس ملكا للنظام بل للشعب واذا كان النظام غير صالح فانه زائل وسيأتي غيره ولكن الشعب باق وهو من سيقرر نوعية الحكم، فالدفاع عن اي قطر عربي هو واجب البعثي في كل مكان عندما يتعلق الامر بتهديد خارجي لهويته العربية. والبعثي لايمكن ان يكون ليبراليا يدور في فلك ثقافة رأسمالية محتضرة ومناقضة للاشتراكية، لانه بذلك يهدم اهم عوامل النهوض المادي وهو الاشتراكية التي تشكل المصدر الرئيس للغنى الروحي فهي بتوفيرها ما يحتاجه الانسان ماديا وثقافيا وحقوقيا تحرره من الرضوخ لمن يملك المال وتجعله حرا في قراراته وخياراته، اما عندما يملك المال اشخاص فانهم يستعبدون البشر ويجردونه من انسانيته وهو ما نراه الان بصورة بشعة في عالمنا الذي تتواصل فيه الابادات الجماعية مثل ابادات الكورونا والغزوات وتلويث البيئة وتدمير الحياة الانسانية.

البعثي اذا هو قومي عربي واشتراكي في ان واحد يواجه العالم مناضلا سلاحه الاقوى هويته هذه لانها بوصلته الرئيسة، وتحدد له رسالة تاريخية ممتدة على عدة مراحل يحقق في كل منها اهدافا مرحلية.وهنا نرى معنى خلود رسالة البعث فبما ان اقامة الوحدة العربية وازالة المظالم الاجتماعية وبناء الانسان الحر المكتفي والمتفرغ للعمل والابداع واجبات جبارة وصعبة ومعقدة وهناك قوى داخلية وخارجية تعمل بكل قواها لمنع تحقيقها فأنها تحتاج لمراحل تاريخية متعددة ولعدة اجيال، وهنا نرى معنى الرسالة الخالدة التي تحملها اجيال متتابعة يسلم فيها جيل الراية للجيل القادم بعده ليكمل مسيرة الامة، وهكذا تسود النزعة التضامنية وتطمر النزعات الفردية.

ان عقائدية البعثي ليست ثقافته النظرية فقط بل نمط سلوكه وطريقة تعامله مع الناس ومع رفاقه المتحررة من امراض المجتمع التقليدية، فلا قيمة للثقافة اذا كانت مجرد معلومات بدون انسجامها مع السلوك اليومي، وهنا نصل الى السمة الثانية للبعثي وهي انه انقلابي.

يتبع...

[email protected]

3-4-2020

شبكة البصرة

الجمعة 10 شعبان 1441 / 3 نيسان 2020