*اللهمَّ اجعلْ دعاءَهم علينا دُعاءً لنا*.
تزخر فضَائياتُنا بدرجةْ من ضَحالة اللغَة مُشينةٍ وبقُدرة على تلويثِ لسان العَرب فاضِحةٍ...
فتعالوا، قومَنا، ننظِّمْ أيامًا تحسِيسِيةً، نوزِّع فيها مبيداتٍ نحويَةً، وصابونًا صرفيًا، ومُعقِّمًا إملائيًا ومُطهِّرًا أسلوبيًا حتّى نُنقذَ لغتنا من مهاوِي التردِّي والانحدارِ ومن ظلم ذوي القُربى الذين يظنون أنهم يُحسنون لها صُنعًا، وهم في الواقع يُعمِلون فيها معاوِلَ هدمٍ لو وظّفناها في مكافحة وباء الكوفيد19، نجَّانا البارئ منهُ، لكفَتنَا شرَّه ولوَقَتنَا ضيرَهُ...
إخوتي الأفاضِل، اللغةُ العربيةُ كائن اجتماعيٌّ ذو إحسَاس مُرهفٍ وشُعُورٍ راقٍ، يتأثَّر بالكسرِ ويُؤثِّر فيه الجرّ ويشعر بالضّم ويَفرَح بالفتح المَكِين الذي نسأل الله أن يُوفّقَ إليهِ وزيرَنا نَذيرُ وفَريقَه بالقضاء على العدُوّ المُبينِ ليتسنَّى التماسُ مؤازرته وفريقه في التصدّي لفيروسٍ "غيرِ مبينٍ" يَفتِك بكيان اللغة العربية...ولن يتوانَى الوزيرُ وفريقُه في مَـدِّ يدِ العون، فالكريم مُعينُ...
إخوتي الأفاضل، تحتاجُ لغة إعلامِنَا العربيةُ اليومَ آلِياتٍ سُوفيسْتِيكِيَةً لغربلتِها فحصًا وتمحيصًا، تنقِيَةً وتَصحيحًا حتّى نَميز الأصيلَ من الدّخيلِ، الخبيثَ من الطيّبِ، الصالحَ من الطالحِ من أجلِ أن نُّعيدَ، بِرًّا بأمِّنا، لُغتَها سيرتَها الأولى، حيّةً بقوتها الذاتية وبقوانينِها التنظيمِية، تَسعَى، بثقابةِ فكر أهلِ هذا الرَّبْـع، إلى إعادةِ إرسَاءِ أدواتِ البيانِ وترسيخِ طرائق التّبيِين فهمًا للآخر وإفهامًا لهْ...
إخوتِي الأكارم، يشعُر المُتابِع لقنواتنا الفضائية، ممّن له بقِيةُ أخلاق لِسانيَةٍ سليمَة وشيءٌ من تقوَى الأخطَاء اللغويةِ، أنّ هَذا الذِي ينْطق بهِ هَؤلاءِ من لسانٍ منهِكٌ لقوى اللغةِ العرَبِيةِ، مُخِلّ بمعناهَا، مُقوِّضٌ لمبْناها...
فتَعالَوْا بِنَا نَسُقْ لذلكَ أمثلةً يسيرةً، غيرَ حصرِيةٍ، دون تحليلٍ ولا تعليقٍ:
√ حضر هذا الاجتماعَ "كمُّ" من المسؤولين الكبار...
√ "يتواجَد" زميلُنا الآن في وسط مدينة كيهيدي...
√ كيف ستواجهون المتسللين "في هكذا حالة"...
√ إذا لم تكن "نوايا" المواطنين صادقةً فلا نجاح للحظر...
√ أجرينا مقابلات مع بعض "الولاَّة"...
و قسْ عَلى ما قيلَ أخطاءً أسلوبية وإملائيةً تقتُل الشرِيط المقروءَ في كلّ قناةٍ...
لكِنَّ الأدهَى والأمَــرَّ من ذلكَ كلِّه ومِن كلِّ ذلِكَ أن كُلَّ قنواتِنَا، كُلّها، دونَ أدنَى استثْناءٍ تظَلُّ وتَبيتُ تَدعُـو على هَذا الشَّعبِ الوادِعِ، المُسالِم، النّاطقِ "بَعضُ" أكثَرِ أهلِه العرَبِيةَ "بالقوة"، دونَ أن يَهُبَّ منهمْ رجُلٌ رشِيدٌ، مثل نَـذِيـرُ، لَهُ فَريقٌ كُفُؤٌ مثل فريقهِ لتَلافِي وقوعِ كارثةٍ في هذا البلد بسبَبِ أدعيةِ قنواتنَا وإذاعَاتنَا...أدعيةٌ نسأل الله أن تكُون لنا، لا عَلينَا، حيثُ لا تكَادُ تخلُو نشرةٌ إخبَاريَةٌ أو تقريرٌ مِن الأدعيَةِ، علَى شاكِلَةِ:
• "لا زالَت" فرقُ التحسيس تجوب العاصمةَ...
• "لا زال" القادمون على متن طائرة باريس في الحجر الطبي...
