د. عبد الله السيد (*)
في عالم مضطرب استطاعت خبنا، بفضل الله وعونه، أن تنظم انتخابات وفق مقتضيات الدستور والقوانين، وأن تجري انتقالا سلسا للسلطة؛ كان محل تقدير العالم وإعجابه؛ خاصة أن الرئيس الذي سلم السلطة أكدعدم طموحه لشغل وظيفة سياسية، أو تكرار نموذج من نماذج العودة إلى الحكم، وأن الرئيس الذي تسلمها عاهد على النهوض بالبلد، وتنفيذ برنامج طموح شامل؛ يتضمن حوار جميع الفرقاء، واحترام كل مراحل تاريخ الدولة.
فلماذا لا نتفاءل خيرا بهذا، ونتورع عن إشاعة ما يضرنا ولا ينفعنا؟ وبتعبير آخر: ماذا نستفيد من إشاعة إفلاس "الخزينة"، والصراع بين الأغلبية، ومحاولة تغيير علاقة الرئيسين، الجديد والسابق، من الصداقة إلى العداوة؟ وغير ذلك من الإشاعات المضللة التي لا تخدم البلد.
إنه من الأحسن للمعارضة أن يكون الرئيس الجديد وحكومته امتدادا للعشرية الماضية، حتى يظل خطابها في التغيير قائما، وكذلك من الأفضل للأغلبية أن تكون قد حصلت على ثقة غالبية الجماهير بعد تلمس مطالبها في التغيير، ووضع برنامج يستجيب لتطلعاتها؛ وبالتالي تستمر الأحزاب، ويبدأ الحوار، وتتطور العملية الديمقراطية والتنموية.
أما أن نتوجه بخطابنا نحو خلق مزيد من الصراع عن طريق الإشاعة فهذا لا يخدم الأغلبية ولا المعارضة ولا الوطن.
وقصارى القول أننا بحاجة إلى رئيس يجمع ولا يفرق؛ يسوس الأمر بحكومة متجانسة متكاملة متضامنة... رئيس يحافظ على الأصدقاء والعهود، كما يحترم الخصوم والمنافسين، ويحاورهم بصبر وحزم في سبيل توحيد الجهود لبناء وطن ذي بنية هشة؛ يمكن أن يعصف بها الاستخدام غير المسؤول للحرية.
كذلك فنحن في أمس الحاجة إلى نخبة تعي ما ينبغي نشره، وما لا تنبغي إشاعته وإذاعته؛ لأننا نعوذ بالله من أن نكون من الذين قال فيهم الله: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
(*) مثقف وأكاديمي موريتاني كبير ومدير بيت الشعر في نواكشوط