منذ سنوات و الحديث عن مستقبل نفطي و غازي تواترت أشراطُ سَاعَاتُ اكتشافه وإنتاجه يجرى على ألسنة بعض الناطقين بإسم بعض الشركات الدولية العاملة فى المجال كما يشارُ و يُحَالُ إليه إجمالا لا تفصيلا و -تطمينا لا تطبيلا- فى مناسبات غير كثيرة من طرف بعض المسؤولين الرسميين الموريتانيين.
و لقد أحسنت الحكومة الموريتانية حين فضلت عدم "النفخ الإعلامي الكبير" حول الكميات المكتشفة و القابلة للاكتشاف من الغاز فى أعماق البحر خصوصا و أن بلادنا قد عَضهَا من قَبْلُ حَنَشُ تهويل النفط الموريتاني؛ذلك أن الأرقام المعلن عنها حتى الآن من كميات الغاز ليست قطعية بشكل نهائي و لا يمكن الجزم بالحجم الحقيقي لها حسب المختصين فى صناعة الغاز إلا بعد بضع سنين و إن كانت المؤشرات تبشر بأن احتياطي الغاز الموريتاني المشترك منه مع دول أخري و الحصري منه لموريتانيا سيشكل فى حده الأدنى رافعة مالية و اقتصادية "معتبرة"بالبلد.
و توحى المعلومات-المبشرات التالية حول استكشاف الغاز و إنتاجه بموريتانيا بأن البلد مقبل على "يقظة تنموية" أكيدة شريطة تأسيسها على قرار مكين من الحكامة الديمقراطية المنتجة للتداول السلمي على السلطة و الحكامة الاقتصادية القاسية و الصارمة فى مجال محاربة الفساد بشتى أنواعه و من أبرز المعلومات المُبَشّرِ بها:-
أولا-سرعة و توافقية مردودية استغلال حقل الغاز الموريتاني-السنغالي: ينوه المختصون فى مجال صناعة الغاز إلى أن متوسط الفترة الزمنية لاكتشاف و حفر و استغلال حقول الغاز لا تقل عن 14 سنة فى حين لن يستغرق مسار إنتاج الحقل الغازي المشترك بين موريتانيا و السنغال أكثر من عشر سنين (بداية التنقيب و الاستكشاف 2012-بداية الإنتاج2021).
و فى ما يتعلق بتسيير الحقل الغازي المشترك بين بلادنا و السنغال فيجدر التنبيه إلى توافقية الحكومتين الموريتانية و السنغالية على تناصف الإنتاج لمدة خمس سنوات فى انتظار أن تتم الدراسات الدقيقة المؤكدة لكميات الغاز المتواجدة بالمياه الإقليمية لكل بلد على حدة؛
أما بخصوص مردودية الحقل الغازي فيكفى الإشارة إلى رقمين أولهماأن فترة استغلال الحقل ستمتد إلى ثلاثين سنة قابلة للزيادة و ثانيهما أن الاحتياطي الإجمالي للحقل يساوى مجموع إنتاج دول القارة الإفريقية كلها من الغاز مدة سنتين.!!
ثانيا:شراء كافة كبريات الشركات العالمية لمقاطع تنقيب و استكشاف بالمياه الإقليمية الموريتانية: إن من المعلومات المبشرة على مستقبل غازي واعد بموريتانيا اهتمام الشركات العالمية المعبّرِ عنه بشراء كبريات الشركات العالمية المختصة لمقاطع تنقيب و استكشاف بالمياه الإقليمية الموريتانية كشركات BPوSHELLوTOTAL و EXXONmobilو COSMOS،....و هي شركات لا تتواجد عادة إلا حيث المَظَانُ شبه المؤكدة لكميات غاز قابلة للتصدير لفترة معتبرة.
و من الأدلة على هذا الاهتمام باحتمالات تواجد الغاز بالمياه الموريتانية أن كافة المقاطع بالمياه الإقليمية الموريتانية تم شراء رخص لتنقيبها و استكشاف الغاز بها و أن عائدات بيع رخص التنقيب تلك فاقت متوسط عائدات حقل شنقيط النفطي الذى شهد تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة.
ثالثا- الحديث الإعلامي عن اكتشاف حقل غاز معتبر متواجد حصريا بالمياه الموريتانية: يتزايد الحديث عن اكتشاف حقل غازي ذى احتياطي معتبر بالمياه الإقليمية الموريتانية يسمى "بئر الله" موازاة مع اكتشاف حقل غازي أخرى معتبر بالمياه الإقليمية السنغالية يسمى "YAKAR TERANGA".
و إذا كان دخان هذا التسريب الإعلامي حول هذا الحقل يشى بعمل استكشافي غازي متقدم فإن الكميات المعلن عنها يتعين التعاطى معها"بأصابع الجراح" لأن تأكيدها حجمها الحقيقي يتطلب سنينا عددا،
رابعا- تزايد التواجد الدبلوماسي الغربي بموريتانيا: يعتقد بعض المراقبين أن اعتماد سفارة دائمة للملكة المتحدة-بريطانيا بنواكشوط و زيادة عدد طاقم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية و تشييد مبنى كبير لها و تزايد الحفاوة بالنموذج الديمقراطي و الأمني و التنموي الموريتاني بالمحافل الدولية كلها مؤشرات اهتمام دبلوماسي بالبلد يساهم مستقبل التصدير الغازي ضمن جهود سياسية و أمنية و اقتصادية وطنيةمقدرة و معتبرة إسهاما غير قليل فى صناعة و تشكل ذلك الاهتمام؛
خامسا-توفر و كفاءة المصادر البشرية الموريتانية المختصة فى المحروقات: تؤكد مصادر عليمة بمجال استخراج الغاز أن البلد يتوفر على مصادر بشرية كفوءة مختصة فى المجال آية ذلك نوعية عقود تقاسم الإنتاج التى تنبئ عن خبرة المفاوضين الفنيين الموريتانيين و تستفيد من أغلاط يشاع أنها شابت عقود تقاسم الإنتاج فى مجال استخراج بعض المعادن ضف إلى ذلك إدارة فروع بعض الشركات العالمية العاملة فى المياه الإقليمية الموريتانية من طرف كفاءات وطنية كما هو الحال بفروع شركات BPو COSMOS،...
المختار ولد داهى،سفير سابق