باباه ولد التراد
خلال هذا الموسم الانتخابي برزت إلى الوجود جهات معادية تحاملت بشدة على البعثيين بسبب أنهم توزعوا على الخريطه السياسية وأيدوا العديد من المرشحين لرئاسيات 2019 .
وبما أن هذا المسلك هو منهج الأعداء عادة فإنه يظل مفهوما ويزيد من ألق البعث ومناضليه ويعكس أهمية رأيهم وعمق قراءتهم للساحة السياسية ، إلا أن الأمر يصبح خطيرا ويحتاج إلى تبيين عندما يكتب أحد الرفاق العبارات التالية :
"ينسى أحدهم البعث والبعثيين وتجرفه موجة النسيان إلى أحضان تيارات الأنظمة المنافية لمشروع البعث في كل شيء ، ويوزع ولاءه بين العشائريين ورؤساء القبائل والتجار مؤمنا في قرارة نفسه بموت البعث وقيم البعث ثم يتذكر إحياء البعث ليرمي به في أحضان نسخة ثانية من نظام أهلك الأرض وانتهك العرض.... البعث أمانة وقناعة وليس سلعة للعرض في مزاد علني ."
والحقيقة أن هذا الكلام غير مقبول حتى من ألد الأعداء ، وينم عن عدم الاطلاع على بعض الخطوات والأدبيات القيمة التي اتفقت عليها قيادات التيار البعثي في موريتانيا في الاجتماع المنعقد يوم 12/3/2019 الذي ضم ممثلين عن الأحزاب ذات الخلفية البعثية في المعارضة ( الصواب) والموالاة (الكرامة ، والإصلاح) إضافة الى 16شخصية بعثية بارزة من ضمنها عضو "الرأي السياسي" الرفيق دفالي ولد الشين ، ورئيس "تيار الإحياء" الرفيق يحي ولد عالي ، ونائبه الرفيق الشيخ ولد الشواف .
حيث اتفقوا على أن لكل طرف من هذه الجماعات الحق في اختيار المرشح في الانتخابات الرئاسيه القادمة الذي يرى أنه يخدم الوطن وينسجم مع تطلعاته .
كما أنهم تفقوا على تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق بينهم ، وكلفوني برئاستها .
ومن هذا المنطلق فإنني وجدت من الضروري أن أنوه إلى فحوى ذلك الاجتماع لكي يتأكد للجميع أن الرفاق البعثيين قد اتخذوا مواقفهم السياسية على ضوء هذا المسار ، الذي يتأكد من خلاله أن أي تحامل على البعثيين في أي موقع أوتوجه يعد تجاسرا على الجميع وسيتم التصدي له من طرف كتاب الحزب الذين يتصدرون المشهد الثقافي في هذا البلد ، بغض النظر عن تباين المواقف الٱنية التي سيتم تجاوزها بعد أن ينتهي صخب الحملات الانتخابية ، اعتمادا على قوة المبادئ وكثرة المشتركات التي لا يمكن تجاوزها
حتى أن بعض القادة الحزبيين في ذلك الاجتماع قال :" إنكم أيها الرفاق ستحتاجون إلى جميع الأشخاص الذين صافحتموهم في السابق فكيف بمن حملوا معكم هذه الرسالة واشتركوا معكم في النضال " .
والواقع أن هذا المشترك العظيم كان سببا كافيا في كتابة بعض العناوين المؤيدة لجهات حزبية متباينة المواقف مثل : " وثبة الصواب مغالبة للتيار ونبذ للتجزئة " و " تيار الإحياء انتزاع البقاء وجسر للنهوض " .
ومع ذلك فإن الاختلاف بوجهات النظر إذا ارتكز على الضوابط الشرعية والأخلاقية حري به ان يكون ظاهرة صحية تغني العقل بخصوبة في الرأي، ورؤية للأمور من أبعادها وزواياها المختلفة ، " فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس" .
وهنا يتأكد للبعثيين أن التدرب على آداب الإختلاف لايمكن الاستغناء عنه، لأن الاسلام الذي هو ديننا يتسع إلى تلك الاختلافات التي لا تهدد البناء العام ، فيكفي أن تتوحد المواقف إزاء القضايا الكبرى ، أما الأمور الفرعية التي يساعد اختلاف الرأي فيها على الإرتقاء نحو الافضل فلا ضير فيها .
ومع ذلك فإن الطريق الأمثل لفهم الآخر والتعرف على مقاصده ورؤاه ، بعيدا عن الأحكام المسبقة التي تدفع إلى الشقاق والإختلاف، وتولد المزيد من الإحباط ، هو بدون شك اعتماد الحوار كوسيلة حضارية في التفاعل مع الآخرين .
وقد قعد ديننا الحنيف للحوار ، ورسم له الحدود والضوابط، ومنع كل ما من شأنه تهميش هذه الوسيلة أو التقليل من حيويتها ، حيث.يقول مؤسس علم الأصول الإمام الشافعي في قاعدته المشهورة : " رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ".