في 9 مارس/آذار 1897، توفي السيد جمال الدين الأفغاني الذي يعد من أبرز من دعوا للثورة ضد الاستعمار ومواجهة التخلف في العالمين العربي والإسلامي .
فمن هو السيد جمال الدين الأفغاني؟
ولد جمال الدين الأفغاني عام 1838 في بلدة أسدآباد غربي العاصمة الأفغانية كابول. ويحمل لقب سيد لانتماء أسرته للأشراف.
ولأن الأفغاني كان متفوقا دراسيا منذ طفولته فضلا عن إجادته عدة لغات من بينها العربية وصل في شبابه لمناصب بارزة أهمها موقع رئيس الوزراء في أفغانستان في عصر الملك محمد أعظم خان الذي تولي الحكم عام 1862 ، ولكن وقعت حرب أهلية انتهت باحتلال الأمير شير علي خان (شقيق محمد أعظم خان) والمدعوم من البريطانيين لكابول عام 1868.
وعقب ذلك رحل الأفغاني إلى الهند حيث فرض الإنجليز حصارا حول بيته لمنع لقائه بالعلماء و الأتباع المسلمين، وبعد شهر تم ترحيله عن طريق البحر إلى مصر.
ومن مصر اتجه إلى اسطنبول فأحسن سلطانها عبد العزيز محمود استقباله ثم انقلب عليه عندما شكك البعض في عقيدته ودسوا له عند السلطان بزعم أنه قال إن النبوة تنال بالاكتساب، فعاد الأفغاني لمصر.
عندما وصل الأفغاني إلى مصر في 23 مارس/آذار عام 1871 لقي ترحيبا من الدولة ومنحته الحكومة منزلا بخان الخليلي وراتبا شهريا قدره عشرة جنيهات.
الماسونية
في مصر انضم الأفغاني للحركة الماسونية التي رفعت شعار الثورة الفرنسية "حرية إخاء مساواة" وضمت صفوة المجتمع، بغض النظر عن الجنس والدين.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
Image captionعرابي
ولكنه عندما اكتشف علاقة قيادات المحفل بالاستعمار، قاد التمرد ضد المحفل الغربي، وأحدث انقساما في المحفل الماسوني بمصر حيث أسس محفلا ماسونيا شرقيا ارتبط بعلاقات مع المحفل الفرنسي، نظرا لمعارضة الفرنسيين لنفوذ الإنجليز في مصر.
وفي مصر، أيضا قاد السيد جمال الدين الأفغاني أول أحزاب الشرق الوطنية (الحزب الوطني الحر السري) الذي رفع شعار مصر للمصريين وطالب بالديمقراطية السياسية والتحرر من ديكتاتورية الحكم الفردي كما دعا للثورة ضد النفوذ الأجنبي.
يذكر أن أسماء بارزة مثل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي وعبد الله النديم برزت في المحفل الماسوني الشرقي ثم في الحزب الوطني الحر.
النفي
بعد تولي الخديوي توفيق الحكم في مصر وتحسبا لتأثير الأفغاني على الوضع السياسي قرر الخديوي الجديد نفيه في 24 أغسطس/آب عام 1879 إلى الهند.
وعندما بدأت الثورة العرابية في مصر عام 1882 نقل الأفغاني من بومباي إلى كلكتا حيث حددت السلطات البريطانية إقامته حتى انتهت الأحداث باحتلال الجيش البريطاني لمصر، وعندها سمحت له السلطات بالسفر إلى حيث يشاء فتوجه إلى فرنسا.
وفي باريس، نظم الأفغاني علاقة جمعية العروة الوثقى بالمنظمات الثورية في فرنسا.
يذكر أن جمعية العروة الوثقى السرية كانت قد تكونت في بلدان الشرق كي تحارب الاستعمار، وتدعو للتضامن الإسلامي والجامعة الإسلامية.
وكان الأفغاني رئيساً لهذه الجمعية فأصدر مجلة عربية في باريس تدعو لأهدافها، فصدرت مجلة العروة الوثقى، وكان الأفغاني مدير سياسة المجلة في ما كان الشيخ محمد عبده محررها الأول.
فى عام 1892 دعا السلطان العثماني عبد الحميد الأفغاني إلى اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية فاستجاب معتقدا أنه بمعونة السلطان يستطيع أن يضع خطة لجامعة إسلامية.
لكن سرعان ما انقلب عليه السلطان بعد ربط اسمه بعملية اغتيال حاكم بلاد فارس الشاه القاجاري ناصر الدين حيث قتله أحد تلاميذ الأفغاني، فقضى عامه الأخير شبه سجين في البلاط السلطاني. ويتردد أن طبيب الأسنان الذى كان يعالجه دس له السم فتوفي عام 1897 ودفن في اسطنبول.