• "لا زالت" الحالةُ الثالثة في الحجز تتلقى العلاج...
• "لا زال" وباء الكورونا يضرب أجزاءً من العالم...
• "لا زالت" قواتُ الأمن مرابطة في مناطق العبور...
• أخي فلان، "لا زلتَ" تتابع لنا تطبيق حظر التجول في شوارع كذا..
• "لا زال" الوباء في السنغال يزدادُ انتشارا... إلخ.
لا قدّر اللهُ شيئًا من ذلك ولا أجابَ لسائله الدُّعاءَ في هذِه ولا في غَيرها من موَاطنِ الدُّعاءِ المُخالفِ للنيات.
أعزّائِي، عزِيزاتِي، يَدلّ كُلّ هذا الذي سطرْتُ وغيرُه ممَّا يعرفُه الذينَ يستنبِطون قواعد اللغة العربية منكم، من أمثال إبراهيم ولد الشيخ سيدِيا، الذِي يتابعُ بدقّة وحصافةٍ وبلَباقةٍ الأخطاءَ اللغوية، إملائيةً وأسلوبية، في قنواتنا الفضائية...يدلّ ذلكم، كلُّ ذلكُم، على أنّ الحاجَةَ إلى إنقاذِ اللغَة العربِيةِ مِن الأوضَاعِ المُترَدِيَةِ والنَّطِيحةِ ومَا أكلَ السّبُعُ التِي تنهَشُ جسمَها وتُنهِكُ بدَنَها، مُلحّةٌ أيّما إلحَاحٍ...
لُغَةُ الإعلامِ تخصّص، وأخطاؤها موضُوعُ دراسَاتٍ لسانِيةٍ مبثُوثَة في مظانِّها، فلْيتّقِ اللَّهَ إعلاَميّونَا فِي رجال ونساءٍ يبِيتونَ للهِ سُجّدًا وقِيَامًا، يدعونَ ربّهم آناءَ الليل وأطرافَ النهارَ رَغَبًا في حفْظه وتسليمهِ لأهل هذا الربْع مِن شرّ الكورونَا ومن ضره، ورهبًا مِن الله أولاً ثمّ من شرّ ما خلق بلاءً كانَ أو وباءً، شيطانًا كان أو هامَّةً أو عينًا لامّةً...يخِرونَ للأذقانِ يبكَونَ طمعًا في رحمةِ الله، خوفًا من سخطِه، داعِين، متضرّعينَ إلى الجليل، القريب، المُجيب أن يُجنّبَ أرضنا وأهلنا وسائر المسلمين خطرَ الكورونا وأن يَقِيَهم فتكَه وهتكَه وأن يُنقِّيَ منه البلادَ وأن يحفظَ العِبادَ....حتّى إذا حَلّ الصّباحُ بَدأت الدّعواتُ المُخالفةُ للمطلوبِ، الداعيةُ للمرهوبِ ترتَفِعُ من وسائل إعلامنَا من غيرِ قصدٍ ولا عن سوءِ نياتٍ، ولكن بسببِ عدمِ إتقانِ لغةِ الدّعاء، لغةِ العربِ...
وإنِّني مَن المُعافِي، الشافِي، لعلَى يقينَ راسِخٍ، رَاسٍ، لاَ يَتزَعزَعُ، أنّه سَيُزيلُ عنَّا حالاتِ الكورونا القليلةَ، لـهُ الحمدُ ولهُ المِنّة، الباقِيةَ إن زالَ من وسائِل إعلامنا رفعُ الدُّعاءِ ب'لاَ زَالَتْ'...
آمنتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا وبمحمّدٍ نَبِيا ورسُولاً، آمنتُ بربّي كَافيًا الشرَّ، آمنتُ بربّي دافِعّا الضُّرَّ، آمنتُ بربّي كاشفًا البلاءَ، آمنتُ بربّي مانعًا فِي أرضنَا نشرَ الوباءِ وانتشَارَه، آمنتُ بربّي مُجِيرًا منَ الإصابةِ بسوءٍ العبَادَ، آمنتُ بربِّي مُنْجِيًا من كلّ كربٍ عظيمٍ الذّاكِرينَ له والذاكَراتِ...آمنتُ بِـه وليًا ونصيرًا...عليه توكلْتُ وإليه أنيبُ، توكّلتُ عليه وكفَى، ومن يتوكّلْ على اللهُ فهو حسبُهُ...أسألُهُ أن يَحفَظَنا من بينِ أيدِينَا ومن خَلفِنا وعن أيمَانِنا وعن شمائِلنَا ومن فوقِنَا أعوذُ بعَظَمَتهِ أن نُغتَالَ من تحتِنَا، إنهُ، وحدَه، ولٍيّ ذلكَ والقادِرُ عليهِ.
آمِــــــيـــنْ.
سطره الفقِير إلى رحمةِ مَوْلاه، راجِي عَفوِه ورِضاه، ابُّــوه ولد محمّدن ولد بَـلبَلاَّه.
وأخْتِـمُ قَولِي بالصّلاةِ عَلَى الذِي...شَفَاعَتَهُ أرجُو عَنَيْتُ مُحَمَّدَا.
(ولد حَامِدُنْ).