د. عبد الله السيد (*)
من الطبيعي أن تتعدد الآراء، وترتفع المطالب مع اقتراب مؤتمر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ لأغراض ودواع شتى.
لكن لا ينبغي أن يكون الشعار مجرد وجود ظهير سياسي لخدمة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ لأن هذا الظهير قائم بدليل نجاح الرئيس في الشوط الأول؛ بنسبة معتبرة.
إن الظهير السياسي الذي يحتاجه الرئيس ليس الظهير القائم على مجرد الولاء، ولا ذلك الذي يصور للرئيس أن جميع السياسيين الآخرين أعداء لمشروعه، وأنه وحده من يمسك عنه السماء أن تسقط عليه وعلى مشروعه...
يحتاج الرئيس إلى نخبة سياسية تشاركه الولاء للوطن، وتقاسمه قيم الأمانة والصدق، وتنافسه السهر على تسيير الحكومة والإدارة، وتتبع مشاكل المواطن، وأوجاعه، وطموح شبابه ونخبه...
يحتاج قوما لا يصرخون نقدا وتخوينا إذا لم يخظوا، ولايتغنون مدحا إذا ما حظوا... يحتاج تأسيس حزب جمهوري، تماما كما يفتقر إلى بناء مدرسة جمهورية، ومستسفى جمهوري، ومصنع جمهوري، ومواطن جمهوري... وبدون ذلك ستبقى الأحزاب فسيفساء من التناحر القبلي والجهوي والفئوي يؤسسها الطمع والخوف، ويفرقانها.
يحتاج الرئيس تأسيس إدارة جمهورية معيار الترقي فيها واضح ومعلوم، وليست له علاقة بالولاء لهذا الحزب أو ذاك، ولا لهذه الجهة أو تلك، ولا لهذه الشريحة أو تلك؛ وبذلك يؤسس أطرا وطنية وفي نفس الوقت تتأسس أحزاب سياسية حقيقية.
يحتاج الرئيس إلى أن يكون أكبر أحزاب الأغلبية قائما على الديموقراطية في نصوصه، وطواقمه، وموجهاته؛ ليكون حزبا سياسيا قادرا على الإسهام في إصلاح التعليم والصحة، ومحاربة الأمية والجهل، وعلى إرساء دعائم الحوار بين أطراف الطيف السياسي.
نعم ليس هذا الأمر سهلا كل السهولة؛ فبنية الحزب القائم بنية معقدة، تتجاذبها أجيال متباينة، من مراحل حزب الشعب، وتنافس الحركات السياسية ذات الأبعاد الأيديولوجية، وتدافع نظام هياكل تهذيب الجماهير، والتشبث بأساليب الحزب الجمهوري؛ فضلا عن أرتال الباحثين عن التعيين والتوظيف، والاستفادة، والمتسترين من كبار رجال الأعمال على أساليب أكل المال العام عن طريق الصفقات مع الدولة... وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله.
ومع ذلك يمكن إصلاحه ليكون حزبا نموذجا ديمقراطيا وجمهوريا؛ معيار الترقي فيه الوطنية والكفاءة السياسية، والتضحية مما يكسب الفرد حب القواعد وأصواتهم؛ وبذلك وحده يكون الحزب ظهيرا سياسيا مفيدا للرئيس وللوطن.
(*) مثقف وأكاديمي ومدير بيت الشعر في نواكشوط