إلى صديقي الشاعر الكبير سدوم ولد أيده، تلبية لدعوته التي غبت عنها بسبب وجودي خارج الوطن
اتقوا الله
اتقوا الله في شعبكم المسلم الطيب، الذي عاش على مدى عشرات - بل مئات- القرون، متحدا منسجما متضامنا متكاملا متكافلا {ذرية بعضها من بعض}!
لماذا تبذلون قصارى جهودكم في تمزيقه إربا إربا، ومللا ونحلا، وطوائف وأعراقا، وفئات وشرائح، وتنشرون الكراهية والعداوة والبغضاء بينه، بدل أن تستخدموا هذه الطفرة التكنولوجية الإعلامية الجديدة في توطيد وحدته وتوثيق عراه وتعزيز لحمته، وتهذيبه وصقل معدنه النفيس الأصيل؟
ألا تخجلون من الله ومن الناس؟ ألا تعلمون أنكم - بهذا العمل غير الصالح- تتعدون حدود الله، وتنتهكون أوامره في أهلكم وشعبكم، وتخونونه وتخونونهم في سبيل عرَض من عروض الدنيا، تنفيذا لأوامر أعداء الله وأعداء الوطن؟
أتحبون أن تشعلوا نار الفتنة بين أهلكم فيقتل بعضنا بعضا {والفتنة أشد من القتل} وأن نصبح دولة فاشلة لا قدر الله؟
على كل حال هناك مآخذ في هذا الشأن على أولي الأمر وعلى النخبة، يجب ذكرها؛ وهي:
*أن الإفلات من العقاب، وتعطيل القوانين المجرّمة للعبث بوحدة وأمن وكرامة الشعب، يعدان بمثابة مشاركة في هذه الجريمة؛ فـ"السفيه إذا لم ينه فهو مأمور" لقد كان يجب على النيابة العامة وقوى الأمن مباشرة البحث عن صاحب شريط تكفير إيگاون ومتابعته، مثلما كشف وتوبع أصحاب أشرطة الكراهية ضد البيظان. وما كان ينبغي كذلك، ولا ينبغي - من الآن فصاعدا- تعطيل القوانين التي تحظر قيام الأحزاب والجمعيات العرقية والدينية والشرائحية.
* هناك تقصير مخل (إن لم نقل: إهمال) من طرف وسائل الإعلام الرسمية ومختلف أجهزة الدولة، في استباق ومواجهة خطر هذه الدعايات السامة، بأفكار تنويرية وطنية وديمقراطية جمهورية. فما هي الغاية من الإذاعة والتلفزة والوكالة الموريتانية للأنباء و"الشعب" و"أوريزون" والمدرسة إن لم تكن مكافحة الفتنة والعنصرية والشرائحية الرجعية، وبثَّ الوعي الوطني الديمقراطي، والذب عن كرامة المواطنين ووحدة الوطن؟! وأين واجب المسجد والمحظرة والطرق المستنيرة والأحزاب السياسية والنقابات؟
أما الإعلام الحر فحدث ولا حرج.
* ومما لا شك فيه - مع الأسف- ومن الممكن رصده بسهولة، عن طريق الممارسة، أن الخطاب السياسي والثقافي لمعظم ساستنا ومثقفينا {إلا من رحم ربك} خطاب خشبي آني ومجامل، هدفه الاستهلاك الآني، ثم ينسلخ منه صاحبه حالما يخرج من الاجتماع أو ينتهي من كتابة - أو تلاوة- خطابه، ويعود إلى سجيته الإقطاعية الجاهلية التي لم نخرج نهائيا من شرنقتها بعد.
يتبع بإذن الله