د. عبد الله السيد (*)
بالرغم من الترسانة القانونية، والتقدم الكبير في دساتير الدول فما زالت العبودية والتمييز العنصري قائمين في كل بقاع الدنيا بنسب متفاوتة؛ لذلك توجد منظمات كثيرة تنشط في متابعتها، ومحاربتها، وتنشر يوميا تقارير عن ممارسات باسم تجارة البشر، أو التمييز العنصري، أو معاداة السامية في هذه الدولة أو تلك، ولا تنجو الولايات المتحدة الأمريكية، ولا المملكة المتحدة، ولا فرنسا، ولا سويسرا من وجود ممارسات من هذا القبيل بشكل مخالف للقوانين، يتم الإبلاغ عنها، ومتبعتها قضائيا دون ضجيج إعلامي كبير.
من هنا يكون الخطاب الأخير للنائب برام الداه اعبيدي لا يحمل ما يستحق هذه الردود الكثيرة؛ خاصة إذا استحضرنا السياق الذي جاء فيه؛ وهو تسليم الرجل "درع الشجاعة" من منظمات لها خلفياتها المعروفة، في الشهور الأولى من تولي قيادة جديدة لبلد، قد تكون له مكانة، بفضل موارده وموقعه، ونظرا للديناميكة التي أظهرتها قيادته الجديدة في التعاطي مع مختلف الملفات داخليا وخارجيا...
لذلك فالخطاب مجرد زوبعة في وجه هذه القيادة الجديدة؛ ترفع "فزاعة التمييز العنصري"، و"العبودية"؛ مثلها مثل الزوابع التي رفعت ترجمة "لغة الحوارالشفهي في البرلمان"، أوحرية "المعتقد وممارسة الشعائر الدينية"؛ لذلك ينبغي محاربتها عمليا:
أولا: بالتصدي جماعيا وفرديا لكل أنواع العبودية والتمييز العنصري ومحاربتها داخليا وخارجيا. ولابد من تحديد المفاهيم وتدقيقها حتى يأخذ طريقه إلى العدالة من يصف مجتمعا كاملا أو فئة منه بممارسة العبودية أو العنصرية ، تماما كما يأخذها من يصف شخصا بوصف استعبادي أو عنصري.
ثانيا: في غياب المدرسة الجمهورية على الحكومة أن تزيد وتيرة عملها حتى تطور الإعلام الرسمي المحلي، وتشيع متابعته، وتختار برامجه بشكل يضمن الوحدة والانسجام بين مكونات المجتمع.
ثالثا: ينبغي انطلاق مشاريع محاربة الغبن، بالتمكين للفئات المحرومة، ومحابة آثار العبودية عن طريق:
- تجريم ظاهرة عمل الأطفال في المدن والقرى والأرياف وفرض تعليمهم.
- فتح مراكز لمحو الأمية وتعليم الكبار تكون تابعة للتعليم المحظري في وزارة التوجيه الإسلامي.
- تجريم ظاهرة التسول ومحاربتها بالتكفل بالمتسولين المحقين.
رابعا: على الهيئات الحقوقية الوطنية أن تزيد وتيرة عملها من أجل إبراز الوجه الحقيقي للدولة والمجتمع داخليا وخارجيا.
(*) مثقف وأكاديمي موريتاني كبير ومدير بيت الشعر في نواكشوط